بالصدى … مصالحة وشراكة

وحيد مبارك wahid.abouamine@gmail.com

فتحت الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة الباب للتواصل، وأعلنت عن إطلاق عهد جديد بعد 120 يوما عن تشكيل مكتبها التنفيذي الجديد، مؤكدة عزمها على التواصل بشأن كل صغيرة وكبيرة تهمّ القطاع الخاص، بهدف محاولة التقليص من حجم وتداعيات صورة سلبية ظلت لصيقة بالقطاع، بعضها واقعي هو نتاج لممارسات البعض التي لا يمكن تعميمها وإسقاطها على الكل، بالنظر إلى أن كل قطاع فيه الصالح والطالح، فإذا كان القطاع العام تشوبه شوائب هو أيضا، عنوانها المحسوبية والرشوة وغيرها من الممارسات التي تطالعنا وقائعها بين الفينة والأخرى، والتي لا تعني بالضرورة أن كل المهنيين هم في سلة واحدة، فإن «النوار» والفوترة الخيالية، والحديث عن عمليات شكلية، وغيرها من المسلكيات، هي الأخرى تعتبر عناوين قاتمة، ضرّت وما تزال بالقطاع الخاص، وتتطلب مواجهة وصراحة سعيا وراء مصالحة حقيقية.

120 يوما كانت كافية لإطلاق دينامية جديدة على مستوى البنية التنظيمية للجمعية الوطنية للمصحات الخاصة، بإحداث مكاتب جهوية، حتى لا يبقى القرار مركزيا بالعاصمة الاقتصادية، إضافة إلى مجلس وطني يضم ممثلي 600 مصحة ومؤسسة مماثلة كما هو الحال بالنسبة لمراكز تصفية الكلي. وبعد التأسيس لهذه اللبنات التنظيمية، انفتحت الجمعية على وسائل الإعلام لتعلن عن استراتيجيتها، وهي لحظة لم تكن هيّنة بالنظر لحجم التساؤلات والكمّ الكبير من الملاحظات والمشاكل، الفعلية والمختلقة، التي تحتاج لأجوبة بعيدة كل البعد عن لغة الخشب، وتتطلب جرأة في الاعتراف بالنقائص والاختلالات والدعوة إلى المحاسبة وتطبيق ميثاق أخلاقي شفّاف، وتوحيد تعريفة الخدمات، مع إبراز حقيقة الإكراهات التي تعيق وتفرمل المجهودات وتكون مثار الشكايات والانتقادات، كما هو الحال بالنسبة للشيكات والمصاريف التكميلية وغيرها…
انتقادات كبيرة توجّه للقطاع الخاص في المجال الصحي سيّما في حالات الحزن والألم، حين تكون النتائج على غير المتوقّع، ويكون أمامها البعض مصدوما لهول الفراق ووقع الجزاء المادي المطالب بتسديده وتأديته في آن واحد، الأمر الذي يجعل من استيعاب عدد من التفاصيل الإدارية والمادية غير مستساغ، وهو ما يستوجب نوعا آخر من التوعية والتحسيس إلى جانب التثقيف الصحي، علما أنهما معا يعانيان من فقر معلوماتي، بالنظر إلى أن العلاقة بين الجانبين في كثير من الأحيان يغلب عليها الطابع الميكانيكي وتفتقد للحس الإنساني.
خطوة الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة التي استقبلها الصحافيون بكثير من الاهتمام، ويريدونها دائمة غير منقطعة ولا موسمية، ينتظر منها التأسيس لمرحلة مكاشفة فعلية، للنهوض بصحة المغاربة في إطار تكاملي بين القطاعين العام والخاص، وهو ما لن يتأتى إلا بتعميم التغطية الصحية، فالعدل الصحي سيظل مفتقدا ما دام الولوج إلى العلاج متاحا للبعض وعصيّا على البعض الآخر، وأية شراكة تأتي للإجابة عن النقائص والاحتياجات، بشرية كانت أو تقنية، هي يجب أن تنطلق من منطلق تكاملي بعيدا عن كل نوايا التملص من علاج المواطنين، والتخلص من عبء «افتراضي»، لأن أية شراكة في هذا الصدد، يجب أن تكون منتقاة تفاصيلها المرضية، بتحديد اختصاصات معينة، على أن تكون شراكة كذلك في الجانبين بما يقوي المستشفى العمومي ويضمن استمراريته لا انقراضه!
إن أوجاع الصحة هي آلام يومية، حاضرة في كل أسرة، وتشكل محور حديث المجالس الخاصة والعامة، وإذا كانت الخدمات الصحية بنقائصها في القطاعين معا، هي تمكّن من إنقاذ أرواح، ومن علاج مرضى من أسقامهم، وتعيد البسمة إلى محيّا الكثيرين، وتسهم في أن يرى مواليد النور ويخرجون إلى الحياة، وما إلى ذلك من تدخلات، فإن الكثير من هذه الخدمات الصحية، التي هي حق دستوري وجب الدفاع عنه، قد تغطيها بين الفينة والأخرى صور أخرى تطفو على السطح، لوفيات بسبب إهمال، وأخرى لأخطاء طبية، وغيرها تهمّ مسلكيات بشرية، حتى وإن كانت معدودة، بالنظر إلى أن قطاعا حساسا من هذا القبيل يريده الجميع أن يكون كاملا غير ناقص، وأن يكون مثاليا، الأمر الذي يتطلب مساهمة جماعية من أجل إعادة زرع الثقة التي افتقدت نتيجة لما يتم تداوله حتى في التصريحات الرسمية، التي ساهمت بدورها في خلخلة صورة الصحة في المغرب؟

الكاتب : وحيد مبارك wahid.abouamine@gmail.com - بتاريخ : 12/07/2018