الفصاحة الوطنية للسيد سعد الدين العثماني…

طالع السعود الأطلسي

إلى كل من يقرأ هذا المقال، في المغرب وخارجه، وحتى لمن لن يقرأه، أتتقدم بأطيب الأمنيات وأحر التهاني بمناسبة رأس السنة الميلادية 2021 التي يحتفى به غدا الجمعة فاتح يناير… وكل الأمل أن تكون السنة الجديدة أفضل من هذه، لا أقل ولا أكثر… فقط أفضل من هذه، حتى نعود إلى ما كنا عليه في تدافعات الحياة، ناقص هذا الوباء وهذا البلاء… ولكي ننصرف إلى التعاطي مع المستجدات النوعية، القوية والفاعلة في تحديات ومسار هذا الوطن الذي ندمن حبه… ولا نبالي…
يبدو أن تاريخ المغرب… هذا التاريخ الذي نعيشه… أدركته حركية متسارعة الأحداث… تاريخ حي، ديناميكي وعلى خط وواحد، ثابت، متواصل الانجازات الوطنية، لتحصين المغرب بهويته التاريخية والجغرافية… ولقطره نحو التقدم، رويدا ولكن، اضطرادا. تثبيت مغربية الأقاليم الصحراوية وتأمينها بالشرعية الدولية… هدف حقق المغرب فيه مكتسبات هامة وتوغل في طريق بلوغه… وهو الآن على مرمى تفاعل دولي مع الاعتراف الأمريكي بمغربية الأقاليم الصحراوية… في مواقف واختيارات دول… وفي اجتماعات مجلس الأمن…
القضية الوطنية، تمد المغرب بحقنات التجدد، بزخات من الارتواء الديمقراطي وبمضخات من الإنجاز التنموي… الاعتراف الأمريكي بمغربية الأقاليم الجنوبية الصحراوية للمغرب حدث فاصل بين ما قبله وما بعده في المسار الوطني والتنموي للمغرب… حدث بث شحنات تعبوية قوية في النسيج الوطني المغربي… أعاد ترتيب الأولويات والاصطفافات… شحنات لحمت الصف الوطني وأصحت الضمير الوطني وأججت الإجماع الوطني…
كيمياء تاريخية جديدة، نوعية… تسري في المغرب. الوطن يزهر بالوطنية… الوطن يزهو بمواطنيه مستنفرين حماسهم لترصيد مكتسبات الوطن، لإعلائها طاقة دافعة لاقتحام المستقبل…
جلسة الاثنين الماضي، في مجلس النواب، المخصصة لمساءلة رئيس الحكومة في السياسة العامة… قدمت لكل من تابعها، معها بحماس أو ضدها بضيق… صورة المغرب الواحد والمتعاضد…
شهدنا، وشهد المهتم منا كما المهموم بنا، إجماعا من كل مكونات المجلس المنتخبة شعبيا، على تثمين تطورات قضية الصحراء المغربية بالبصمة الأمريكية عليها، كما في تداعياتها والمتصلات بها…ليس هذا كلام سياسي للاستهلاك… الإدارة الأمريكية تستكشف للرأسمال الأمريكي مواقع الاستثمار والربح… والقنصلية العامة الأمريكية بالداخلة المخصصة للنشاط الاقتصادي عنوان وأداة لطموح استثماري عريض أمريكي وبالتبعية أوروبي، قاعدته الصحراء المغربية وأفقه إفريقيا… إنه تحول نوعي للعلاقات الأمريكية المغربية… حيث الاقتصاد سيتمدد فيها إلى جانب أبعادها الاستراتيجية التقليدية… ولكل هذا ما بعده وتأثيره على وضع المغرب في المعادلات الدولية ويفتح له آفاقا لا شك ستفعل ايجابا في مساره التنموي.

وقفنا، في تلك الجلسة، حضوريا أو عن بعد، اعتزازا برئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني… وهو يؤدي خطابا قويا، مفعما بالوطنية، واضحا وقد كان فيه فصيحا… أفصح فيه عن وطنية خالصة وصافية تشرفه وسرتنا… خطابه، بنبرته وبمحتواه، كان تحديا واضحا لهجومات استهدفته… من ذوي القربى بقذائف حزب-حزب، كما تعرض من ذوي قرابة إيديولوجية لقصف من منصات سنية صديقة، ووجهت له طلقات شيعية من “ميادين” بيروت… هجمات رمت إلى اغتياله معنويا… الرجل بدا غير مكثرت بكل ذلك… محصن ضد كل ذلك بوطنيته وبمغربيته، متدثرا بإرادة وتوجيهات ملك البلاد ومستشعرا حماس وتفاعل كل الشعب… ملحا على إعلاء التوجهات الملكية… التوجهات بكل عناصرها وكل آلياتها والمتكاملة في ما نحن بصدده سياسيا هنا والآن… من مداخل هامة إلى طور نوعي في التدبير السياسي الوطني.. غالب محاولة تحجيمه، وضع مصلحة الوطن فوق كل حساسياته وحساباته.
الفاعل السياسي الوطني سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة ورئيس حزب العدالة والتنمية، الحزب الأول في الأغلبية الحكومية… بالتأكيد لن يكتفي بذلك الخطاب في ما المغرب مقبل عليه من تطورات هامة ونوعية. إنه سيكون أمام سؤال التأقلم مع مستجدات مسارنا التنموي الوطني بمساهمة نوعية فيه، وبتدبير نوعي مناسب… هو رئيس حزب بوزن انتخابي معتبر، ورصيد ممارسة حكومية تقارب العقد من السنوات.. هو، اليوم، أمام ضرورة حيوية لتغيير برمجيات الحزب ولوغريتماته وتجديد شبكته المفاهيمية… لاشك أن قواعده ونخبته ستطرح أسئلة وجودية سياسية وليست فلسفية… وقد بدأت أصوات تسمع في الحزب تتحدث بإيقاع ومراجع من خارج الشرنقة الإيديولوجية… الفصاحة الوطنية للسيد العثماني ستكون له مددا في هذا التحدي… أيضا روابط الحزب مع الحاضنة الإيديولوجية العالمية، التي رعت وميزت نشأته، تشنجها هي نفسها معه يضع الحزب أمام سؤال جدواها بل والحاجة إلى التحرر من ضيقها… رحابة المرجعية الوطنية وشساعة المشروع الملكي الحداثي الوطني يوفران للحزب ولقائده محفزات ومنشطات لإرادته في التطور… إذا ما نجح في تطعيم النسيج الحزبي بها.
صوت الوطن، نبض الوطن، أنفاس الوطن وآماله… ذلك ما كان سائدا في تلك الجلسة البرلمانية… تكامل فيها الخطاب الوطني القوي لرئيس الحكومة مع مداخلات المكونات الحزبية لمجلس النواب الصادحة بالوطنية… تثمين قوي لنجاحات التدبير الملكي للديبلوماسية المغربية ولما تعد به من تعضيد أسباب الانتصار لقضيتنا الوطنية وتيسير روافع التقدم التنموي… والرافعة الأساس فيها شحد التعبئة الوطنية وشحنها بالحماس الوطني.
بقوة هذا التفاؤل المشروع والمشرع نخطو إلى السنة الجديدة… ونأملها جديدة كل الجدة ومشرقة في مبناها وفي معناها على المواطنين وعلى الوطن.

الكاتب : طالع السعود الأطلسي - بتاريخ : 31/12/2020