بالفصيح … خروج الرئيس ماكرون عن النص
يونس مجاهد
التصريح الذي نسبته جريدة «لوموند» الفرنسية، إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، التي شكك فيها بوجود أمة جزائرية، قبل الإستعمار الفرنسي، ليست جديدة، فقد سبق أن تحدث عنها كثيرون، من بينهم رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة، فرحات عباس، الذي كتب سنة 1936، لقد بحثت عن وطن جزائري، فلم أجده، وسألت عنه الأحياء والأموات، وزرت المقابر، دون جدوى.
فرحات عباس، الذي ترأس الحكومة الجزائرية المؤقتة، في الفترة الممتدة بين سنة 1958 وسنة 1961، هو الذي كان قد وقع مع المغرب على تعهد مكتوب، مفاده أن المغرب سيسترجع أراضيه الشرقية، التي ضمتها فرنسا، بعد نجاح الثورة الجزائرية.
ويعرف الجميع أن الدولة الجزائرية قد تنكرت بعد ذلك لهذا التعهد، واستمرت في الدفاع عن الحدود كما تركها الإستعمار، بينما يرفض المغرب هذا الأمر الواقع، ويعتبر أنه من الضروري مراجعة الحدود التي رسمت بمسطرة المستعمر.
لذلك فإن ما نسب من تصريح لماكرون، له دلالة بالغة الأهمية، يلخص ما تشهده المنطقة المغاربية من صراع، حيث يعتبر المغرب أنه لا يمكن القبول بما خلفه الإستعمار، خاصة وأنه عندما دخلت فرنسا لما سمي بالجزائر، لم تكن هناك دولة قائمة، كما كان نفوذ السلطان المغربي، يمتد إلى نهر السينغال.
وتتوفر الدولة الفرنسية على كل الوثائق والمعاهدات والخرائط، التي تؤكد الحقوق المغربية، لكنها تحتفظ بها، في إطار سياستها بالمنطقة، رغم خروج ماكرون عن النص، الذي رسمته هذه الدولة، التي ستستمر، وقد يأتي رئيس جديد أو يعاد انتخاب ماكرون، لكن مصالح الدولة العليا، فوق الرؤساء.
ولا ينتظر أن تتغير سياسة فرنسا في المنطقة، بعد «اعترافات» ماكرون، فمصالحها مازالت مرتبطة بوجود الصراع في المنطقة المغاربية، وسياسة الدولة الجزائرية الفتية، تتماشى مع هذه المصالح، لأنها تحرص أشد الحرص على صيانة ما خلفه الإستعمار من حدود، لسببين، الأول أنه يخدم توسعها في المنطقة الشرقية، وهي مقتطعة من المغرب، والثاني، لأنها لا تعرف غير هذا، فلا تاريخ لها قبل دخول الإستعمار، غير التشردم والخضوع للحكم العثماني، بعد ذلك. وقد كتب المفكر والمؤرخ عبد لله العروي، في كتابه «الجزائر والصحراء المغربية»، أن البلدان التي لم تكن لها دولة قبل استعمارها، تواصل محاكاة سياسة المستعمر في علاقاتها الخارجية مع الجيران.
موضوع «الأمة الجزائرية»، المفقودة قبل الإستعمار، هو ما يجعل دولة العسكر في الجزائر، تعادي المغرب في سعيه إلى استعادة وحدته الترابية، لأنها تعلم أن انتصاره في هذه المعركة، ليس إلا بداية لمساءلة شاملة حول كل مخلفات الإستعمار.
الكاتب : يونس مجاهد - بتاريخ : 04/10/2021