كثيرة هي الكوارث الغابوية التي تعرفها أدغال غابات «سنوال»، بإقليم إفران، وليس آخرها فضيحة ما تم ضبطه ب «سنوال الغربية»، على مستوى قطع (برسيلات) 14، 15 و16، ولم يكن متوقعا أن تشير أصابع الاتهام لتعاونية من تعاونيتين معروفتين بأفعالهما المفضوحة، وذلك خلال انتقال لجنة تحقيق إلى عين المكان لمعاينة أشغال تتعلق باستغلال قانوني في إطار عقدة مبرمة مع التعاونية المذكورة ومصالح المياه والغابات، بهدف تنقية المساحة الغابوية من الأشجار غير النافعة، بعد جردها وتقنينها ومراقبة عددها، فكانت المفاجأة كبيرة لدى أفراد اللجنة جراء الوقوف على عدد كبير من شجر الأرز التي تم إسقاطها وقطعها بطريقة غير قانونية، وتم دس أخشابها، بنية تضليلية، بين الأخشاب القانونية بهدف شرعنتها بالختم عليها قصد تهريبها بقناع قانوني.
وبينما تمت محاولة طمس القضية، لم يفت بعض المتتبعين تسجيل سعي تحركات مشبوهة للحيلولة دون تحرير محاضر او تقارير في النازلة، علما بأن المنطقة معروفة بالتجاوزات الغابوية، ولاتزال، منذ أزيد من سنة، دون مسؤول غابوي، بعد تجريد أحدهم من مهامه،» بطريقة غامضة، من طرف الإدارة الإقليمية للقطاع، وربما خارج تغطية الإدارة المركزية، لأهداف غير واضحة»، تقول مصادر محلية ، بينما يتخوف الجميع من طمس «الجريمة الغابوية» المعلومة، وغيرها من الجرائم التي لا تقل عما حدث بقطع (برسيلات) 19، 22، 24، 28 و29، ويكبر التخوف أمام أنباء تتحدث عن زيارة سيقوم بها أحد المسؤولين الغابويين المركزيين للإقليم في مهمة تنصيب رؤساء جدد بالقطاع وتبادل السلط.
ومعلوم أن غابات الأرز ب «سنوال»، الواقعة بنفوذ تراب إقليم إفران، تعتبر من أبرز المجالات الغابوية التي تتعرض يوميا لأبشع أشكال الاستنزاف والتخريب والاجتثاث الممنهج على يد شبكات منظمة وعصابات إجرامية تضع نفسها فوق القانون، في الوقت الذي تشكو المنطقة من النقص الملحوظ على مستوى الأطقم البشرية المعنية بحراسة وحماية الثروة الغابوية بهذه المنطقة المعروفة من بين أشهر المناطق الرطبة وطنيا، وتهديد الطبيعة بها بالفراغ يعني الحكم عليها بفناء توازنها البيئي.
وأكدت معطيات كثيرة ما يعرفه شجر الأرز العالي الجودة من تخريب ونهب بغابات «سنوال» الشرقية والغربية، الأمر الذي يفوت على خزينة الدولة مئات الملايين من الدراهم، علما بأن عدة لجن من المندوبية السامية للمياه والغابات، سرية منها وعلنية، زارت المنطقة للتحقيق والتفتيش في حقيقة وملابسات ما يجري، بناء على ما يتقاطر من شكايات ونداءات على مكاتب الجهات المسؤولة إقليميا وجهويا ومركزيا، ووقفت على ما تعرفه هذه الغابات من مجازر بشعة ومرعبة، بالأحرى التساؤل حول باقي أرجاء وأدغال نفس الغابة، وبنقط معينة لا تقل عن إيش أخوان، تلاغين، دادة موسى وغيرها من النقاط السوداء.
ومعلوم أن العديد من الرؤوس كانت قد سقطت إقليميا وجهويا بسبب ما تعرفه غابات «سنوال» من جرائم وتواطؤات مكشوفة، واختلافات واضحة بين ما يتم الإعلان عنه وما هو على أرض الواقع، فضلا عن نشاط المهربين للخشب بواسطة الشاحنات والدواب، ثم التلاعبات المعروفة عن بعض المستغلين الغابويين الذين يبرمون «اتفاقيات معتمة» لاقتناء شجر الأرز، والعصابات الاجرامية التي استباحت عرض هذه الغابات الواقعة بين تقاطع جغرافي مشترك بين إقليم إفران، خنيفرة وميدلت، حتى أن بعض ممثلي «جمعية مستغلي الغابات وأرباب المناشير بالأطلس المتوسط» عبروا عن قلقهم وامتعاضهم حيال ما تتعرض له غابة الأرز من استنزاف منظم، وكشفوا عما تقدموا به من نداءات وشكايات متكررة للجهات المسؤولة مركزيا لأجل الحد من نزيف التخريب الغابوي.
ويذكر أن إقليم إفران لوحده يحتوي على 48 ألف هكتار من أرز الأطلس المتوسط الذي يعد من أجود أنواع الأرز عالميا، مع ما يعرف عن هذا النوع من الشجر كثروة طبيعية ذات أبعاد اقتصادية وثقافية وتاريخية، مما يزيد من تخوف البيئيين من اندثار وفناء الغطاء الغابوي الذي يمثل 35 في المائة من مساحة إقليم إفران، يأتي شجر الأرز من أهم تشكيلاتها (65150 هكتارا)، سيما أن عملية التخليف تعرف بعض المشاكل والبطء في التنفيذ أحيانا، رغم وجود برنامج لتخليف شجرة الأرز بوتيرة ألف هكتار سنويا، وقد كشف أحد المستغلين الغابويين عما يفيد أن «مستودع البقرية» يحتوي على آلاف الأمتار المكعبة من مخلفات الاجتثاث الممنهج، ما يؤكد ارتفاع مظاهر الدمار بهذه الغابات وبشكل مهول وخطير.
استفحالها يطرح أكثر من سؤال : «مجازر» خطيرة بغابات الأرز ب «سنوال» بإفران ؟
الكاتب : أحمد بيضي
بتاريخ : 14/09/2018