بأصوات متعددة.. القصة ميلادي وملاذي

محمد الشايب

لا أدري أين التقيتها..؟ في دروب الأحياء الهامشية، أم في حكايات جدتي رحمها الله؟ في الأساطير التي تملأ ضفاف سبو، أم في حقول سهول الغرب الفاتنة..؟
لا أدري أين التقيتها..؟ في مدرجات كلية الآداب، أم في كتابات ألان بو وتشيخوف، وموباسون وبورخيس ويوسف إدريس وزفزاف والخوري وبوزفور وزكرياء تامر..؟
لا أدري أين التقيتها..؟ في تضاريس الطفولة و الشباب، أم مختبئة في كهوف أحزاني..؟.
سائرة معي في ترحالي، أم ساكنة في صمتي ومحلقة في أحلامي..؟
قرأتها وأقرأها، حاولت وأحاول كتابتها..؟ ووجدت أنها عصية زلقة، لا تنكتب كما أريد كتابتها.
كل مرة أجرب طريقة للوصول إلى النص المشتهى لكن هيهات هيهات..
القصة ميلاد آخر بالنسبة إلي، يوم نشرت أول نص، شعرت بفرح وقلق عارمين، وأحسستني أولد ميلادا سحريا جديدا. إن التاريخ الإبداعي يعد عمرا أيضا، قد يكون خالدا كما هو الحال بالنسبة لكبار المبدعين الذين تخلدهم أعمالهم الأدبية والفنية.
القصة أيضا ملاذي، إليها ألوذ هربا من السطحية والرداءة ومتاهات اليومي الأرعن. في أحضانها أتحرر من كل القيود التي تكبلني، أخلع الأرقام التي تلازمني، وأسبح في طقوسها. فأمتطي الشك قبل اليقين، والحيرة قبل الوثوق والفوضى قبل التنظيم..
يطيب لي ركوب صهوتها، والسفر في تضاريسها، والغوص في سطورها، هي دوما ᷄ملاذي حين يعز الملاذ ، وهي ميلادي حين يتعدد الميلاد، القصة أيضا عيدي الذي لا يشبه الأعياد، كل لقاء بها هو مناسبة فائقة الفرح والقلق، واحتفاء بالهامشي والمنسي، وعزف على آلات الحروف..
تتعدد أعياد القصة في المغرب من خلال كل الإصدارات التي تطل باستمرار، ومن خلال الملتقيات والمهرجانات التي تنصب خيامها هنا وهناك. كما أن لها عيدا كبيرا هو الثامن والعشرون من أبريل، يومها الوطني، ومناسبتها الأثيرة لطرح أسئلتها، والغوص في قلقها، والتملي بجمالها.
في انتظار أن يصبح هذا اليوم شاسعا، وأن تبزغ أهلته في كل سماء الوطن، هنيئا للقصة المغربية القصيرة، وهنيئا لنا بالعيد القصصي.

الكاتب : محمد الشايب - بتاريخ : 10/05/2017