البرنامج الحكومي.. و انتظارات الحركة الجمعوية، التربوية و الشبابية

محمد رامي

هيكلة التعهدات المرتبطة بالشباب تقتضي مزيدا من الاحترافية

سجل المتتبعون أن البرنامج الحكومي للولاية الحكومية السابقة ,سبق أن خصص ثلاث فقرات للمسألة الشبابية، تحت عنوان: « اعتماد إستراتيجية وطنية مندمجة للشباب »، تم التعهد من خلالها على جعل من قضايا الشباب أولوية استراتيجية، وأنه سيتم فتح حوار وطني شبابي متواصل وعدد من التعهدات، إلا أن الحكومة السابقة لم تف بما تعهدت به، سواء تعلق الأمر بجعل مسألة الشباب أولوية استراتيجية، أو دعم حضور الشباب في الميادين السياسية والجمعوية، أو ما يتعلق بالإستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب إعدادا وتنزيلا،أو إنشاء مجالس جهوية للشباب؛ متسائلين عن مصير كل تلك الالتزامات الحكومية؟.
ونبه معهد بروميثيوس للديمقراطية و حقوق الإنسان- معهد شبابي مغربي مستقل ويعمل على تقييم وتتبع السياسات العمومية – إلى كون الحكومة الحالية قامت بـ « ترحيل جزء من التزامات الحكومة السابقة إلى البرنامج الحكومي الحالي، وتحديدا ما يتعلق بتفعيل الإستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب، وتفعيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي؛ مشددا على أن « اعتماد مبدأ الترحيل هو من حيث الأصل تأكيد على الإخلال بالتزامات حكومية سابقة، ويسائل في العمق أخلاقيات العمل الحكومي في تدبير السياسات العمومية، بشكل يتطلب الوفاء بالالتزام أو التعهد ».
وأكد بروميثيوس للديمقراطية وحقوق الإنسان أنه من غير المفهوم أن يعتبر البرنامج الحكومي كون الشباب « يحتل موقعا مركزيا في البرنامج الحكومي، باعتباره يمثل ثلث المجتمع ورصيدا للوطن »، ثم يتوجه إلى هذه الفئة الأساسية في النسيج المجتمعي المغربي بإجراءين فقط؛ متسائلا ماذا لو لم يكن الشباب بمثل هذه الأهمية؟ حينها سوف لن يأتي البرنامج الحكومي على ذكر الشباب أساسا.
وتابع المعهد قوله إن التزام البرنامج الحكومي بتنزيل وتنفيذ الإستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب وفق مقاربة تشاركية، يسائل الحكومة في شفافية هذا الالتزام، خصوصا أن الحكومة السابقة قد حصلت على دعم مالي دولي من أجل تمويل تنزيل الإستراتيجية؛ لكن بناء على التقييم الذي أعده المعهد للإستراتيجية المذكورة، اعتمادا على مقاربة أشركت الشباب والهيئات الشبابية من مختلف جهات المملكة، وقع لدى المعهد تقدير بضرورة إعادة النظر كليا في هذه الإستراتيجية، حماية للمال العام، وحرصا على مبدأي الحكامة والترشيد.
وذكر المعهد الحكومة بشأن التزامها الخاص بتفعيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، لافتا إلى أن المعهد يطالب بسحب الصيغة الحالية لمسودة القانون المنظم للمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، وإدخال تعديلات جوهرية عليها (المسودة)، موردا أن مطلبه القاضي بفصل قطاع الشباب عن قطاع الرياضة كان سيجنب البرنامج الحكومي هذا الخلط بين السياسات ذات الصلة بالرياضة وبين السياسات الموجهة إلى الطفل وفئة الشباب؛ لأن المعهد لا ينطلق من حساسية تجاه قطاع الرياضة، أو تسفيهٍ للمجهود المبذول في هذا القطاع، ولا يختزل مشاكل الشباب في التخييم.
وأكد بروميثيوس أن قضايا الطفل في المغرب ذات بعد مصيري وتتطلب نقاشا مسؤولا، معتبرا أن إدراج الالتزام الحكومي بشأن السعي إلى تمكين مليون طفل من الاستفادة من البرنامج الوطني للتخييم، ضمن مجال الشباب؛ لا يقيم حدودا بين “سياسات عمومية” موجهة إلى الطفل، وبين تلك الموجهة إلى الشباب؛ علما أن المعايير الدولية بهذا الشأن واضحة، وبالتالي فإن هيكلة التعهدات المرتبطة بالشباب كما وردت في البرنامج الحكومي كانت تقتضي مزيدا من الاحترافية في بناء وثيقة مرجعية تؤطر العمل الحكومي لخمس سنوات مقبلة، من خلال الفصل بين السياسات الموجهة إلى الطفل وبين تلك الموجهة إلى الشباب، وبين ما يندرج كتعهدات أو التزامات ذات علاقة بالتخييم”.
وناقش المعهد مشروع « بطاقة الشباب »، مشددا على أن المشروع الذي تطلّب انفاق وقت طويل ومجهود كبير في إعداد تصور متكامل حوله، كان من الأجدى أن تجد له الحكومة موطئ قدم في البرنامج الحكومي، وتلتزم بتنفيذه في آجال معقولة.