السي حسن السوسي كما عرفته… 5/5
عبد السلام الرجواني
اخترت في هذه الحلقة ان افسح المجال لروح حسن الذي بعث من زنزانة 28 بسجن لعلو بعد ازدياد فدوى،برسالة بعنوان: رسالة الى فدوى وهي تعانق الحياة، بتاريخ 28 يناير 1981 اي بعد ثلاثة أسابيع بعد مولودها.
« كيف أخاطبك وأخاطب كل الأحباء؟ كيف أهمس في أذن الصغيرة «فدوى»؟
أعرف انها لا تجيد بعد « حرفة» الإنصات. لكنني أناشدك اقرأ في عينيها دهشة الفرحة والخوف ،، وهي تتطلع بين لحظة وأخرى الى سقف البيت،، الى المصباح الكهربائي، إلى فاطم،، إليك،، إلى كل حركة تدب بجوارها،،،
اقرأ في بريق العينين ان صمتها ليس شيئا آخر غير تجميع للقوى تأهبا واستعدادا لاكتشاف أسرار هذا العالم،، لمواجهة الحياة،، حلاوتها الممزوجة بالقساوة وقساوتها التي تنضح حلاوة وعبيرا،، والإنسان في عراكها»
المقطع الثاني من رسالة من السجن المدني بالخميسات بتاريخ 18 نونبر 1982
« وإذا كان لا بد لهذه الرسالة من موضوع، فسأجازف فأختزله في همسة إلى الصغيرة فدوى،، لكن مع رجائي ان لا تهيمن احساسات الغيرة عليك، أنت، وعلى فاطم، إذا خصصت هذا الحيّز للصغيرة، للمستقبل الواعد بالحياة.
فدوى: تحية وقبلة وبعد
كنت ساعة الرحيل تعلنين الخصوبة ،، وتصنعين عوامل المخاض.. فكان الرحيل وكان المخاض.. تمت الولادة..
لحظتها كتبت إليك: هنيئا «فدوى» وهمست في أُذنك بشتى الآمال والتمنيات رغم معرفتي انك لم تكوني بعد» تجيدين حرفة الإنصات» ورغم ذلك كنت أقول إنها تجيد الفراسة.
أنا حائر الْيَوْم كيف أخاطبك وقد بدأت غزوك للقاموس.. ما هي مصطلحاتك بعد ان تجاوزت الغمغمات الغامضة، والدالة في نفس الوقت؟ كيف نسجت نسيج الفرحة داخل العش ورسمت تفاصيل بحبوحة الدفء؟
تحياتي الى ابي فدوى وأم فدوى وكافة البراعم المتفتحة في المدينة، في تضاريس هذا الوطن»
هكذا كان حسن وفيا حتى الأجنة والصبيان، ولذلك حزنت فدوى لفقده حزنا لم اشهده على محياها من قبل. فوداعا رفيقي على ان نلتقي بروحك تخليدا لاربعينية رحيلك. سيرتك منقوشة في ذاكرتنا الجماعية وعطاؤك للوطن والشعب لا يقدره حق قدره سوى من عاشرك عن قرب في السراء والضراء. وتحية لأهل النيف وترابها الذي ابى الا ان يستعيدك بعد هجران طويل.
الكاتب : عبد السلام الرجواني - بتاريخ : 11/11/2020