بالصدى : شواهد لـ «السكنى»

وحيد مبارك

تشهد العديد من الملحقات الإدارية مناوشات ومشاحنات وتوترات مختلفة الأشكال بين الفينة والأخرى، التي تجمع مواطنين بممثلين للسلطة المحلية جراء رفض تسليمهم شواهد للسكنى تقدموا لطلبها، رغم أنه من المفروض أن البطاقة البيومترية تعفي حاملها من طلب هذه الوثيقة، مع تخويل هذا الاختصاص للدوائر الأمنية في حال الرغبة في تجديد البطاقة.
مواطنون يطالبون بحقهم في الحصول على هاته الوثيقة ويقدمون ما يعتبرونه إثباتات تؤكد أحقيتهم في تسلمها، سواء من خلال العناوين المتواجدة على ظهر بطاقة التعريف أو باعتماد شهادات الشهود أو غير ذلك، علما بأن بحث السلطة المحلية يبقى الفيصل المحدد للاستجابة أو الرفض، لكن بالمقابل هناك أشخاصا آخرين يبذلون جهودا حثيثة لتسلّم هذه الوثيقة «السحرية»، ليس بهدف قضاء غرض إداري «عادي» هو من حقّهم، وإنما من أجل ضمان موطئ قدم ضمن لوائح المستفيدين من برامج إعادة الإسكان في منطقة من المناطق ومن كل أشكال الدعم المتوفرة المرتبطة بهذا الموضوع، سواء تعلق الأمر بدور الصفيح أو المنازل التي تم وضع اليد عليها في إطار نزع الملكية أو همّ الشأن الدور المتداعية للسقوط.
ولأن شهادة السكنى، تعبّد الطريق أمام البعض لـ «السكن»، حتى في حال توفرهم على سكن فعلي في مكان آخر وبالتالي عدم أحقيتهم في الحصول عليها، يقوم عدد من ممثلي السلطة المحلية من أعوان للسلطة ورؤساء ملحقات إدارية بإدراجها ضمن خانة «الوثائق الحمراء»، التي لا يمكن تحريرها وتوقيعها وتسليمها لأصحابها بسلاسة، الأمر الذي خلق مواجهات كثيرة، خاصة بالنسبة لمن تتوفر فيهم شروط الحصول عليها الذين وجدوا أنفسهم محرومين منها، بسبب ما يمكن تسميته بـ «التخوف» أو «الحرص» الذي يفوق حدود المنطق والمعقول، وهو ما جعل عددا من المتضررين يطرقون أبواب السلطات الأعلى من رؤساء دوائر، وباشوات، ورؤساء أقسام داخلية وغيرهم، حسب درجة التراتبية، بينما من أعياه طرق كل هذه الأبواب توجه نحو القضاء، معللا شكايته بحجج مختلفة، تتضمن محاضر معاينة لمفوضين قضائيين وغير ذلك.
وإذا كان الحصول على «شهادة السكنى» قد زجّ بأعوان للسلطة وبغيرهم في السجن بعد متابعتهم قضائيا نظرا لـ «التزوير» واعتمادها في ملفات مختلفة بدون سند مشروع، فإن مجموعة من المسؤولين لايخفون قلقهم الكبير من الوضع المتعلق بهذه الشهادة، التي يؤكد عدد منهم بأنه صُدم في مرات عديدة بطبيعة الأشخاص الذين طرقوا أبواب مكاتبهم لطلب الحصول عليها، والذين ينتمون إلى قطاعات ومجالات مختلفة ومهمة، بالرغم من أنه لا حقّ لهم فيها بتاتا؟
هذا التشدد المحمود والمرغوب في الحالات التي تقوم على «التدليس» يتحول إلى تعسف في المقابل حين يتعلق الأمر بأصحاب حقّ، فيصبح الحصول بالنسبة لهم على هذه الوثيقة عنوانا على مسيرة من المماطلة والتسويف، ومن «الابتزاز» من طرف بعض منعدمي الضمير، وغيرها من الإشكالات التي تترتّب عن هذا الوضع، الذي من المفترض أن يمر بسلاسة وأن يعكس وجها إيجابيا من أوجه تبسيط المساطر وإصلاح الإدارة في خدمة المرتفقين، وهو الأمر الذي لا يزال يحتاج إلى جهد كبير مرتبط بالعقليات، سواء عند المواطن أو المسؤول، ويتطلب بالمناسبة كذلك تجانسا حكوميا بين مختلف القطاعات، لأنه من غير السوي والطبيعي أن يتم الإعلان عن قائمة بالوثائق الإدارية التي لم تعد مطلوبة في حين يصطدم المرتفق بواقع آخر يطالبه بإحضارها في عدد من الحالات، ونفس الأمر يشمل الوثائق التي تعفي البطاقة البيوميترية من طلبها!

الكاتب : وحيد مبارك - بتاريخ : 30/06/2025