الراية فرفرات في الكركرات

خديجة مشتري

أستسمح فناننا الشعبي الرباطي عذرا وأنا أستعير منه مقطعا من أغنيته الجديدة التي أرخ فيها لواقعة الكركرات المجيدة، في حفل رأس السنة الجديدة، فعلا لقد رفرفت الراية عاليا في سماء تلك البقعة العزيزة من أرض الوطن سنة 2020 ورفرفت معها انتصارات بلدنا ومنجزات أبنائه وتفوقهم، في سنة كانت استثنائية بكل المقاييس، فرغم أن الوباء اختار أن يحل ضيفا ثقيلا علينا منذ بدايتها، مؤثثا كل ركن من أركان الكرة الأرضية، شاغلا الناس وباثا الرعب في نفوسهم، إلا أنه كان دافعا قويا لكي يشمر المغاربة عن سواعد الجد والعمل، ويظهروا مدى تفوقهم واجتهادهم ونبوغهم، وقد استطاعوا أن يواجهوا تحدياته بعزم وشجاعة قل نظيرهما، ورأينا كيف توالت المنجزات والاختراعات والإبداعات في كل الميادين، بدءا من الكمامات التي واجه العالم كله في أولى شهور الوباء صعوبات حقيقية في توفيرها لساكنيه، لكن بلادنا، وبفضل عزيمة رجاله الوطنيين الصادقين، استطاع أن يوفر اكتفاء ذاتيا منها بل إنه أصبح يصدرها لباقي الدول، وتوالت الاختراعات التي أنجزت بأيد مغربية محظة فتم توفير كمامات ذكية تقضي على الفيروس تلقائيا وتوصل المخترعون إلى اختراع أجهزة للتنفس مغربية مئة بالمئة كما تم بناء، في مدد وجيزة، مستشفيات ميدانية في مناطق متعددة من البلاد لاستقبال المرضى المصابين بالفيروس وووضعت رهن إشارتهم مختبرات متنقلة لكشف الوباء، واستطاع الخترعون المغاربة تبوأ أعلى المراتب بإحراز ميداليات عديدة في ميدان الاختراع والابتكار، ولن ننسى لحظة اختيار العالم المغربي منصف السلاوي من طرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمساعدة في تنسيق العمل من أجل تطوير لقاحات وعلاجات لكوفيد 19، وبوكالة الناسا في الولايات المتحدة الأمريكية كان العالم المغربي كمال الودغيري في الموعد عندما كلف بقيادة أكبر إنجاز في مجال فيزياء الكم، وتفوق رشيد اليزمي، صاحب الـ160 براءة اختراع،على نفسه، باخترعه شاحن جديد يمكن من شحن بطارية السيارات الكهربائية في أقل من 20 دقيقة، ونالت المغربية هاجر مصنف، كأول عربية وإفريقية، جائزة الذكاء الاصطناعي.
وكان الأطباء والممرضون في خطوط المواجهة الأولى لمواجهة الوباء ولم يألوا جهدا في محاربته واستقبال المرضى الوافدين عليهم ليل نهار، وقاموا بمجهودات جبارة وبطولية بكلل تفان ونكران للذات، وهجروا بيوتهم وعائلاتهم تلبية لنداء الواجب والوطن، الأساتذة بدورهم وقفوا وقفة رجل واحد للمساهمة في تعليم أبناء المغرب الذين فرضت عليهم الجائحة البقاء في المنازل ، فكان الحل هو التعليم عن بعد الذي رغم عدم نجاعته مئة بالمئة إلا أنه كان حلا مناسبا في انتظار أن تعود الأمور إلى نصابها…
في بداية الوباء التف المغاربة حول بعضهم البعض وبرزت قيم التضامن والتآزر بينهم وعشنا لحظات مؤثرة بمختلف مدن المملكة كان أبطالها رجال الأمن والدرك والقوات المساعدة الذين حرصوا بكل تفان على تطبيق الحجر الصحي الذي فرض على المغاربة لمحاصرة الوباء والقضاء عليه، ورأينا كيف استطاعوا أن ينزعوا احترام المغاربة لما أبدوه من حب في خدمة هذا الوطن وخدمة أبنائه بكل اخلاص، وارتفع النشيد الوطني صادحا في الشوارع والدروب في لحظات مؤثرة قل نظيرها، كما كان لصندوق كورونا الوقع الحسن على النفوس بمساهمته في التخفيف من معاناة فئات عريضة من أبناء هدا الوطن الذين وجدوا أنفسهم بدون مورد رزق أو دخل يقيهم مرارة الحاجة وقلة ذات اليد بعد فرض حالة الطوارئ الصحية، كما برزت مبادرات لجمعيات أو أفراد وزعت خلالها مواد غذائية على المعوزين والمحتاجين بل تم التفكير حتى في الأجانب الذين لم يستطيعوا العودة إلى بلدانهم بسبب إغلاق الحدود فوزعت عليهم مواد غذائية وألبسة ومواد تعقيم، في بادرة تركت الأثر الطيب في نفوسهم…
أما بخصوص قضيتنا الوطنية فقد كانت السنة الفارطة هي سنة الصحراء بامتياز وحصد المغرب انتصارات واعترافات بمغربيتها من معظم دول العالم وتم افتتاح قنصليات عدة في الداخلة والعيون، ثم كانت وقعة الكركرات المجيدة التي طرد منها الانفصاليون شر طردة بدون إراقة قطرة دم واحدة، واعترفت الولايات المتحدة بمغربية الصحراء وتم الاتفاق على فتح قنصلية لها بالأقاليم الصحراوية المغربية مع استثمارات كبرى لشركات أمريكية وعالمية، وإبرام اتفاقيات مع مختلف دول العالم وتعاون في جميع المجالات مع دول إفريقية.
انتصارات ديبلوماسية كبيرة حصدها المغرب وإنجازات اقتصادية واستثمارات ضخمة، لن تزيدنا إلا فخرا وأملا في مستقبل أفضل لبلدنا، لكن يبدو أن تقدم المغرب ونجاحاته وصورته المتميزة على مستوى العالم جعلت البعض ممن يظن أن له أحقية التفوق في المنطقة المغاربية يخرج عن طوعه ويكشر عن أنياب البغض والحسد والغباء وبدأ في إخراج مسرحيات مبتذلة وهزلية عن معارك لا تدور إلا في خياله وانتصارات دون كيشوتية يحارب فيها طواحين الهواء، ظنا منه أنه أحسن الإخراج والتمثيل، لكنه لم يقم سوى بحصد السخرية والتهكم والاستهزاء من مختلف المنابر وأصبح غباؤه مضرب الأمثال.
في انتظار أن ننتصر على الوباء بشكل نهائي، وأن تزداد بلادنا تميزا وتقدما في القادم من الأيام، وكما عنونت مقالي هذا بمقطع من أغنية شعبية للفنان حجيب الذي عبر فيها فيها عن نبض الشارع المغربي واعتزازه بوطنه، في مبادرة منه يشكر عليها، أختم كذلك بمقولة من نفس الموروث الشعبي المغربي عن هؤلاء الخصوم الذين لن يهدأ بالهم ولن يتغير حالهم، فطالما يواصل المغرب طريقه بثبات وعزم، سيواصلونهم هم ومن يدور في فلكم، غيهم ومعاكستهم له لأن «الحال ما يشاور» !!!

الكاتب : خديجة مشتري - بتاريخ : 06/01/2021