التوتر الاجتماعي الكبير بفرنسا يضعف سياسة ماكرون الخارجية 2/2

باريس يوسف لهلالي

فشل اختيارات إيمانويل ماكرون برزت على الخصوص مع الحرب الروسية على أوكرانيا، وخطأ تقديراته في التعامل مع فلاديمير بوتين واعتقاده في الوعود المقدمة من طرف الرئيس الروسي، يقول كاتب الرأي الفرنسي لوك دو باروشيز « ماكرون فوت لحظة مع التاريخ، عندما فشل في إظهار ما كانت عليه أوروبا ذات السيادة قادرة على فعله في الحرب الروسية الأوكرانية».
وأضاف أن الرئيس الفرنسي «فشل في أخذ زمام المبادرة في دعم أوكرانيا، رغم أن فرنسا تولت رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي»، مسجلا أنه «لفترة طويلة كان ماكرون يعتقد أنه يمكن أن يؤثر على مسار الأحداث من خلال حوار حصري مع فلاديمير بوتين، ولم يقدر المدى الذي ستؤدي به الحرب إلى زعزعة التوازنات الأوروبية، كما أنه فشل في تشكيل فريق مع المستشار الألماني أولاف شولتز».
والنتيجة، وفقا للكاتب،» هي أن الولايات المتحدة، بالاعتماد على بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وبولندا وأوروبا الوسطى، تولت قيادة الدفاع عن أوكرانيا وبالتالي على أوروبا». وهو الدور الذي كان على فرنسا أن تلعبه.
وهو انتقاد لاذع لسياسة ماكرون الأوربية التي كانت عاجزة عن قيادة المبادرة في حرب فوق التراب الأوروبي ولجوء واشنطن إلى بريطانيا التي غادرت الاتحاد الأوربي، وإلى دول أوروبا الوسطى وعلى رأسها بولونيا من أجل وضع استراتيجية الحرب الأوكرانية الروسية.
واستمر كاتب افتتاحية «لوبوان» في انتقاد السياسة الخارجية لفرنسا، والتي يقودها الرئيس إيمانويل ماكرون منذ انتخابه معتبرا أن « التناقض بين الطموح المعروض وضعف النتائج لا يمكن أن يكون أقوى»، مسجلا أن أخطاء ماكرون في التحليل، «كما هو الحال عندما اعتقد أنه يستطيع ترويض دونالد ترامب، أو كبح جماح فلاديمير بوتين، أو إقناع أنجيلا ميركل، أو التوفيق بين الفصائل الليبية أو إخضاع حزب الله اللبناني، وهي كلها نتائج سلبية قوضت حصيلته». في السياسة الخارجية لبلده.
هذا بالإضافة إلى أن الكاتب رصد الأخطاء وردود الفعل المتسرعة في هذه السياسة أبرزها المواقف «المتغيرة» لماكرون، مثل قوله عام 2019 إن حلف شمال الأطلسي أصيب بـ»الموت الدماغي»، والتي «صدمت شركاء فرنسا وأضرت بسمعتها».
وأشار إلى الملفات التي فشل فيها الرئيس، من قبيل إلغاء أستراليا عقدا ضخما لشراء غواصات فرنسية لصالح الغواصات الأمريكية، أو مثلما أجبرته الانقلابات العسكرية في منطقة الساحل على وضع حد لعملية «برخان»( مكافحة الإرهاب )، التي أطلقها الرئيس السابق فرانسوا هولاند.»
هذا الفشل عكسته وضعية فرنسا اليوم، عسكريا وسياسيا، بمنطقة الساحل، بعد خروجها من مالي وبوركينا فاصو، وهي معاقل تاريخية لباريس بحكم الماضي الاستعماري، بالإضافة إلى تدهور سياسة باريس مع بلدان المغرب العربي، سواء سياسة شبه القطيعة بين باريس والرباط منذ أكثر من سنة، وسياسة الكر والفر بين فرنسا والجزائر دون أي استقرار، وسياسة غير واضحة تجاه تونس، وهي سياسة مرتبكة أفقدت فرنسا حلفاءها التقليديين بالمنطقة، وبصمت على حصيلة كارثية بالنسبة لسياستها الخارجية في السنوات الأخيرة.

الكاتب : باريس يوسف لهلالي - بتاريخ : 13/04/2023