بالصدى .. الخطر القادم من الشارع

وحيد مبارك
أصبح الشارع العام عنوانا على الخطر المتعددة مصادره والمختلفة تداعياته ومضاعفاته، سواء تعلق الأمر بالمدن الكبرى أو البوادي والقرى، فإذا كان التهور يطبع سلوكات مستعملي الطريق في الحواضر من سائقين للدراجات النارية أو السيارات والشاحنات وغيرها من المركبات مما يتسبب في حوادث قد تكون قاتلة أحيانا، وقد تترتب عنها إعاقات دائمة أو إصابات مختلفة الخطورة، وإذا كان بعض المنحرفين يقومون باعتداءات بالسلاح الأبيض بغاية السرقة واعتراض سبيل المارة في أحياء هنا وهناك، فإن هناك حوادث أخرى لا تقل خطورة عن هذا النوع من المشاكل، والتي تتعلق بالكلاب الضالة.
كلاب ضالة، يهاجم عدد منها في مجموعة من الحالات الصغير والكبير، فتتسبب في مآسٍ وآلام، كما وقع في نواحي أكادير، وعلى مستوى تراب الصخيرات، وفي الشلالات والدارالبيضاء وغيرها من المناطق التي تكررت فيها حوادث مماثلة متفرقة في الزمن، إما ترتب عنها أضرار جسدية بليغة أو تطورت الحالة إلى الأسوأ بسبب السعار، بل أن حتى تدخلات أمنيين في حالات سابقة، تعذر مواصلتها بسبب هجوم كلاب ضالة على المعنيين بالأمر وهم يقومون بواجبهم، وفقا لما تداوله في حينه؟
معضلة، تتسبب فيها هذه الحيوانات الأليفة التي تغري باللعب والمداعبة وبتقديم الطعام لها، والتي تعتبر صفة الوفاء ملاصقة لها متى تم الحديث عن هذه الخصلة، حيث تحضر الكلاب في باب المقارنة والإشادة في هذا الباب، لكن ليست كل الكلاب كذلك، فالاستثناء يكون صادما، ويحدث ألما كبيرا، في الوقت الذي كان من المفروض أن تتم معالجة هذه الإشكالية بالتنفيذ الفعلي والشامل لمضامين الاتفاقية الموقعة في 2019 بين المديرية العامة للجماعات الترابية ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية والهيئة الوطنية للأطباء البياطرة.
اتفاقية اعترضتها على مستوى التنزيل الكثير من الإشكالات، ورافقها «تقاعس» مجالس منتخبة عن القيام بدورها الذي أوكله لها القانون، من أجل الحرص على حماية صحة وضمان سلامة المواطنين، والقيام بمهام حفظ الصحة بشكل عام، مما أدى إلى استمرار تكاثر الكلاب الضالة واتساع رقعة انتشارها، وما يساعد على ذلك سهولة الولوج إلى بقايا الأكل المنتشرة في الحاويات وعلى جنباتها وفي الشارع العام، وتعدد «الأوكار» التي يمكن أن تتخذها مسكنا لها، سواء تعلق الأمر بالبقع الفارغة والمستودعات المهجورة وغيرها.
وضعية معتلة، تتطلب تدخلا حازما، ليس للقضاء على هذه الكلاب وتصفيتها، بل من أجل تعقيمها وترقيمها، وبالتالي وضع حد لأي عدوانية محتملة قد يكون لها ما بعدها، بعد تعرض ضحية ما لعضة أو خدش، قد لا يكون أحدها بالضرورة مميتا لكنه قد يؤدي إلى نقل أمراض متعددة، فكلاب الأزقة والشوارع، باتت تستأسد في الكثير من الأحياء والمناطق، في المدن والأحياء الجديدة في رقع جغرافية محسوبة على العالم القروي، وما أن تغرب شمس اليوم، حتى تخرج إلى الشارع لتبسط هيمنتها، وتفرض «قانونها الخاص».
إن استمرار هذه الظاهرة المؤرقة، بالرغم من الجهود المبذولة والميزانيات المرصودة لمواجهة الكلاب الضالة سنويا، من طرف مصالح وزارة الداخلية، يطرح العديد من علامات الاستفهام المرتبطة بالحكامة وبالنجاعة في تدبير هذه الإشكالية، بالنظر إلى كمّ الحوادث المؤسفة الذي يتم تسجيله كل سنة. حوادث يجب القطع مع صورها ومشاهدها الدامية والمؤلمة خاصة وأننا مقبلون على محطات من المفروض أن بلادنا ستستقبل خلالها ملايين الأشخاص القادمين من بقاع مختلفة من العالم، مع ما يطرح ذلك من تحديات يجب استحضارها وإعداد العدّة الكاملة لها، بما فيها ما يتعلق بالبنيات الوقائية والصحية.
الكاتب : وحيد مبارك - بتاريخ : 11/06/2025