بالصدى … قانون للإلغاء…

وحيد مبارك wahid.abouamine@gmail.com

في مثل هذا الشهر من سنة 2015 صدر بالجريدة الرسمية ضمن عددها الذي يحمل رقم 6342، الظهير الشريف رقم 1.15.26 بتنفيذ القانون رقم 131.13 المتعلّق بمزاولة مهنة الطب، الذي جاء وفتح الباب على مصراعيه للمستثمرين من غير الأطباء لولوج قطاع الصحة وتملك مصحات، وهو الذي حدّد في مضامينه ، خاصة في مادته الثانية على أن «الطب مهنة لايجوز بأي حال من الأحوال وبأي صفة من الصفات أن تمارس باعتبارها نشاطا تجاريا، يزاولها الطبيب مجردا من كل تأثير وازعه فيها علمه ومعرفته وضميره وأخلاقه المهنية…»، ثم عاد من خلال هذا القانون وغيره، ليؤكد على البعد التجاري لهذه المهنة في القطاع الخاص، من خلال إجراءات إدارية ومساطر وجب اتباعها ذات نفس تجاري، فضلا عن ترسانة ضريبية توضح وبكيفية مضبوطة الضرائب الواجب استخلاصها والتي تفوق تلك التي تنطبق على الشركات التجارية؟
3 سنوات مرّت، يجب أن تكون كافية لتقييم هذا القانون، ولو في شقّ من مضامينه، لأجل إعادة النظر فيها من خلال تحيين يراعي ما تمت ملامسته من إخفاقات، بالنظر إلى أن الوعود التي تم التبشير بها، من طرف الوزير المعفى الحسين الوردي، لم يتحقق أي منها، وهو الذي ظل يؤكد على أن هذا القانون سيمكّن من تجاوز النقائص الصحية على مستوى البنيات، وسيساهم في إحداث وحدات جديدة قريبة من المواطنين في المناطق النائية، والحال أن السواد الأعظم من المصحات الخاصة التي يصل عددها إلى 371 تتواجد فعليا، وتتمركز في محور الرباط – الدارالبيضاء، إلى جانب مصحات بمراكش وأكادير والجديدة، بأعداد أقل، في حين أن مناطق كثيرة هي محرومة من هذه البنيات التي من شأنها المساهمة في تحقيق أمن صحي والإجابة عن الاحتياجات التي قد يعانيها القطاع العام، علما بأن المستثمرين الذين كان يعوّل عليهم اقتنوا 6 مصحات، كانت جاهزة، في غياب أي استثمار جديد، وأية قيمة مضافة لتطوير الشأن الصحي ببلادنا، من خلال اجتهادات مادية عبر تشييد مصحات جديدة؟
قانون، ظل جامدا، بل ومتناقضا في عدد من مضامينه الداخلية، ومع قوانين أخرى تخص القطاع الصحي ببلادنا، في ظل غياب خارطة صحية، مما ساهم في توسيع الشرخ، وخلق الفوضى في القطاع الخاص، عبر مركزة وتجميع عدد من المؤسسات الصحية ذات الاختصاص الواحد في رقعة جغرافية واحدة، بشكل متقارب فيما بينها، حتى أن معدات تقنية ذات كلفة مادية باهظة، تتواجد بكل هذه المؤسسات تتقاسم عددا معينا من المرضى عوض توحيد الجهود وتغيير التخصصات، والحال أنه كان من الممكن أن تحدث مثل هذه البنيات في أماكن تعرف خصاصا اكبر وفي ظل مواصفات وبخطوات تحفيزية لتمكين المغاربة من حقهم الدستوري في الصحة والعلاج، الأمر الذي يبرز ، وبشكل جليّ، أن القطاع يحتاج إلى نظرة شمولية، وإلى تصور عملي قابل للتحقيق يراعي كل الملاحظات، هذا التصور الذي غاب عن القانون 131.13 الذي تم إخراجه إلى حيز الوجود ضدا على الملاحظات المتعددة التي تم تقديمها، سواء من طرف هيئة الأطباء أو من طرف المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وخلق حالة من اللبس، وفقا للمهنيين، الذين حذروا من تبعاته في التحضير له، ونبهوا إلى تضارب مقتضياته بعد تنزيله، والتي جاءت بالجملة، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر، مسألة لجنة الأخلاقيات، اللجنة الطبية، المدير الطبي المسؤول، تداخل المهام والمسؤوليات، العقدة وطبيعتها…
إن القطاع الخاص هو مكمّل للقطاع العام، وهما معا إذا ما تم إيلاؤهما العناية الضرورية، وتم سنّ عدد من التشريعات والقيام بجملة من الإجراءات المصاحبة، كما هو الشأن بالنسبة لتعميم التغطية الصحية، وتطوير الشراكة التي تجمعهما، سيسهمان في تمكين المواطن المغربي من حق دستوري، الأمر الذي سيكون له كبير الوقع على المواطن وعلى مردوديته المجتمعية.
إن الوضع الذي تعيشه المنظومة الصحية اليوم، التي يعرف الجميع أعطابها، يجب أن يتم أخذه بعين الاعتبار والتأسيس لمقاربة تشاركية فعلية في الإعداد لمشاريع القوانين المستقبلية، تفاديا لكل مامن شأنه فرملة عجلة التقدم نحو الأمام، وحتى لا يؤدي إلى ارتفاع أصوات التنديد، كما وقع من طرف أطباء القطاع الخاص خلال أشغال مناظرتهم الوطنية الرابعة التي احتضنتها مراكش نهاية الأسبوع الفارط، الذين دقوا ناقوس الخطر، وطالبوا بضرورة إلغاء القانون 131.13 بسبب «التيه» الذي ساهم في «تحقيقه»…

الكاتب : وحيد مبارك wahid.abouamine@gmail.com - بتاريخ : 15/03/2018