أي استعداد للفاعلين السياسيين والاقتصاديين لتشجيع وتحقيق الاستثمار المنتج والعدالة المجالية والاجتماعية؟

إدريس العاشري
هل هناك أذن صاغية لتحمل المسؤولية الوطنية وتفعيل التوجهات الملكية السامية، خصوصا المتعلقة بالاستثمار المنتج الذي يُعتبر رافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني، وتحقيق انخراط المغرب في القطاعات الواعدة؟
إشارات قوية نجدها في الخطابات الملكية، وآخرها نص الخطاب الملكي السامي الموجه إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة للولاية التشريعية الحادية عشرة (الجمعة 10 أكتوبر 2025).
إذا كان المغرب يتميز بموقعه الجيوستراتيجي والاستقرار الأمني الذي يُعتبر ركيزة أساسية للإقلاع الاقتصادي وتشجيع الاستثمار، فإننا في نفس الوقت في أمس الحاجة إلى فاعلين سياسيين واقتصاديين ومجتمع مدني وطنيين يكون همهم المصلحة العليا للوطن قبل المصالح الشخصية والحسابات السياسية التي لا تخدم البلاد.
في هذا الصدد، لا بأس أن نتساءل: هل فعلا جميع الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة أو في المعارضة احترمت برامجها الانتخابية الجهوية، المحلية، أو البرلمانية؟
أسئلة عديدة يطرحها المواطن المغربي الذي يحلم بغد أفضل وكريم، يتحقق بتنفيذ مشاريع وطنية توفر فرص الشغل للشباب بشكل عادل وشفاف، وترشيد موارد التمويل لمختلف البرامج الاجتماعية والتنموية.
طموح وانتظارات لا يمكنها أن تتحقق إلا بتفعيل الميثاق الوطني للاستثمار الذي سيعطي دفعة ملموسة، على مستوى جاذبية المغرب للاستثمارات الخاصة الوطنية والأجنبية.
تفعيل الميثاق الوطني للاستثمار رهين برفع العراقيل، التي لاتزال تحول دون تحقيق الاستثمار الوطني .
من أهم ما جاء في الخطاب الملكي السامي ليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025:
” إن توجه المغرب الصاعد نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية يتطلب اليوم تعبئة جميع الطاقات.”
في هذا الصدد لا بأس ان نتساءل عن دور المراكز الجهوية للاستثمار المسؤولة عن الإشراف الشامل على عملية الاستثمار، في كل المراحل والرفع من فعاليتها وجودة خدماتها.
لتسريع مسيرة المغرب الصاعد التي دعا اليها جلالة الملك في خطاب العرش الأخير لا بد أن نستوعب ونفعل الإشارات التالية:
– أن تحقيق عدالة اجتماعية ومجالية تضمن استفادة جميع المغاربة من ثمار النمو.
– تكافؤ الفرص بين أبناء المغرب الموحد في مختلف الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
– اعتبار مستوى التنمية المحلية هو المرآة الصادقة التي تعكس مدى تقدم المغرب الصاعد والمتضامن .
على الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين أن يستوعبوا أن
تقوية ثقة المستثمرين في بلادنا، كوجهة للاستثمار المنتج، تدعو لتعزيز قواعد المنافسة الشريفة، وتفعيل آليات التحكيم والوساطة، لحل النزاعات في هذا المجال.
بالفعل والأكيد أن الاستثمار هو شأن كل المؤسسات العمومية والقطاع الخاص مما جعل جلالة الملك محمد السادس يؤكد على ضرورة تعبئة الجميع، والتحلي بروح المسؤولية، للنهوض بهذا القطاع المصيري لتقدم البلاد.
تعميم الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي للمغرب مسؤولية الجميع سواء كان القطاع عاما أو خاصا.
ويبقى الهدف الاستراتيجي، هو أن يأخذ القطاع الخاص، المكانة التي يستحقها، في مجال الاستثمار، كمحرك حقيقي للاقتصاد الوطني.
فالخطاب الملكي السامي أعطى أملا للمواطن المغربي الذي يحلم بغد أفضل، خصوصا وأن الهدف هو تعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات، وخلق 500 ألف منصب شغل، في الفترة بين 2022 و 2026.
رسالة قوية إلى الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والمجتمع المدني عندما نتمعن في ما جاء في الخطاب الملكي السامي :
“العدالة الاجتماعية ومحاربة الفوارق المجالية ليسا مجرد شعار فارغ أو أولوية مرحلية قد تتراجع أهميتها حسب الظروف. وإنما نعتبرها توجها استراتيجيا يجب على جميع الفاعلين الالتزام به ورهانا مصيريا ينبغي أن يحكم مختلف سياستنا التنموية. ”
فهل سيتحمل الفاعل السياسي والاقتصادي والمجتمع المدني المسؤولية الوطنية الجسيمة، لا سيما في الظروف الوطنية الراهنة، بما فيها خروج الشباب، جيل زيد، إلى الشارع مطالبا بالحق في التعليم، الصحة، الشغل، ومحاربة الفساد؟ مع التذكير أن هذه المطالب المشروعة، في جو سلمي، تُعد من المطالب الأساسية التي نعبر عنها في هذا المنبر الإعلامي الحر.
يجب ألا ننسى التحولات والتقلبات الجيوسياسية التي يعيشها العالم.
الكاتب : إدريس العاشري - بتاريخ : 14/10/2025