«المركد»، أو مركب محمد الخامس
العربي رياض
مركب محمد الخامس، يجب أن نعترف أنه كان فأل خير على كرة القدم المغربية، الوداد تمكنت فوق عشبه أن تمر إلى نهائي كأس عصبة الأبطال، في مقابلة صعبة أمام اتحاد العاصمة الجزائرية، لتعيد البسمة إلى الجمهور المغربي قاطبة، وهي البسمة التي افتقدها منذ سنين، بسبب الغبن الذي نزل على كرة القدم المغربية، التي سجلت فرقها «خواء» دام لسنوات على المستوى القاري والعربي والدولي. وقبلها، أهدانا هذا المركب فوزا للمنتخب المغربي جعله يتصدر المجموعة التي ينافس ضمنها للوصول إلى المونديال.
إذا كان اللاعبون، سواء لاعبو المنتخب أو الوداد، يستحقون التنويه على المجهود الذي قاموا به، فإن جمهور مركب محمد الخامس يسحق أكثر من توشيح وأكثر من تحية وتنويه، لأنه فعلا يخلق أسباب الانتصار من تشجيع للاعبين ورعب للخصوم، لا يترك أي مجال لفريقه سوى الانتصار.
«المركد»، مركب محمد الخامس،أغلق لعدة مرات، لأسباب مقنعة وفق التصريحات القادمة من أفواه مسؤولة بالعاصمة الاقتصادية، لكنها غير مقنعة و أنت ترى واقع الملعب الذي وضع بين أيدي غير أمينة للإصلاح وليست هذه الأيادي سوى شركة للتنمية المحلية.
تعاملت مع عملية إصلاحه بارتباك كبير، وحددت سقف الإصلاح في مبلغ خيالي (22 مليار)، وفي كل مرة تحدد تاريخا لفتح أبوابه، ويأتي ذلك الموعد ويتم التأجيل. حتى صرنا أمام لعبة بئيسة، لا يمكن أن تحكم من خلالها على الشركة «المصلحة» إلا كونها غير احترافية، وتتعامل بمنطق «الهواة» وليس بمنطق الشركات الحداثيةالمحترفة، التي تعتمد الدقة واحترام التوقيت، لتدفع بفريقي العاصمة الاقتصادية، الوداد والرجآء إلى التشرد لاستجداء ملاعب خارج مربطها الأساسي، وتدفع بجمهورهما، إلى ركوب رحلات الصيف والشتاء من أجل فرجة مفتقدة في مدينة تعد من عواصم المال والأعمال مهددا بالتعرض لكل مآسي حوادث السير ومواجهات مع جمهور مدن أخرى مستضيفة.
الجامعة من جهتها، أو من يحكمون الكرة، بمنطق نيوستراتيجيتها التي رسمتها لكرة القدم الوطنية، ساهمت في منع الفرح عندما كانت ترحل بالمنتخب إلى ملاعب أخرى جديدة، بمواصفات رائعة لكنها تفتقد إلى دفء مركب محمد الخامس. ومعلوم أن أصحاب هذه الاستراتيجية كانوا يتخوفون من الانتقادات وهم يؤسسون لرؤية، لم تفلح الى حد الآن، منها أساسا النفخ في فرق، وجب أن تمر عبر مراحل الامتحانات الصعبة كي تدخل غمار المنافسات الكبرى وأن تمر عبر «طياب الطاجين» كي يستفيذ من مذاقها الوطن بأكمله.
ويظهرالآن جليا أن الأمثال المغربية مازالت صالحة حتى لأولائك الذين يريدون القطع مع أحكامها، وبدا أن بعض أصحاب تلك الاستراتيجيات المستوحاة من واقع ليس هو هذا الواقع، بدأوا يفهمون معنى «للي تلف يشد الأرض» ومعنى عز الخيل مرابطها، ومعنى مفهوم «المركد». هذا المصطلح الفلاحي، الذي يشبعنا به ونفهم روح معانيه جيدا، لم يطلق اعتباطا، فكل مدننا تزخر بفرحة كروية عالية، لكن يبقى لدونور أو مركب محمد الخامس طعما ومعنى آخر. فهو أرض المواقع وأرض الامتحانات، ولا يمكن بجرة مزاج أن نفصل روحه عن أداء كرتنا الوطنية.
الكاتب : العربي رياض - بتاريخ : 24/10/2017