أكد المؤرخ المغربي، العميد محمد القبلي، مدير المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، عشية يوم الخميس 19 يوليوز الجاري، خلال فعاليات خيمة الإبداع بموسم أصيلة الثقافي الأربعين، والتي خصصت لتكريمه كواحد من أهم أعلام التأريخ المغربي من طرف مجموعة من المؤرخين المغاربة الذين يقدرون قيمة وإسهامات هذا الباحث والمؤرخ، أن الصحراء هي التي أنجبت المغرب الأقصى قبل أن ينفتح على حضارة المتوسط وإفريقيا، مدللا على ذلك بكون ميلاد المغرب الأقصى في العصر الوسيط تم على يد المرابطين الذين أسسوا لدولتهم في الصحراء قبل أن تتحول إلى معبر نحو أوروبا وإفريقيا، وهو ما يدحض حسب القبلي، كل المناورات التي تنازع في مغربية الصحراء.
ولم يفت مدير المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، التنويه بمسار جامعة المعتمد بن عباد الصيفية التي اعتبرها منتدى أعلى للثقافة، بتداولها في قضايا راهنة وطنية ودولية، في ظل تقاعس الجامعات التقليدية عن أداء مهامها الثقافية وفي ظل غياب مجلس أعلى للثقافة الذي كان الاقتراح الأول لإنشائه قد تم من طرف الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، محمد بن عيسى، عندما كان وزيرا للثقافة، وهو المشروع، يضيف القبلي، الذي لم يجد طريقه إلى التفعيل إلى يومنا هذا رغم مرور عقود على اقتراحه وإنشاء لجنة وزارية للإشراف عليه كان يرأسها شخصيا.
ومن جانبه قال محمد بن عيسى، الأمين العام لمنتدى مؤسسة أصيلة، أن انكباب الأستاذ محمد القبلي، الباحث الذي تتسم أعماله بالصرامة العلمية والنظرة الشمولية للمواضيع التي خصها بأبحاثه التأسيسية، على دراسة العصر الوسيط في بلاد المغرب، واختياره أطروحته لنيل دكتوراه الدولة، لتعد بشهادة أهل المعرفة من الدراسات الرائدة في تاريخ المغرب في ذلك العصر، «فيه تمازج متشابك بين أزمنة وأمكنة وأحداث وصراعات وتقلبات واضطرابات».
وأكد بن عيسى، في كلمة تقديمية لليوم الدراسي التكريمي للعميد محمد القبلي بمناسبة انعقاد جامعة المعتمد بن عباد الصيفية الـ33، في إطار فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي،»الذي سبقنا إلى تكريم الأستاذ القبلي ونبهنا إلى قامته الأكاديمية ونزاهته الفكرية ووطنيته الصادقة هو جلالة الملك محمد السادس حين أسند إلى الأستاذ الجليل مهمة علمية وإدارية بالغة الأهمية، وعينه مديرا للمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب».
وأوضح أن جلالة الملك أمر بإحداث هذه المؤسسة البحثية المستقلة غير المسبوقة لتتولى إعادة كتابة تاريخ المغرب على يد مختصين، وفق مقاربة وآليات توافقية ومنهجية علمية مضبوطة، عالجت الإشكالات التي واجهت الباحثين الذين اشتغلوا في هذا الورش الوطني الفريد، وهو «ورش علمي يعتبر إحدى العلامات المضيئة في عهد ملكنا الهمام، في سعيه لتحديث المغرب، وتحرير طاقاته من قيود الماضي المكبلة».
وذكر بأن الأستاذ القبلي قاد فريق عمل من الباحثين في تاريخ المغرب ومن تخصصات أخرى ذات الصلة، بما هو معروف عنه في المحافل الجامعية من أخلاق وتواضع العلماء، واستطاع أن ينجز في زمن قياسي المهمة الموكلة إليه على أحسن وجه، والمتمثلة في إنجاز «تاريخ المغرب.. تحيين وتركيب» الذي صدر في أزيد من 800 صفحة وبأربع لغات.
وأشار إلى أنه بذلك «أصبح في متناول المغاربة كتاب ودليل مرجعي يعرفون من خلاله المسار السليم لتاريخهم الوطني، بكل ما فيه من نقط مضيئة ومحطات معتمة»، مضيفا أن «الإرث المشترك الزاخر أصبح ناصعا في المصنف الكبير الموجه للمختصين وأساتذة التاريخ»، والذي أضيف إليه «كتاب موجز» روعيت في تحريره المعايير التعليمية وأساليب العرض السلس الذي لا يختلف في جوهره عن المرجع الأصل.
يذكر أن محمد القبلي خريج جامعة السوربون في تخصص الآداب والتاريخ والدراسات العربية الإسلامية، شغل منصب عميد كلية الآداب بالرباط، ورئيسا لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، وجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، قبل أن يتم تعيينه في 2005 مديرا للمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب.
خيمة الإبداع بموسم أصيلة تكريم المؤرخ محمد القبلي: الصحراء مهد المغرب الأقصى، وكل نقاش حول مغربيتها خارج عن السياق التاريخي

بتاريخ : 23/07/2018