بالصدى : أطباء بتعدّد «الاختصاصات»!

وحيد مبارك wahid.abouamine@gmail.com

قطاع الطب في المغرب، شأنه شأن قطاعات عديدة، تعتريها عدد من الشوائب، يعرف هو الآخر بعض الممارسات غير الصحية، التي تخدش صورة الطبيب والمهنة في نبلها، وتمسّ جوهر العلاقة المؤسسة على قسم أبوقراط، في ظل صمت مريب، وسياسة لغضّ الطرف تطرح أكثر من علامة استفهام، تساهم في تفاقم الاختلالات السلبية، مما يتطلّب تظافرا للجهود من طرف المهنيين الشرفاء، والهيئات المهنية المختلفة، التي عليها تحمل مسؤوليتها كاملة لكي يتم الحرص على تقويم الاعوجاجات، حتى لاتتلطخ الوزرة البيضاء بأي سواد كيفما كانت طبيعته!
سواد يستمد قتامته من «النوار» الذي يرى الطبيب أنه يعادل به أجرا غير كامل، في ظل عدم مراجعة التعريفة المرجعية، التي تجعل من تدخله الجراحي «بخسا» في زمن التسعير مقارنة مع ماسيتسلّمه إذا لم يلتجئ إلى هذه الطريقة، في حين يكون المريض بالمقابل مكرها على التسليم بواقعه، مادام يئن تحت وطأة مرض لايجد من يخلّصه منه، فيتضرّع إلى الباري يرجو رحمته، من ألم في البدن وآخر في الجيب، طالاه من كل حدب وصوب؟
قتامة، يؤسس لها كذلك بعض الأطباء العامون، الذين لايقتنعون بما راكموه من تكوين عالٍ، خوّل لهم صفة طبيب عام، فالتجأوا إلى الحصول على بعض الدبلومات، والشهادات من خلال دورات «تكوينية»، وبناء عليها باتوا في رمشة عين «اختصاصيين» في مجالات طبية أخرى، قد لايربط بينها أي رابط، فتجدهم يقدمون أنفسهم كمعالجين لداء السكري، والضغط الدموي، والخصوبة والعقم، ويجرون فحوصات إكلينيكة بالصدى، حتى لايسلموا بيانات ورقية توثق لفعلهم هذا، وغيرها من الممارسات التي لاتشير إليها بعض اليافطات الخاصة المعلّقة على الأبواب، لكن تفضحها بعض الوصفات؟
أطباء يسعون إلى استقطاب أكبر شريحة من المرضى، ويحولون آلامهم وعللهم إلى مصدر للدخل والربح المادي، غير عابئين بتداعيات خطوة من هذا القبيل على وضعهم الصحي وعلى أمنهم الاجتماعي، وإذا اختار بعضهم «التستّر» على مايقدم عليه، فإن آخرين لايجدون حرجا في الإعلان عن «مهاراتهم» الطبية، بحيث تجد من يؤكد على أنه ضمن عيادته الطبية – الجراحية يمكن له أن يقدم خدمات على مستوى أمراض وجراحة المسالك البولية، وأمراض النساء والتوليد، وأمراض وجراحة الأطفال، وأمراض الجهاز الهضمي والبواسير، والأنف والحنجرة، والغدد والسكري، و»السياتيك»، ومفاصل العظام، وأمراض الثدي و»الشقيقة…، هذه «الاختصاصات» الطبية التي تتطلب تكوينا معينا وشهادات بعينها، هي «تزاول» في العديد من العيادات الطبية أمام مرأى ومسمع من الجميع، وتتم «شرعنتها» جهرا في حين أن انتقادها يكون همسا، في زمن يرفع فيه عاليا شعار التخليق في انتظار التطبيق!
وضع ينتقده وبشدة الأطباء المتخصصون الذين يرون في هذه الممارسة منافسة غير مشروعة من زملاء المهنة، وينبّهون إلى تداعياتها على صحة المرضى، مبرزين أن غض الطرف عن هذه الممارسات وأخرى، هي تزيد من توسيع شرخ وتعميق هوّة، تضر بصورة الأطباء، وتتعرض لأوجه كثيرة من «الاستهداف» الخاص والعام.

الكاتب : وحيد مبارك wahid.abouamine@gmail.com - بتاريخ : 16/11/2017