إحاطة أممية حول اللاجئين وعقد الدبلوماسية الجزائرية!

نوفل البعمري

كان مجلس الأمن على موعد، يوم 30 ماي 2024، مع تقديم المفوض الأممي السامي لشؤون اللاجئين لإحاطة استعرض فيها وضعية اللاجئين في مختلف مناطق النزاع وتأثيرات ذلك على حقوق الإنسان بشكل عام، وكذا التزامات الدول أمام الأمم المتحدة في ما يتعلق بحماية اللاجئين وطالبي اللجوء.
الإحاطة التي تم تقديمها لم تكن عادية بل كانت مرتبطة بسياق دولي متسم بالتوتر، وهو توتر تشهده عدة مناطق، منه ما هو مرتبط بالوضع العام الناتج عن النزاعات الإقليمية، ومنه ما هو مرتبط بمسؤولية عدة دول ممن تحتضن اللاجئين، على رأس هذه الدول نجد الدولة الجزائرية التي أصبحت اليوم محط مساءلة دولية بسبب الانتهاكات التي تحدث داخل أراضيها بمخيمات تندوف، والتي يتعرض فيها سكان هذه المخيمات لمختلف أصناف الانتهاكات الحقوقية من الحرمان من بطاقة لاجئ ورفض إحصائهم من طرف النظام العسكري الجزائري، إلى ممارسات تصل إلى توصيف لا يقل عن الجرائم ضد الإنسانية، وهي جرائم كلها ترتبط بعمليات إعدام خارج نطاق القانون، منها حدث حرق ثلاثة شبان وهم أحياء، وآخرها عملية قتل تعرض لها شبان من المنقبين على الذهب في محيط تندوف من طرف الجيش الجزائري، وفي ظل تواترها والاستهداف المتكرر للشباب خاصة من المنقبين على الذهب الباحثين عن فرصة للعيش تحت سماء جحيم مخيمات تندوف، تعتبر هذه الأحداث ممنهجة اعتباراً لكونها تتم داخل نطاق جغرافي محدد، وضحيتها هم سكان مخيمات تندوف، مما يجعلها تقع تحت طائلة القانون الدولي الإنساني خاصة اتفاقيات جنيف الأربع، والقانون الدولي الإنساني مادام أن طبيعة الانتهاكات التي تحدث هي انتهاكات للحق في الحياة.
إحاطة مجلس الأمن حول الموضوع في ظل سياقها المرتبط بالأحداث التي شهدتها مخيمات تندوف، يبدو أنها أحرجت المندوب الجزائري الذي بدل أن يقدم تقريراً عن مدى التزام بلاده بحماية ساكنة مخيمات تندوف، ويقدم التوضيحات اللازمة عن الأحداث التي تقع داخل المخيمات، اختار كالعادة سياسة الهروب إلى الأمام ليقدم عرضاً إنشائياً حول ملف الصحراء، ويحول مجلس الأمن إلى منصة تمرير العقد الدبلوماسية التي أصبحت متلازمة لدى الخارجية الجزائرية وسلوكاً مريضاً يعكس الأزمة التي يتخبط فيها هذا النظام، وعدم قدرته على الاشتغال بشكل طبيعي كأي دولة مدنية عادية داخل الأمم المتحدة، بحيث تم تحويل تواجدها كعضو غير دائم بمجلس الأمن إلى مناسبة لتصريف أحقاد النظام ضد كل ما هو مغربي، مستعملة سياسة سقوط الطائرة من خلال إقحام ملف الصحراء في كل الملفات التي تناقش.
إن تكرار هذه الوقائع هو ما دفع السفير المغربي عمر هلال إلى توجيه رسالة إلى مجلس الأمن يوضح فيها هذا الانزياح المرضي للدبلوماسية الجزائرية نحو طرف ملف الصحراء في كل مناسبة، منها حدث الإحاطة المعني بهذه الواقعة، بحيث حولها السفير الجزائري إلى فرصة للحديث عن طروحات بائدة حول ملف الصحراء، والتي أصبحت متجاوزة انطلاقاً من قرارات مجلس الأمن آخرها 2307، وهو ما أثار استغراب باقي أعضاء مجلس الأمن، وكان دافعاً إلى مراسلة عمر هلال للمجلس لفضح هذا التوجه المريض للدبلوماسية الجزائرية.
الأمم المتحدة، خاصةً أعضاء مجلس الأمن، لهم موقف واضح من ملف الصحراء، ولن يستطيع السفير الجزائري أو غيره التأثير فيهم ودفعهم للخروج عن منطوق قرارات مجلس الأمن، وهو موقف يسائل النظام الجزائري سواء من حيث مسؤوليته عن ملف الصحراء أو عن الوضع القانوني لساكنة المخيمات، وفي انتظار تقديم الأجوبة المُنتظرة سيظل المغرب ودبلوماسيته في حالة استعداد دائم للرد على كل استفزاز جزائري سواء داخل الأمم المتحدة أو خارجها!!

الكاتب : نوفل البعمري - بتاريخ : 03/06/2024

التعليقات مغلقة.