بالصدى :هيئات طبية بمهام دبلوماسية

وحيد مبارك

استطاعت هيئة أطباء الأسنان الوطنية، بعيدا عن مطالبتها بإخراج التشريعات المنظمة للمهنة التي ظلت تنادي بها، وعن الدعوة لمحاربة الممارسات غير الشرعية، والتحذير من تبعات ذلك والمخاطر التي يكون المواطنون عرضة لها، من أن تستقطب الأضواء خلال الشهرين الأخيرين، من زاوية أخرى هذه المرة، وأن تخلق الحدث مغربيا، مغاربيا، عربيا وإفريقيا، وأن تقوم بدور دبلوماسي رفيع يتجاوز حدود ماهو مهني، مرتبط بصحة الفم والأسنان فحسب، إذ بوأت المغرب الصدارة مقارنة بدول أخرى، وهي تمنحه رئاسة الاتحاد المغاربي في شهر أكتوبر بمراكش، بمناسبة انعقاد أشغال المؤتمر المغربي لطب الأسنان، الذي شهد كذلك تأسيس الكونفدرالية الإفريقية لهيئات أطباء الأسنان، في شخص الدكتور محمد جرار، ثم رئاسة اتحاد أطباء الأسنان العرب خلال أشغال الجمعية العمومية لهذا الاتحاد، التي انعقدت يوم الأربعاء 22 نونبر 2017 بالقاهرة، لتؤكد بذلك الهيئة مسارا تصاعديا وحضورا قويا في الساحة المغاربية والعربية والإفريقية.
حدث لايمكن المرور عليه مرور الكرام، بل يتطلب وقفة للتنويه بهيئات مهنية من هذا القبيل، تنكب من جهة على معالجة ملفات القطاع الذي تشتغل فيه، للرقي بالمنظومة الصحية بشكل عام، وخدمة المواطن صحيا، إلى جانب الدفاع عن المهنيين والمساهمة في توفير فضاء أمثل لممارسة مهنية سليمة من خلال تحصينها على المستوى التشريعي والتنبيه للاختلالات التي قد تعترضها، وهي واجهة داخلية ضرورية، كما تسعى من جهة أخرى لتعزيز حضور المغرب في محافل وملتقيات من هذا القبيل، ورفع رايته وإسماع كلمته، الأمر الذي من شأنه تحقيق وحدة مهنية وتطويرها إلى ماهو أبعد من ذلك خدمة لقضايا الشعوب المشتركة، وهو ماترجمته هيئة الصيادلة، وأكدته الأمس واليوم هيئة أطباء الأسنان، مما يستوجب دعم كل التنظيمات المهنية الصحية، مادمنا نتحدث في إطار المستوى الصحي، وتوفير السبل التي تمكّنها للقيام بهذه الأدوار المتعددة بكامل النجاعة، باعتبارها قادرة على الإجابة عن العديد من الأسئلة والإشكالات.
الحديث عن الهيئات المهنية الصحية وأدوارها، يدفعنا للوقوف كذلك عند المنح المقدّمة لها من طرف الوزارة الوصيةّ، ومن بينها هيئة أطباء الأسنان التي تتسلم سنويا مبلغ 30 مليون سنتيم، للمساهمة في تدبير يومياتها، علما أن هذه الهيئة التي نتناولها بالمناسبة كنموذج، هي تصرف حوالي 60 مليون سنتيم في السنة كواجبات تخص المستخدمين، فضلا عن واجب الكراء الشهري للمقر باعتبارها لاتتوفر على مقر خاص، إضافة إلى جملة المصاريف التي يتطلبها عملها، سواء في إطار محاربة الممارسة غير الشرعية للمهنة، أو عقد المجالس التأديبية، والتواصل، والعمل الإداري البحث، والتسجيل في اللائحة، والتكوين المستمر، وتمثيل المغرب في المحافل المختلفة، مغاربيا، عربيا، إفريقيا، ودوليا، وغيرها، والتي تكون اشتراكات الأطباء هي المفتاح لتحقيق جملة هذه المشاريع/الغايات، بالرغم من التعثر الذي قد يسجّل في هذا الصدد؟
الأكيد أن ميزانية وزارة الصحة هي برمّتها ظلت خلال كل هذه السنوات مثار انتقاد، مما كان ومايزال ينعكس على عدد المناصب المالية التي تخصصها لتوظيف المهنيين، والأدوية التي يتم اقتناؤها، وتشييد المستشفيات وتجهيزها، وغيرها من التفاصيل اليومية المرتبطة بالمؤسسات الاستشفائية والمراكز الصحية، التي لها صلة بصحة المواطن المغربي بشكل مباشر، وفي خضم كل هذا تأتي الهيئات المهنية إلى جانب مؤسسات أخرى، مما قد يجعل من جملة الإكراهات المسجّلة عوامل تفرمل أية نهضة ترجوها فئة من الفئات المعنية، لكن وبالنظر إلى السرعة التي يسير بها المغرب، والتي يشهد الجميع بأهميتها وبثمارها الإيجابية، فإنه يتعين بذل مزيد من الجهد في إطار دعم الصحة في وطننا، والاهتمام أكثر بالمواطن صحّيا، بالمهنيين وبالبنيات، وكذلك بالهيئات التي تعترضها الكثير من التحدّيات، والتي تشتغل على صعيد مجموعة من الواجهات، كما هو الحال بالنسبة اليوم لهيئة أطباء الأسنان الوطنية التي هي في حاجة، كما هو الأمر بالنسبة لغيرها، إلى مزيد من الإنصات والدعم.

الكاتب : وحيد مبارك - بتاريخ : 30/11/2017