بالصدى … السرطان وورم الطلاق!
وحيد مبارك
السرطان عند المرأة ليس كباقي الأمراض الأخرى التي تكون عرضة للإصابة بها في مرحلة من مراحل عمرها، عابرة كانت أو مزمنة، فهو بالنسبة للكثير من النساء أكثر من مجرد مرض، بغض النظر عن ثقله العضوي والنفسي، وكلفته المادية الثقيلة، ووقعه على أجسامهن وتأثيره في بنية الجسد وتركيبته الذي يكون صلب اهتمام النساء، والذي تولى له عناية كبيرة وأهمية خاصة، باعتباره عنوانا على الأنوثة وعلى الجمال.
محنة تتعدى حدود الألم المرتبط بالجسد، وتتجاوز مسألة التعايش مع الورم الخبيث ومع تداعياته، وتقبل التغييرات من عدمها، سواء بالنسبة لتساقط الشعر، أو استئصال ثدي أو انتزاع رحم، وما إلى ذلك من التبعات الجسمانية للداء، فإذا كانت عدد من النساء تقاومن المرض وآلامه، وتتحدينه بعزيمة قوية وإصرار كبير، فإن الضربة القاضية القاصمة للظهر التي تعلن «هزيمة» الكثيرات منهن، تكون تلك التي تأتي من شريك للعمر، من زوج جاحد، جاهل، يختزل سنوات الزواج، والعوامل المؤسسة له، وأعمدة استقرار بيت الزوجية وأركانه، في سلامة شكل الجسد الذي طاله الورم، فيعلن رفضه لكل تغيير يعتريه، ولا يخفي نفوره من الحال الذي يصبح عليه، وهو ينظر إليه باعتباره ملكا يخصّه لايخصّ زوجته؟
إنها الحقيقة المرّة التي تعيشها وتعاني منها كثير من النساء، التي تنضاف أعطابها إلى التفاصيل المرضية الأخرى للداء، والتي لا تتمثل الانتكاسة فيها عند لحظة التخلي عنهن وإقدام بعض الأزواج على تطليقهن، بل تتعاظم حدتها ووقعها عند النساء اللواتي تتعالجن على حساب تأمين الزوج/الطليق، اللواتي لاعمل لهن ويعشن بدون مدخول وبدون تأمين صحي، فيتخذ هذا النوع من الأزواج قرار التطليق وإشعار الهيئة التعاضدية بخطوته عبر مدّها بالوثائق التي تفيد بذلك، التي تعلّق استفادة الزوجة – الطليقة، التي تجد نفسها في لحظة بين مطرقة المرض وسندان الجحود والعجز عن استكمال العلاج، والحالات في هذا الباب هي ليست معدودة على رؤوس الأصابع، بل هي متعددة يمكن لأي كان الوقوف على تفاصيلها المؤلمة، التي تدمع المقل وتدمي القلوب!
وضع بمخلّفات اجتماعية وليست فقط صحية هو مرشح لمزيد من الارتفاع، خاصة وأن سرطان الثدي الذي يشكّل إلى جانب سرطان عنق الرحم نسبة 50 في المئة من أنواع السرطانات التي تصاب بها النساء، هو يعتبر ثاني مسبب للوفيات وأول سرطان يصيب النساء عبر العالم، إذ يصيب امرأة من بين كل ثمان نساء، ويؤدي إلى وفاة واحدة من كل أربع عشرة امرأة، هذا في الوقت الذي تبيّن فيه الأرقام التقريبية بالمغرب أنه يتم تسجيل كل سنة حوالي 115 حالة جديدة لكل 100 ألف نسمة. مريضات تتفاوت درجات خطورة المرض عند كل واحدة منهما، فإذا كانت بعض النساء تكفيهن فترة 6 أشهر كمدة علاجية، فإن أخريات قد يجدن أنفسهن مطالبات بمتابعة العلاج لمدة سنة وفقا لوضعية المرض والحالة التي وصل إليها الداء، ومن بين المريضات من هن مطالبات بالخضوع لحقنة كل 21 يوما على مدار السنة والتي تصل كلفتها الإجمالية إلى 40 مليون سنتيم، على اعتبار أن الحقنة الواحدة تكلف 20 ألف درهم، وما إلى ذلك من تفاصيل رقمية، قد تهون أمام وقع الألم النفسي للمرض وللهجران الذي تتعرض له عدد من المريضات، اللواتي تجدن أنفسهن أسيرات تيه وحزن قد يكون لهما مابعدهما؟
إن حملات التحسيس بالوقاية من السرطان، والتعريف بالأشكال العلاجية المتوفرة، والخطوات التي يجب قطعها، هي اليوم لايجب أن تكون لوحدها، بل يجب أن يُفتح إلى جانبها ورش قانوني اجتماعي، يروم إعداد ترسانة تشريعية تحمي النساء المريضات بأنواع السرطانات المختلفة من تقلّب الزمن وغدر البشر، حتى تواصل كل مريضة علاجها بعيدا عن هاجس أية تقلّبات أسرية غادرة غير متوقّعة، قد تعصف بهن في لحظة إنكار وجحود، فلا يتضاعف ألمهن ولاتزيد معانتهن، ولتكن معركتهن في مواجهة المرض لوحده لا مع غيره.
الكاتب : وحيد مبارك - بتاريخ : 19/10/2017