بالصدى . .لدغات ولسعات سامّة

وحيد مبارك
ما أن ترتفع درجات الحرارة، وتتجاوز معدلاتها «الطبيعية» في بلادنا، حتى تخرج الأفاعي من جحورها والعقارب من «أوكارها» وتتسلل بين الحشائش والأحراش والأعشاب المختلفة بحثا عن صيد لها أو غير ذلك، لكن في طريقها يحدث أن تصادف إنسانا في طريقها، فتلدغه الأولى أو تلسعه الثانية على حين غفلة، ويكون لفعلها السام هذا الأثر المتباين، إذ يمكن للضحية أن يتجاوز الحادث ويتعافى منه، متى كان التدخل عاجلا وسليما، وفقا للحالة وما تستلزمه من ضرورة، لكن في حالات أخرى يقع ما لا يكون منتظرا، ويفارق المصاب الحياة.
ضحايا من الجنسين، صغارا وكبارا، تؤكد المعطيات الرسمية المتوفرة، أن عددهم يصل في السنة إلى حوالي 25 ألف مصاب بلسعات عقارب، في حين أن عدد الذين يتعرضون للدغات الأفاعي يتراوح ما بين 400 و 500 شخص، وكم يكون وقع الحادث مأساويا حين تفارق الضحية الحياة، تاركة أسرتها تئن لألم فراقها المفاجئ، كما هو الحال بالنسبة للشابة التي غادرت الدنيا في أحد الدواوير المتواجدة بإقليم الرشيدية، وعمرها لا يتجاوز 18 عاما، بسبب لدغة أفعى، لم تترك لها أملا في الحياة رغم نقلها إلى مستعجلات المركز الاستشفائي الجهوي مولاي علي الشريف.
حالة لم تكن بالمعزولة ولا بالاستثنائية، لأن حوادث لسعات العقارب ولدغات الأفاعي جاءت مبكرة هذه السنة، فقبلها تم تسجيل حادث مؤلم آخر أواخر شهر ماي، بعدما كانت أفعى أيضا سببا في وفاة طفل لا يتعدّى عمره 12 عاما، الذي فارق الحياة بأحد الدوواير المتواجدة بإقليم تازة، بعدما سرى سمّ الحيّة في جسمه الصغير. ولأن الأفعى لا تميز بين صغير وكبير، فقد جرى تسجيل حالة مماثلة في نواحي إقليم وزان، وهذه المرة كان الضحية رجلا في الخمسينات من عمره، على مستوى جماعة بوقرة، الذي فارق الحياة هو الآخر، وفقا لما تم تداوله إعلاميا، بالمركز الصحي الجماعي بزومي بعد أن تفاقمت وضعيته الصحية متأثرا باللدغة التي تعرض لها.
سيناريو عرفته مناطق أخرى كذلك، خلال هذه الفترة القصيرة، منذ مطلع السنة الجارية إلى اليوم، قد يكون أقلّ ضررا من حيث الخسائر، كما هو الحال بالنسبة للشخص الذي تعرض للدغة أفعى بإحدى المناطق بإقليم بني ملال، مما حتّم نقله على وجه الاستعجال صوب مستعجلات المستشفى الجهوي، ومنها إلى قسم العناية المركزة، حيث تم تجاوز المرحلة الحرجة، لكن الخطر يبقى قائما في كل وقت وحين، فالأفاعي والعقارب لم يعد ظهورها مقتصرا على مناطق نائية جبلية وفي القرى، فالعديد من المواطنين وثقوا خلال الفترات السابقة لظهور عدد منها في بوسكورة والسالمية بمدينة الدارالبيضاء وفي أرجاء أخرى، مما يفرض الرفع من درجات الحيطة والحذر.
يقظة تستدعي توفير الحقائب الطبية التي صارت منذ 2007 بديلا عن الأمصال المضادة لسم العقارب، التي قيل بأنها لم تعد تجدي نفعا بسبب تعدد أنواع العقارب السامة التي يصل إلى حوالي 50 نوعا، خلافا للأمصال المضادة لسموم الأفاعي التي من المفروض أن تكون حاضرة في كل المناطق الحمراء تحديدا، ومعها باقي تراب المملكة، من أجل التدخل في حينه لإنقاذ المصابين، وهو ما يتطلب بنية صحية قريبة من المواطنين لا يعترض الوصول إليها إكراهات مجالية وغيرها، وتوفر موارد بشرية قادرة على التعامل السريع مع الوضع، لوقف هذا النزيف المتواصل الذي يحرق أكباد الأسر التي تفقد أقاربها جراء سموم العقارب والأفاعي.
تدخلات يجب أن تشمل تطهير الأحراش المنتشرة هنا وهناك، والتي تبقى من مسؤولية المجالس المنتخبة، وهنا تجب الإشارة إلى ما تعرفه بعض المناطق التي طالها الهدم الجزئي في إطار ما يعرف بتحرير الملك البحري، والتي صارت بمثابة مقبرة للنفايات الهامدة، مما يجعل منها جحورا محتملة، كما هو الحال بالنسبة لنواحي شاطئ الداهومي في تراب بوزنيقة، أو على مستوى شاطئ الصنوبر بتراب المنصورية، وفي غيرهما، أخذا بعين الاعتبار أن غياب مراكز صحية يرفع من معدلات الخطر الذي يبقى قائما في كل وقت وحين، ونفس الأمر بالنسبة للبقع الفارغة والمستودعات المهجورة التي تنتشر في تراب أحياء العديد من مقاطعات الدارالبيضاء وغيرها من المدن، مما يؤكد على أن خطر سموم العقارب والأفاعي يتهدد القرى والحواضر بكيفيات متباينة!
الكاتب : وحيد مبارك - بتاريخ : 12/06/2025