بالمباشر:أيام المونديال

عزيز بلبودالي

غطت أخبار السباق نحو تنظيم مونديال 2026، ومعها تلك المتعلقة باستعدادات المنتخب الوطني لمحطة روسيا، عن أخبار بدرجة أكثر أهمية أو على نفس الأهمية.
لا حديث، على هذا المستوى، سوى عن أخبار المونديال، في الشارع العام، في المقاهي، في البيوت، في حفلات الزفاف والختان وحفلات تكريم النجوم أومهرجانات السينما والمسرح، وحتى في تجمعات العزاء ومراسيم الدفن، حيث لا يخلو أي تجمع من استحضار أخبار المنافسة مع المريكان، أو أخبار حظوظنا أمام السبليون خاصة وهم يبعثون، أول أمس، بعد سحقهم للأرجنتين بستة أهداف لواحد، إشارات الرعب لكل المنتخبات الحاضرة هذا الصيف في مونديال روسيا.
وكأن الناس لم يعد يهمهم ارتفاع الأسعار، ولا زيادة الساعة في التوقيت المغربي، ولا استعدادات الأبناء لامتحانات آخر الموسم الدراسي، ولا سوء أحوال الطرقات وما خلفته الأمطار الأخيرة عليها، ولا قرب حلول رمضان بتكاليفه المرتفعة ومصاريف العيش التي تلامس السحاب.
سكت الجميع، وكأن المونديال جوهر الحياة وحده، وكأن فتاة في مقتبل العمر لم يتم تجريدها من ملابسها والاعتداء عليها في الشارع العام، وكأن مستشفياتنا قد تخلصت من أزبالها المتراكمة في جنباتها ومداخلها وبين أسرة مرضاها، حتى أن مستشفى في وسط أكبر مدينة مغربية وضعت في الملف المونديالي كمحتضنة لمبارتي الافتتاح والنهاية، لو حصلنا على تنظيم مونديال 2026، يصعب تخيل ما وصلت إليه حالته من وسخ وفوضى وتسيب وإهمال أصبح معها المريض عرضة للابتزاز وعرضة لتضاعف الإصابة بأمراض أخرى، حتى أنه لو خير بين دخول مؤسسة سجنية على دخول « موريزكو» لفضل الأولى على الأقل يجد فيها أمنا وطمأنينة.
وكأن الناس تصالحوا مع متاعب الحياة اليومية، مع مشاكل النقل، فواتير الكهرباء والماء المرتفعة جدا، مخاطر الطريق وأعطاب علامات التشوير وانسداد أهم محاور الطرق بسبب الأشغال التي ما أن تنتهي حتى تستأنف من جديد. وكأن الناس لم يعد يشغلهم الصراع اليومي لضمان القوت، ولم يعد يهمهم إصلاح التعليم واضطرار غالبيتهم إلى التوجه بأبنائهم للمدارس الخصوصية بتكاليفها المرتفعة وحريتها في تحديد أسعارها، ولم يعد يهمهم ارتفاع حوادث السير، وسقوط الضحايا كل يوم، بل كل دقيقة وكل ثانية، وكأنهم لم يعودوا يعرفون أين وصلت حالة اقتصادنا، ولا كيف نحل معضلة البطالة المرتفعة ولا كيف نحل إشكالية السكن ومعالجة قضية دور القصدير التي لا تنتهي وتصر على مواصلة الوجود بالرغم من كل البرامج التي وضعت وسطرت لحلها.
كل الأدمغة أصبحت كروية الشكل والمضمون، أصبحنا نعرف عن فوزي لقجع وأصحابه في اللجنة المشرفة على مونديال 2026، ونعرف عن هيرفي رونار ولاعبيه ومعاونيه بل وعن حياته الخاصة، أكثر مما نعرفه عن تطورات قضايا وطننا الثقافية والاقتصادية. في المحطات الإذاعية والتلفزية، في صحفنا وفي مواقعنا الإلكترونية، الكرة ثم الكرة، حتى وإن ثمنا الاهتمام بالرياضة كرافد ضروري لتحقيق التنمية التي ننشدها، فليست كرة القدم وحدها عالما للرياضة.
ومع ذلك أجدني بدوري غير مهتم سوى بأخبار المونديال، وأجدني وكأني في معركة « وجها لوجه» مع المريكان أرفع في وجه ملفهم كل التحدي.. نحن إفريقيا، وإفريقيا تتوفر على 54 صوتا، لدينا منهم لحد اليوم 24 صوتا، هم تونس – كوت ديفوار – السنغال – مالي – النيجر – الكونغو برازافيل – غينيا الاستوائية – غينيا كوناكري – الغابون – السودان – الرأس الأخضر – سوازيلاند – مدغشقر – الكامرون – بوروندي – إفريقيا الوسطى – ليبيريا – سيراليون – نيجيريا – غينيا بيساو – البنين – بوركينا فاسو – ليبيا- مدغشقر.
أوروبا لها 53 صوتا، ولدينا منها لحد اليوم أكثر من عشرة أصوات: فرنسا – إسبانيا – إيطاليا – بلجيكا – مالطا – البرتغال – تركيا – صربيا – وزيد وزيد.
آسيا وتملك 46 صوتا، ولنا منها لحد اليوم أكثر من 15 صوتا: إيران – قطر – الكويت – الصين – الأردن – فلسطين – أوزبكستان – قيرغستان – طادجكستان – تركمنستان – باكستان – إندونيسيا – ماليزيا – سريلانكا – سنغافورة وأصوات أخرى في الطريق.
هناك أيضا اتحاد الكونكاكاف (أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي) ولديه 35 صوتا ومازلنا نبحث عن منفذ لهذا الاتحاد.
اتحاد أوقيانيا (11 صوتا) ثم اتحاد أمريكا الجنوبية (10 أصوات) والطريق إليهما تبدو صعبة.
بدوري وكأني غير معني سوى بالمونديال وبأخباره.. الكرة أهم من الخبز أحيانا..بل أحيانا كثيرة !

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 29/03/2018