الجماهير الكروية من الجماهير الشعبية

مصطفى المتوكل الساحلي

الجميع، شعبيا ورسميا بالمغرب ومختلف دول العالم، معجب ومتأثر بحماس الجماهير المغربية وتنظيمها وقوتها في تشجيع الفريق الوطني المغربي لكرة القدم، وحماستها ونصرتها لفرقها المحلية من الرائدة إلى الصغيرة، فتبدع في إنتاج الأناشيد والشعارات الشعبية المحبة والمحفزة والمحتجة، وتنظم حركاتها وأصواتها وعزفها على الطبول وكيفيات الأداء..
إن المهتمين والمتتبعين يعلمون أن غالبية المشجعين الذين تنقلوا من المغرب إلى قطر بأعداد كبيرة ينتمون إلى الطبقات الشعبية والكادحة، وهم بالوطن من يملأ مدرجات الملاعب متابعين تحركات فريقهم المفضل …
فهم بمونديال قطر سفراء في منتهى الروعة وبحماستهم الوطنية الكبيرة وتعبيرهم الصادق وترديدهم لشعارات محفزة للفريق الوطني ومناصرة للشعب الفلسطيني وسلوكهم وتواصلهم مع الجميع، يجسدون القيم الداعية للوحدة والأخوة المغاربية والعربية والإسلامية والعالمية …
حديثنا عن الجماهير هنا خاص لا يشكل إلا نسبة صغيرة أمام معناه العام الذي يهم الملايين من أبناء وبنات المغرب، الذين يتتبعون كل أمور وشؤون الوطن من مختلف نقط تواجدهم وبدول العالم ..إنهم بوطنهم يسعون بنفس الحماس ويرددون شعارات وكلاما مشتركا وتحليلا متقاربا لطبيعة أوضاعهم المعيشية في علاقة بطموحاتهم ومطالبهم وما يريدون أن يكون عليه البلد الذي يعيشون فيه بالوطن …
فالانتصارات التي تسجل تجيب عن بعض أسئلتهم ومتمنياتهم، وحماستهم القوية لاشك أنها تثير انتباه كل المسؤولين بالدولة بتتبع صادق لفريق كرة القدم وتسجيله للأهداف وتأهله في الدور الأول بمونديال قطر وإعجابهم وتعاطفهم وتأييدهم لسلوك جماهير المشجعين، حتى أطلق عليهم اللاعب رقم 12 في الملعب، فعلينا أن نلتفت إلى جماهيرنا المغربية الشعبية الكادحة والمعطلة والفقيرة ومنهم جماهير كرة القدم ومختلف الرياضات، لتحقق معهم ولهم الدولة انتصارات حقيقية شاملة مستدامة الوجود تتطور لتتلاءم مع المتطلبات المعاصرة في مجالات العدالة الاقتصادية والاجتماعية، وانتصارات بإدماج كل أبناء وبنات الوطن، بإشراكهم وجعلهم في قلب وجوهر التنمية بتنويع وتقوية فرص الشغل والإنتاج والمهام الوظيفية والحرة، انتصارات يصل زخمها وخيرها إلى كل ربوع الوطن بكل جماعاته الترابية وجهاته لترسي أسس الاستقرار، ترابيا، بما يتجاوب ومتطلبات خدمات القرب، اجتماعيا وصحيا وتربويا واقتصاديا، وعلى مستوى البنيات التحتية، بكل دواوير ومدن المغرب التي تصدح فيها جماهيرنا من أجل نجاحات فريقنا الذي ينتمي كل لاعبيه إليها عبر تاريخ كرة القدم …
إن ما يناضل من أجله شعبنا وأبناؤنا وشبيبتنا وأساتذتنا والشغيلة المغربية عموما بتنظيمهم لوقفات ومسيرات بما في ذلك فاتح ماي وتجمعات، وعند الضرورة إلى تنظيم إضرابات، ورفعهم لشعارات بالملاعب تطالب بالتغيير والإصلاح والغد الأفضل لشبيبتنا ومعهم أسرهم، هو من صميم ما انخرط فيه المغاربة مع الفريق الوطني لكرة القدم بقطر، إنهم يريدون بإلحاح الانتصار الكروي والانتصار التعليمي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي ترابيا …ففوزنا في الوصول إلى سياسة تسرع بخطوات قوية وراسخة لنتقدم حتى نكون في مصاف الدول العظمى، التي تفتح فيها أبواب النجاح والتألق والرخاء لكل الشعب، الذي لن يتحقق إلا بالتقليص الواجب من الفوارق الطبقية وإلغاء الفقر والخصاص والهشاشة حتى تصبح استثناءات يتم التصدي لها بالتكافل والتعاون، الذي قد يجعل المغرب دولة استقبال وإدماج وتشغيل المهاجرين الباحثين عن الشغل من إفريقيا والعالم العربي والإسلامي، وحتى من دول العالم ..وما ذلك على وطننا بعزيز، فحماسة الشعب وطنيا من أجل التقدم والازدهار للشعب والدولة يشمل كل المجالات ومنها الرياضة وكرة القدم …
الجماهير هي ملح المجتمعات ومستقبل الدول فإن تم تقديرها والتجاوب مع متطلبات عيشها الكريم فقد أحسن صنعا مع الناس ومع تاريخ العدل والإصلاح، فالشعب كتلة واحدة لاتقبل التجزيء، مطالبه واحدة ومواقفه مشتركة، والفرق في أن من أفراده من يرفع صوته معبرا عن رأيه ويصف أحواله ومشاكله في بعض المنظمات والهيئات المدنية أو بمدرجات الملاعب، ومنهم من يحدث نفسه فقط ويرفع شكواه إلى الله جل في علاه …
إن تقارير مؤسسات الدولة الوظيفية والاستشارية وقفت على الهشاشة والخصاص والفقر والتفاوت والأمية و…إلخ ، هو ما يعبر عنه حديث الناس في المجالس العامة : المقاهي والشوارع والأسواق واللقاءات الاجتماعية والخاصة، وأجمل أحوالهم اللجنة التي أعدت النموذج الجديد للتنمية والتي تواصلت معهم بمختلف ربوع الوطن، إن مضامين خلاصات رأي الشعب واحدة ومتكاملة تختزل في التشكي من عمق الأزمة والخوف من المستقبل والتعبير عن الرغبة للعمل جميعا من أجل تقدم الوطن وتحقيق الانتصارات اللازمة في كل الميادين لما فيه صالح المواطنين والمواطنات والدولة …

الكاتب : مصطفى المتوكل الساحلي - بتاريخ : 07/12/2022