انتصار مغربي من قلب باريس

نوفل البعمري
بتاريخ 23 فبراير أعلنت مجموعة العمل المالي بكامل أعضائها، وبالإجماع، رفع اسم المغرب من اللائحة الرمادية التي كان موضوعا فيها، والإعلان رسميا عن تواجده ضمن الدول التي تشتغل بشفافية مالية، وفي انخراط كامل ضمن مجال محاربة تبييض الأموال والإرهاب لارتباط هذين الموضوعين مع بعضهما البعض، بحيث أن الإرهاب وتنظيماته أصبحت تتغذى من تبييض الأموال ومن المشاريع الوهمية التي يتم فيها غسل الأموال، وهو انتصار مهم للمسار التشريعي والمالي والأمني للمغرب، الذي استطاع أن يجعل منه بلدا موثوقا في نظامه المالي مما سينعكس إيجاباً عليه، وسيشجع المزيد من الاستثمارات الأجنبية على الدخول للسوق المغربية لثقتها في النظام البنكي المغربي.
هذا الانتصار الذي حققه المغرب من قلب باريس يأتي في سياق يرتبط بهجمة البرلمان الأوروبي على المغرب، الذي حاول التشكيك في نظامه وإظهاره بمظهر الفاسد، وهو ما فنده هذا القرار وشكل رداً من مؤسسة دولية معتمدة على كل الاتهامات التي أرادت بعض الأصوات الأوروبية إلصاقها بالمغرب لمحاولة عزله وعرقلة أي تطور قد يتحقق به، وعلى عكس هذا التوجه جاء هذا القرار الصادر من هيئة مرجعية مالية دولية ليكرس ثقة المؤسسات الدولية فيه وفي صعوده وتفوقه على بعض البلدان، التي ظلت تنخرط في سياسة عدائية تجاه المغرب، على رأسها جنوب إفريقيا، التي تم وضعها ضمن اللائحة الرمادية كإعلان عن فساد نظامها المالي وانهياره، وتحولها لوجهة خصبة لتبييض الأموال، واختلاط هذه الأموال بالتنظيمات الإرهابية، على رأسها تنظيم البوليساريو الإرهابي، الذي يحظى بدعم مالي سخي من نظام هذه الدولة.
إن الإعلان عن هذا القرار الهام من قلب باريس هو رد على إعلام الدولة التي صدر منها القرار، أي فرنسا، وعلى سياستها الحالية تجاه المغرب، وهي سياسة إعلامية كانت تهدف في كل مرة إلى المس بسمعة المغرب واستعمال كل الأساليب من أجل ذلك، حتى تحول الأمر إلى أشبه بخط تحريري لإعلامها، الذي ظل يريد تصوير المغرب وكأنه دولة تشتغل خارج القانون الدولي، مما جعل من توقيت صدوره ومكانه رداً واضحاً على كل المخططات الممنهجة التي ظلت تشتغل لضرب صعود المغرب والمس باستقلالية قراره السياسي والاقتصادي.
رفع المغرب من المنطقة الرمادية لم يكن ليتأتى لولا الاختيارات الاستراتيجية التي وضعها على أعلى مستوى، وهو ما سيعزز من صورته خارجيا وسيقوي من موقعه التفاوضي سواء أمام الاتحاد الأوروبي أثناء طرح إعادة تجديد الاتفاقيات الاقتصادية معه أومع مختلف المؤسسات المالية الدولية لانتزاع مكاسب اقتصادية لصالحه، ودفع المستثمرين الأجانب للاستثمار في السوق المغربية بفضل هذا الإقرار الذي يؤكد أن النظام المالي المغربي نظام شفاف يشتغل تحت رقابة قانونية ومالية تجعل مصدره موثوقا فيه، وفي مختلف المؤسسات البنكية المغربية.
هذا القرار إن كان يعكس انتصارا ماليا واقتصاديا للمغرب فهو أيضا يعكس انتصارا سياسيا وانتصارا لكل الاختيارات الاستراتيجية التي تم وضعها من طرف الدولة التي تشكل رهانا كبيراً لتطوير النظام المالي المغربي، والدفع بعجلة اقتصاده إلى التطور والحركة.
الكاتب : نوفل البعمري - بتاريخ : 27/02/2023