الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية

وحيد مبارك

حين غادر جلالة الملك مدينة الدارالبيضاء بعد زيارة قصيرة خلال شهر رمضان الأبرك، تم تقاسم العديد من التدوينات التي تعددت مصادرها على مواقع التواصل الاجتماعي التي سرعان ما تحولت إلى قصاصات خبرية على صفحات بعض المواقع الالكترونية، والتي تحدثت عن غضبة ملكية وعن إعفاء للوالي محمد امهيدية من منصبه، قبل أن يتبين لاحقا بأنها كانت مجرد شائعات تُجهل أسباب نسجها وترويجها في ذلك التوقيت، لكن الملاحظ في ارتباط بهذا الموضوع، أن وزارة الداخلية لم تخرج عن صمتها، ولم تتكلم عن صحة الأمر من عدمه، وتجاهلت مصالحها هذا الحدث على المستوى الرسمي وتعاملت معه كما أنه لم يكن.
هذا التجاهل الرسمي والمؤسساتي، قابله خروج منتخب بيضاوي لنفي ما تم تداوله وللتأكيد على أن الوالي لا يزال في مكانه لم يطل المسؤولية التي يتحملها أي تغيير، ولم يكن هذا المستشار سوى البرلماني ورئيس مقاطعة عين الشق والنائب العاشر لرئيسة جماعة الدارالبيضاء، القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار، شفيق بنكيران، الذي منح لنفسه اختصاصا ليس من صميم اختصاصاته ومسؤولية هو ليس أهلا لها، فتحول بقدرة قادر إلى ناطق رسمي لوزارة الداخلية لغاية في نفسه.
هذا الخروج جعل عددا من الفاعلين السياسيين والمهتمين بالشأن الانتخابي يطرحون علامات استفهام عديدة، عن دوافع هذه “القفزة التعبيرية”، فمنهم من رأى بأنها لا تعدو أن تكون هرولة جديدة نحو أحضان الداخلية من طرف الرئيس العائد إلى المشهد الانتخابي بعد مغادرته لكرسي رئاسة الجهة وما تلاها من فترة صمت طويلة فرضتها عدد من الظروف التي تتعدد مسبباتها، مؤكدين على أنه يبحث له عن موقع في “مربع العمليات” يكون أكثر أريحية ويحظى من خلاله بالدعم والسند، ومنهم من اعتبر بأن الخطوة كانت فرصة للمعني بالأمر للركوب على العلاقة بالسلطة واستغلال هذا الحدث للتأكيد على استمرار الود بل وحتى الجاه لكي يكون ورقة انتخابية تتم من خلالها استمالة الناخبين البسطاء، من محدودي الوعي السياسي، في حين أن فئة رأت في هذا السلوك استمرارا لنكسة لطالما تم التنبيه لها والمتمثلة في علاقة المال بالسياسة بالسلطة واستغلال كل هذه العوامل للتأثير وتكريس النفوذ؟
وبغض النظر عن تعدد القراءات والتحاليل التي ارتبطت بهذه اللحظة الفيسبوكية، التي تحول مضمونها إلى مادة إعلامية، فإن صمت وزارة الداخلية عن الشائعات أولا، وفسحها المجال لكي يتحدث من لا صفة لهم في الموضوع ثانيا، ولكي يرافع البعض دفاعا عن الوالي وعن حصيلته، هاته الأخيرة التي تظل هي الوحيدة التي يمكن أن تتحدث عن توفقه في تحقيق النقلة التي تحتاجها الدارالبيضاء خاصة والجهة عموما، أو العكس، بعيدا عن كل مزايدة تهدف إلى تحقيق مكتسبات سياسية ضدا عن كل تنافس شفاف يتم الاحتكام فيه للآليات الديمقراطية الحقيقية، لن يؤدي إلا لمزيد من النفور والعزوف في صفوف البعض وتكريس “تبعية” معينة بعند البعض الآخر.
وإذا كانت خرجة بنكيران غير الموفقة من زاوية “الأخلاق السياسية” للدفاع عن مسؤول ينتمي لمؤسسة تتوفر على كل الآليات للقيام بهذا الأمر إن هي أرادت ذلك، فإنها بالمقابل طرحت سؤالا كان على صاحبه أن يجيب عنه، حين أشار إلى من وصفهم بـ “منتهزي الفرص” و “الذين اغتنوا من استمرار أعطاب التنمية بالمدينة”، وأن يسمي الأشياء بمسمياتها، لأن تصريحا من هذا القبيل المفروض أن يحظى بتفاعل رسمي ومدني ونحن في زمن ربط المسؤولية بالمحاسبة، حتى لا يظل الأمر مجرد شعار يفتقد للتنزيل المنتظر!

الكاتب : وحيد مبارك - بتاريخ : 04/04/2025