بالصدى : تلك المرأة .. والصحة!
وحيد مبارك Wahid.abouamine@gmail.com
يخلّد العالم ومعه المغرب، يومه الخميس، فعاليات اليوم العالمي للمرأة، الذي يشكّل مناسبة للوقوف على ماحققه ملف المرأة في عيدها الأممي من تقدم أو العكس. لحظة التأمل هاته، قررت أن تجعل منها جمعية «كلي» وجمعية قاضيات المغرب، مناسبة لتسليط الضوء على أحد الحقوق الأساسية للمرأة وهو الحق في الصحة، من خلال تنظيم ورشة عمل مساء اليوم بالدارالبيضاء، وهو الاختيار الذي ينضاف إلى اختيارات وأشكال أخرى، تمت برمجتها هنا وهناك، كما هو الحال بالنسبة لحفل ينظمه مستشفى بوافي بدرب السلطان لفائدة نساء الصحة، على سبيل المثال لا الحصر.
هكذا اختار البعض تخليد اللحظة/الحدث، بنفس ينهل مما هو صحي، وسطا أو تيمة. وبمناسبة الحديث عن الحق في الصحة، فإن كثيرا من النسوة لن يكون بإمكانهن الولوج إلى هذا الحق، وسيتعذر عليهن العلاج بالمؤسسات الصحية العمومية، يومه الخميس 8 مارس، لان إحدى النقابات العاملة في مجال الصحة، قررت تنظيم إضراب وطني تزامنا وعيد النساء الأممي، هذه الخطوة التي تندرج ضمن برنامج نضالي سبق تسطيره للتنديد بجملة من الإكراهات والمطالبة بتحقيق عدد من المطالب التي من شأنها الإجابة عن احتياجات المهنيين وكذلك تقديم خدمات صحية في المستوى، بشريا وتقنيا.
إضراب سيخلق لامحالة إشكالا كبيرا لعدد من النساء، اللواتي سبق وأن حصلن بعد جهد جهيد على موعد لعيادة الطبيب خلال هذا اليوم، من أجل فحص أو تدخل جراحي مبرمج، ومن شأن الإضراب تأجيل الموعد إلى إشعار غير معلوم، مادامت الخدمات التي ستقدم اليوم هي ذات طابع استعجالي على مستوى المستعجلات ومصالح الإنعاش، وهو مايعني منح الفرصة لفئة مقابل حرمان أخرى، ليكون بذلك هذا العيد الأممي عنوانا على محنة للمرضى بشكل عام، وللنساء بشكل خاص، سيّما اللواتي تقطن بمناطق تبعد عن المستشفيات بعدد ليس بالهيّن من الكيلومترات.
المرأة، حاضرة في المشهد الصحي خلال يومها العالمي، وهذه المرة بالحي الحسني بالدارالبيضاء، إذ قرر المكتب الجهوي للنقابة الداعية للإضراب الوطني، أن يجعل من اللحظة مناسبة للاحتجاج ضد العنف اللفظي الذي طال طبيبة عيون بهذه المؤسسة الصحية العمومية، ودعا لوقفة احتجاجية أكدت عدد من تنظيمات المجتمع المدني مشاركتها فيها، رفضا للفوضى التي يتخبط فيها المستشفى، وللعنف الذي طال الطبيبة، والذي صدر من عاملة للحراسة عُهد إليها استقبال مكالمات المواطنين لتنظيم عملية موعدي، وفقا لما أشار له بيان النقابة، لنكون أمام عنف من المرأة وإلى المرأة!
عنف تتعدد صوره ومشاهده، كما هو الحال بالنسبة للصورة المؤلمة التي تم تداولها مطلع الأسبوع الجاري، على بعد 3 أيام من تخليد اليوم العالمي للمرأة، عقب تعرض تقنية للأشعة بمستعجلات المستشفى الجامعي بفاس لاعتداء ترك مخلّفاته على خدّها، وترك الدموع تنهمر من عينيها وحزنا دفينا في قلبها جراء الإحساس بـ «الحكرة»، مصدرها أمّ ؟
إنها أوجه مختلفة لصور المرأة وطبيعة حضورها في المشهد الصحي، إما كمواطنة تطلب الحق في العلاج، ويمكن لها أن تقضي دون أن تحصل عليه، كما هو الحال بالنسبة لوفيات الأمهات الحوامل أثناء الوضع، بفضاء غير صحي وفي غياب مراقبة طبية، والأرقام في هذا الباب هي مؤلمة وتواصل حضورها، او بالنسبة للأرقام المهولة لمن يعانين من أمراض نفسية تكون لها تبعات وخيمة، قد تصل حد الانتحار، وغيرها من المشاهد التي تبيّن فقرا صحيا، تعاني منه النساء، خاصة المتواجدات بالقرى النائية والمداشر البعيدة، اللواتي يترقبن بين الفينة والأخرى قافلة للتخفيف من أوجاعهن، وإما كمهنية، طبيبة أو ممرضة أو تقنية أو إدارية … الخ، من المنصف أن نستحضرهن أو على الأقل بعضهن، ممن يعملن بكل جدّ وتفانٍ، ولايصمتن أمام صور الظلم المختلفة، فتشهر في وجوهن ورقة التنقيل، والتوقيف، والبيانات التي ماورائها؟
8 مارس، هو مناسبة لنتذكر شهيدات قضين أثناء مزاولة مهامهن، وطالهن النسيان، كما هو الحال بالنسبة للمرحومة إيمان اوبلاش، بطاطا، التي فارقت الحياة أثناء مرافقتها لمريض في 2013، عقب انقلاب السيارة التي كانت تقل من بداخلها، والمرحومة السعدية جيدور بالصويرة التي لقيت نفس مصير زميلتها في 2017 إثر انقلاب سيارة الإسعاف، وغيرهما ممن رحلن وتناسى البعض تفاصيل رحيلهن المفاجئ، شانهن في ذلك شان اللواتي توجدن في وضعية صحية صعبة وتعانين مختلف أنواع الألم، جراء حوادث تعرضن لها وهن يقمن بواجبهن، فصرن طريحات الفراش، كما هو الشأن بالنسبة لهند تيدراين وأخريات…
عيد المرأة الأممي، هو لحظة لايجب أن تكون عابرة، بل يجب أن تكون متصلة في الزمن، فكرا وممارسة، فالمرأة المغربية، وفضلا عن حقوق أخرى، هي في حاجة إلى الصحية منها، بما أننا نتحدث من قلب قطاع الصحة، والمرأة المهنية العاملة فيه، تعيش هي الأخرى إكراهات متعددة، وبينهما مسافات مطلبية ليست بالهيّنة، وصور من شأن استمرار حضورها توسيع الخدش/الشرخ في أعيننا.
الكاتب : وحيد مبارك Wahid.abouamine@gmail.com - بتاريخ : 08/03/2018