المطرح الذي يسكن أنوفنا
العربي رياض
من بين الشروط التي اشترطتها شركتا النظافة «أفيردا» و«ريشبورغ»، اللتان رست عليهما صفقة تدبير نفايات العاصمة الاقتصادية، هي توفير مطرح للنفايات بمواصفات تحترم البيئة وبتقنيات تتماشى والتطورات المعمول بها في هذا المجال في عصرنا هذا، حيث أبدت الشركتان تخوفهما من اقتناء معدات وعلى رأسها شاحنات متطورة بملايين الدراهم، وتلج المطرح الحالي الذي سيكون سببا في هلاك معداتها، بحكم أن المطرح امتلأ عن آخره ولم تعد تتوفر فيه مسالك لمرور الشاحنات لترمي ما حملته من أزبال، ورغم أن الصفقة مغرية بالنسبة للشركتين إذ تبلغ قيمتها أكثر من 90 مليار سنتيم إلا أنهما ظلتا متشبثتين بالرأي الذي يذهب إلى ضرورة إقفال المطرح الحالي، وتوفير مطرح جديد، وهما اللتان تشتغلان اعتمادا على وعد بفتح المطرح الجديد في أقرب الآجال .
منذ أن باشر هذا المجلس مهامه قبل أربع سنوات تم اقتناء عقار يتوزع على 11 هكتارا، بالقرب من مطرح مديونة، بغية جعله بديلا، إلا أن الفشل كان سيد الموقف إذ لم يقو المجلس على تحويله إلى مطرح بمواصفات دولية تحترم شروط البيئة المعمول بها على الصعيد العالمي، وظل المطرح الحالي بكوارثه مفتوحا ولم يقفل، رغم أنه استوفى المدة القانونية منذ أزيد من عشر سنوات، اليوم هذا المطرح يشكل كارثة بيئية بكل المقاييس، إذ بغض النظر عن أن روائحه تصل معظم أحياء المدينة دون الحديث عن منطقة مديونة والمجاطية وباقي المناطق المجاورة، فإن عصير أزباله اجتاح الفرشة المائية التي تصب في اتجاه المدينة، وكانت دراسة قد حذرت من كون تلوث الفرشة المائية سيظل تأثيره لأكثر من 40 سنة، ورغم ذلك لم يحرك المسؤولون أي ساكن . المثير أن هذه المزبلة التي تشكل منبعا اقتصاديا لعشرات العارفين بخبايا النفايات والذين يزورونها أو يبيتون فيها بشكل يومي، بحثا عن مواد يبيعونها وتدر عليهم مداخيل مهمة، قد استغلها البعض كخزان انتخابي منتهزا وضعية من يسترزقون منها وكأننا بصدد عالم منعزل له قانونه الخاص وعالمه المتفرد.
وكان عمدة المدينة قد صرح أنه قام بإجراءات مع الحكومة في أفق إحداث فضاء بديل بتقنيات عالية تعتمد فرز النفايات وتثمينها والاستفادة من عائداتها المالية، بدل هذه الفوضى المنتشرة الآن، إلا أن تصريحاته دخلت دفتر الأرشيف دون تحقيق شيء، والحقيقة المتبقية والواقعية أن هذا المطرح مازال يهدد صحة الساكنة التي عليها أن تدفع 140 مليون درهم للشركة التي كانت تديره، وهو رقم الدين لفائدتها من لدن مجلس المدينة الذي لم يف بالتزاماته تجاهها.
الكاتب : العربي رياض - بتاريخ : 29/02/2020