الكاتب الأول لحزب القوات الشعبية: مع فلسطين… دون صمت ولا مزايدات

محمد السوعلي (*)
في ظل ما أثير من ردود أفعال على التصريحات الأخيرة للكاتب الأول للحزب، الأستاذ إدريس لشكر، بشأن الوضع في فلسطين، نود تقديم التوضيحات التالية، دفاعًا عن الموقف المسؤول، وتفنيدًا للقراءات المغلوطة التي تم ترويجها من الخصوم التقليديين للحزب.
دعم ثابت وعقلاني للقضية الفلسطينية لا يلغي حق مساءلة الفصائل والأحزاب: الحقيقة كما هي..
لطالما كان حزب القوات الشعبية، بقيادة الكاتب الأول، في طليعة المدافعين عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، استنادًا إلى مبادئه الأممية والإنسانية. وهو الحزب الذي ناضل في كل المحطات إلى جانب القوى التقدمية الدولية، واعتبر القضية الفلسطينية قضية تحرر وكرامة، ودافع عنها في كل المحافل، الشعبية منها والدولية، دون مزايدات أو حسابات ظرفية.
قول الحقيقة مسؤولية، لا خيانة
إن ما عبّر عنه الكاتب الأول لا يخرج عن إطار النقد السياسي المشروع والمبني على تقدير وطني عقلاني لمجريات الأحداث. فعملية “7 أكتوبر 2023″، التي قامت بها حركة حماس، جاءت دون تنسيق وطني فلسطيني شامل، ودون توافق بين فصائل النضال الفلسطيني، وهو ما أدى إلى دمار واسع في قطاع غزة، وخلف آلاف الضحايا من المدنيين الأبرياء.
إن كسر الصمت حول نتائج هذه العملية لا يعني التنكر للمقاومة، بل هو تعبير عن وعي عميق بأن التضحيات يجب ألا تُهدر في معارك دون أفق استراتيجي. فالنقد لا يقلل من عدالة القضية، بل يهدف إلى تصحيح المسار، حمايةً لدماء الشهداء وصمود الشعب الفلسطيني. فلا قداسة لأي تنظيم سياسي، حتى لو كان ينتمي إلى جبهة المقاومة. فكما أن الاحتلال يُدان، والصهيونية تُدان وبشدة، فإن الأخطاء التكتيكية أو الحسابات الفردية التي لا تراعي المصلحة العليا للشعب الفلسطيني لا يمكن أن تمر دون مساءلة سياسية وأخلاقية.
الالتزام بالشرعية الوطنية الفلسطينية
إن الكاتب الأول للحزب، انسجامًا مع مواقفه التاريخية، لا يزال يعتبر منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ويرفض محاولات خلق واقع موازٍ خارج الشرعية الفلسطينية الجامعة، التي تأسست بتوافق قوى التحرر الوطني.
موقف سيادي ووطني بعيد عن الشعبوية
إن التصريحات الصادرة عن القيادة الاتحادية لا تنفصل عن التحولات الدولية والإقليمية، لكنها تظل نابعة من حرص سيادي على استقلالية القرار الوطني، وترتكز على قراءة تحليلية عقلانية، لا على مزايدات خطابية. فدعمنا لفلسطين ليس خاضعًا لأي إملاءات خارجية، ولا هو رضوخ لاتفاقيات، بل ينبع من إيمان عميق بعدالة القضية. وكما ورد في وثائق مؤتمرات الحزب، فإن دعم القضايا العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، كان ولا يزال دعمًا مستنيرًا، لا يخضع للعواطف أو الاصطفافات الظرفية، بل ينطلق من رؤية تحررية ديمقراطية.
وضوح في التموقع السياسي من القيادة السياسية للحزب يخطئ من يظن أن نقد أداء حركة حماس يعني توافقًا تامًا مع أجندات تطبيعية. إن الحزب ظل دائمًا ضد أي مسار يُفرغ دعم القضية من مضامينه المبدئية، كما رفض منذ البداية تسويق التطبيع باعتباره قدرًا سياسيًا أو مكسبًا دبلوماسيًا. غير أن قراءة المشهد تستوجب التمييز بين الدولة ومكوناتها السياسية، وبين القوى المجتمعية التي لها كامل الحق في إبداء المواقف.
دعوة إلى بلورة مشروع بديل ومتجدد
إن الوضع الذي تمر به فلسطين والمنطقة، يفرض على كافة القوى السياسية الوطنية مراجعة رؤاها، وبلورة مشروع وحدوي، يساهم في بناء مقاومة سياسية وفكرية وأخلاقية، تستند إلى العقلانية والمشروعية، لا إلى التهييج أو الاستثمار في الدماء. كما أن العودة إلى روح القانون الدولي وقرارات الشرعية الأممية، وعلى رأسها القرار 242، تؤكد أن النضال الفلسطيني لا يتطلب فقط التضامن، بل وضوحًا في الرؤية ووحدة في الصف.
صوتنا من أجل فلسطين… نقدي، وطني، تحرري
ختامًا، فإن الاتحاديات والاتحاديين، وهم أوفياء لمرجعيتهم الكفاحية، يقفون اليوم صفًا واحدًا خلف قيادتهم، ويؤمنون بأن النقد الصادق يحيي القضايا، كما تهزّ الريح القوية الشجرة فتقوّي جذورها. ومن لا يقبل بالنقد لا يمكنه أن يبني مشروعًا تحرريًا حقيقيًا. فليكن صوتنا الاتحادي صوت العقل، ولتكن بوصلتنا فلسطين، لا كما يريدها الإعلام، ولا كما تستثمرها الفصائل، بل كما ناضل من أجلها المهدي بن بركة، وعمر بنجلون، وعبد الرحيم بوعبيد، وعبد الرحمان اليوسفي… نريدها قضية تحرر لا تُختزل في شعار، بل تُصان بفكر وطني، نقدي، تقدمي، صادق.
(*)عضو اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات بالحزب
الكاتب : محمد السوعلي (*) - بتاريخ : 04/04/2025