“من العاصمة”

محمد الطالبي

شهدت عاصمة المغرب في السنين الأخيرة مشاريع ملكية تنموية مهيكلة، جعلت من الرباط ليس فقط عاصمة إدارية وسياسية بل عاصمة للثقافة والأنوار وعاصمة إيكولوجية وبيئية، ما جعلها تحتل مكانتها اللائقة بها في مصاف العواصم العالمية.

لكن الملاحظ، أن مدينة الرباط تعيش مفارقة غريبة تتمثل في السير بسرعتين مختلفتين، على المستوى التنموي محليا وإقليميا وجهويا، وذلك بسبب طبيعة المنتخبين الذين شكلوا أغلبيات، إما أنها تنغمس في سبات عميق، أو ترزح تحت نير خلافات وصراعات حادة بل وتطاحنات سياسية عقيمة غير منتجة، في الوقت الذي أرسى جلالة الملك مشاريع تنموية مهيكلة بوأت الرباط مكانتها الوطنية والدولية ومنحتها إشعاعا رمزيا وسياسيا وجماليا وبيئيا وثقافيا، حيث أعطيت تعليمات ملكية للاعتناء بالشؤون الثقافية، مثل المسرح الفريد من نوعه والجزيرة الفنية المنتظرة والمتاحف التي فاق عددها الستة، والحدائق وملاعب القرب ومواقف السيارات تحت أرضية والأسواق، ورد الاعتبار للمدينة العتيقة، ومؤخرا، تم حل مشكل السير والجولان بإنجاز نفق عند مدخل المدينة وآخر بساحة باب الأحد وغيرها كثير غيرت وجه المدينة وأعادتها لساحلها بأحلى الصور، وفي المقابل وصل الأمر أن هيئة منتخبة للمدينة تجهل اختصاصاتها وصلاحياتها، ما جعل سلطة الولاية تتدخل عبر كتاب للمسؤول الجماعي تنبهه لاختصاصاته وصلاحياته في التدبير الجماعي.

لتذويب هذا التفاوت في الوتيرة التنموية،  مدينة الرباط تحتاج نخبا سياسية منتخبة كفؤة ومتمرسة على التدبير والتسيير المحلي والجهوي، لكي ترسخ تدبيرا تنمويا مندمجا ومستداما يتناغم مع المشاريع الملكية المهيكلة، نخب سياسية أصيلة متشبعة بالفعالية والنجاعة والإنتاجية والمردودية بعيدة عن الشعبوية والجدالات البيزنطية العقيمة من قبل نخب جاءت بها أمواج بلا تجديف…

 

 

الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 03/03/2021