في سياق المؤتمر العاشر لحزب الاتحاد الاشتراكي …

أحمد بومعيز

قد تتعدد القراءات القبلية ، أو حتى المرافقة للمؤتمر العاشر لحزب الاتحاد الاشتراكي المزمع تنظيمه مابين 19 و 21 ماي . و تعدد القراءات أملته وضعيات عدة ، منها ما يخص الحزب بذاته، ومنها ما يتجاوزه في سياق المعطيات الوطنية و الإقليمية التي أججتها المحطات الانتخابية و نتائجها و تداعياتها و تأثيرها . و بغض النظر عن أوراق المؤتمر والتحضيرات المواكبة و التداعيات الداخلية المرتبطة بالتنظيم و بأشياء أخرى ، يمكن هنا إبداء بعض الملاحظات التي نعتبرها أساسية في تأطير و محاصرة النقاش و القراءات .
إن اعتبار تراجع الحزب – انتخابيا – ب 20 مقعدا بالبرلمان في الانتخابات التشريعية الأخيرة بالمغرب سببه شكل و أسلوب التدبير للقيادة الحالية يعد تجاوزا للموضوعية ، فالمتتبع يدرك أن التراجع بدأ منذ نهاية ولاية حكومة التناوب ما بين 1998 و 2002 ، واستمر التراجع في نتائج المجالس و البرلمان سواء حين كان الحزب في الحكومة أو في المعارضة . مع الإشارة أن الانشقاقات الداخلية و الانسحابات التي واكبت فترة حكومة التناوب ( جزء من قيادة الشبيبة …الخيار الديمقراطي ..جزء من النقابة كدش ..حزب المؤتمر … جزء من الأطر بعدها .. الحزب العمالي ..البديل … تجميد مجموعة من الأطر لنشاطهم قبيل المؤتمر 9 و بعده ..) ..كلها كانت عوامل مسببة في تراجع الحزب . و هنا لا بد من الاعتراف أن أغلبية المنشقين و الأطر كانوا مساهمين و حتى مستفيدين من مرحلة حكومة التناوب التي شكلت فرصة أو غنيمة للعديد منهم .
التحولات التي عرفها المغرب و المحيط الجيو سياسي بعد نهاية القرن ما كانت لتمر دون تأثير على حزب يساري كالاتحاد الاشتراكي ، والذي ارتبط بالحركة الوطنية كركن من أركان شرعيته ، كما ارتبطت قياداته بالكاريزما التاريخية لقادته ، وما شكله الأمر من صعوبة بيداغوجية و سوسيولوجية و سياسية و تاريخية لإنتاج نخب شابة جديدة قادرة على القيادة .
فشل مشروع الكتلة الديمقراطية في الحفاظ على الوحدة الاستراتيجية نظرا لإكراهات المصلحة الخاصة بكل حزب و بكل نخبة ، حتى إن من أسباب فشل تجربة التناوب التوافقي سنة 2002 طمع حزب الاستقلال في قيادة الحكومة بعد التنكر و الطعن في نتائج الانتخابات التشريعية آنذاك .
القراءة و التفاعل مع موجة الربيع العربي بفعل عامل المفاجأة ، و الذي أدى إلى دستور 2011 – المتقدم نسبيا- لكن مع التوقيع لحزب العدالة و التنمية على شيك بموجبه إمكانية قيادة المشهد السياسي بالمغرب . و استبعاد حركة لكل الديقراطيين و حزب البام من المشهد . و هنا لا بد من الاعتراف ، بأن حركة لكل الديمقراطيين و حزب البام بعدها كان من الممكن أن يشكل دفعة قوية لمكونات الحقل السياسي و حتى الحداثي في المغرب لو لم يتم استفزازه وخلخلته من قبل الربيع العربي ، و خصوصا في شق ارتباطه بمؤسسه و مهندسه عالي الهمة ، رغم أن نفس الشخص عمل على تيسير مجموعة من الهياكل و المحطات بنجاح بعد تولي الملك محمد السادس سنة 1999 ، و نال وقتها رضا الجميع ( الإنصاف و المصالحة نموذجا ) . و العلاقة هنا بموضوع الاتحاد الاشتراكي هي أن نجاح حزب البام المفترض ، كان من الممكن أن يؤثر إيجابا على مسار أحزاب اليسار بمن فيهم الاتحاد الاشتراكي ، إذ كان من الممكن أن يشكلا حلفا و دينامية رغم التنافر الذي عبرت عنه بعض القيادات و الأطر آنذاك بشكل انفعالي .
المناخ العام الذي تعيشه الأحزاب الاشتراكية إقليميا ، و الدليل الجديد هو ما يشهده الحزب الاشتراكي بفرنسا بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة و التي قد تؤدي تداعياتها إلى تلاشي الحزب ، رغم ما شكله من قوة سياسية في تاريخ فرنسا ، مع التذكير بمكانة الديمقراطية الفرنسية في المشهد السياسي الإقليمي و الدولي .
و بغض النظر عن نجاح المؤتمر العاشر لحزب الاتحاد الاشتراكي من عدمه ، ورغم ما يشهده الحزب مؤخرا من مناوشات داخلية لا يمكن اعتبارها نواة للتصحيح و الإبداع ، أو الاختلاف في الرأي ، بقدر ما يمكن اعتبارها تشنجات آخر ساعة محكومة بالمصلحة في سياق الضعف التنظيمي للحزب ، بغض النظر على كل هذا ، فمصير الحزب مرهون بإمكانية إبداع منهجية جديدة تؤهله للانفتاح أو حتى الاندماج في ديناميات سياسية أخرى جديدة بالمغرب ضمانا لاستمراريته .

الكاتب : أحمد بومعيز - بتاريخ : 12/05/2017