بالصدى : «بيكوت» وتناقض البلاغات
وحيد مبارك Wahid.abouamine@gmail.com
خلقت أزمة حليب الرضاعة الصناعي بفرنسا، نقاشا يعتبر صحيا، خاصة على مستوى كيفية التفاعل مع القضايا التي تهم صحة الإنسان، كبيرا كان أو رضيعا. فإذا كانت الشركات الفرنسية المعنية قد بادرت على إثر تسجيل حالات الإصابة بـ «السالمونيلا» إلى سحب المنتوجات المعنية والتي تخصّ 3 شركات، امتثالا لقرار السلطات الصحية الفرنسية، فقد كان مثيرا للانتباه الطريقة التي تم بها التعاطي مع هذا الموضوع في المغرب، بالنظر إلى أن أحد هذه المنتوجات هو يتم تسويقه محلّيا من طرف إحدى الشركات المستوردة لتلك العلامة التجارية، والذي كان مثار علامات استفهام في ظل غياب توضيحات علمية تؤكد سلامة أنواعه وخلوها من البكتيريا المتحدث عنها؟
تفاعل، انطلقت فصوله بإصدار الشركة المستوردة للعلامة التجارية «بيكوت»، التي يترأسها صاحب مصحة خاصة بالرباط، لبلاغ في 6 دجنبر موجّه إلى زبنائها تؤكد فيه أن الأنواع المختلفة الموزعة في المغرب هي غير معنية بالإنذار الصحي الفرنسي، مبرزة أنه يمكن للجميع استعمال تلك المنتوجات بكل أمن ودون خوف من أية تبعات. لكن بعد ذلك بخمسة أيام عقدت لجنة مختلطة بمصلحة الأدوية بمقر وزارة الصحة اجتماعا، حضره ممثلون عن هيئة الأطباء، الصيادلة، مركز محاربة التسمم واليقظة الدوائية، المراكز الاستشفائية الجامعية، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية «أونسا»، وجمعيات طب الأطفال وغيرهم، وتم خلاله تدارس ملف منتوج الشركة المذكورة، في غياب ممثلها محلّيا، التي لم يقدّم المشرفون عليها أجوية عن الاستفسارات التي تم توجيهها إليهم بخصوص أنواع الحليب الصناعي المذكور، وهو الأمر الذي دفع بالإجماع إلى اتخاذ قرار بضرورة السحب المؤقت للترخيص بتسويق منتوجات «بيكوت»، ويتعلّق الأمر بتسعة أنواع من الحليب الصناعي و 3 أنواع من الحبوب الموجهة للرضع والأطفال إلى غاية نشر نتائج التحقيقات التي تجرى بفرنسا، لكن اللافت للانتباه مرّة أخرى هو أن الشركة المغربية الموزّعة، أقدمت في اليوم الموالي على تعميم بلاغ على الصيدليات، تخبر من خلاله أنه وتبعا لحالة الإنذار التي عرفتها الساحة الصحية الفرنسية المرتبطة ببعض أنواع حليب الرضاعة الصناعي «بيكوت»، وتفاعلا مع هذا الأمر، وليس مع قرار وزارة الصحة، فإنها تدعوهم إلى إرجاع مجموعة من أنواع الحليب إلى الشركة، وعملت على تحديد تلك الأصناف في جدول في هذا الصدد، ودعت أيضا وكخطوة احترازية إلى إرجاع كل المنتوجات المتعلقة بـ «بيكوت»؟
بلاغ أول، فبلاغ ثانٍ، بموضوع واحد لكن يتناقضان في جوهرهما، الأمر الذي يطرح سؤال المصداقية، ويبرز الاختلال الكبير بشكل عام، ليس ارتباطا بهذه الشركة لوحدها التي اتصلنا بها من أجل أخذ وجهة نظرها واستفسار مسؤوليها عن أمور ترتبط بالمنتوج وبالقرار، والتي وعد المتحدث بالمصلحة الاقتصادية بإعادة ربط الاتصال بنا دون أن يتم الوفاء بهذا الالتزام، فإشكالية الأمن الصحي المرتبط بالأدوية وبالمواد الغذائية باختلاف أنواعها هي كبيرة وبالغة الحساسية، وهو مايتطلّب من سلطاتنا الصحية المختصة وبالجهات الموكول لها المراقبة، التفاعل الإيجابي مع كل الإنذارات الصحية بشكل سريع زمنيا، عوض وضعية البطء التي تطبع اتخاذ عدد من المواقف بين الفينة والأخرى، بل والقيام بمبادرات استباقية بالتحليل والمتابعة وليس فقط باعتماد ردود الفعل النمطية، علما أن وضعا من هذا القبيل هو يحتّم على المواطن/المستهلك كذلك، أن يكون حريصا متتبعا للنقاشات العامة حتى يمكنه تفادي تناول منتوج قد ينطوي على تبعات صحية وخيمة، قد يتم الترويج اليوم بكونه سليما خاليا من أي ضرر، وتتم في الغد الدعوة لسحبه بداعي الاحتراز؟
الكاتب : وحيد مبارك Wahid.abouamine@gmail.com - بتاريخ : 21/12/2017