بالمباشر : احتراف «المحليين»..!
عزيز بلبودالي
يذكرنا تاريخ كرة القدم المغربية بواحد من القوانين، التي أبدع في سنها رجال الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في فترة السبعينيات،حيث صدر وقتها قانون يقنن انتقال اللاعبين المغاربة للاحتراف، ويمنع من هم أقل من 28 سنة من عمرهم، من التوقيع لفريق محترف في أي بلد من بلاد العالم.
جاء ذلك القانون، كما يذكرنا التاريخ، بعدما لاحظت الجامعة أن الكرة الوطنية، وتحديدا الفريق الوطني، كان يصعب عليه الاعتماد على اللاعب المنتقل إلى الاحتراف، بسبب تعنت الأندية الأوربية وتفضيلها مصالحها ورفضها بالتالي الترخيص للاعب بالالتحاق بالفريق الوطني.
جاء ذلك القانون أيضا، للحفاظ على انتماء اللاعبين لمنتخب بلدهم خصوصا منهم صغار السن، الذين كانوا ينتقلون لأوربا، فتسهل بالتالي عملية جرهم لحمل قميص منتخب غير منتخبهم الأصلي وكذا تجنيسهم.
طبعا، من فترة السبعينيات إلى حاضرنا اليوم، متغيرات كثيرة حدثت، وقوانين جديدة تم سنها على مستوى الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا، تضمن مصالح منتخبات البلدان المصدرة للمواهب الكروية، ولم يعد بإمكان الفرق الأوربية منع اللاعب من مجاورة منتخب بلده واللعب في صفوفه، ومع ذلك كرتنا الوطنية مازالت في حاجة إلى ما يحمي مصالحها، وجامعة الكرة مطالبة بالتحرك في مواضيع تفرض المعالجة والاهتمام، كيلا يزيد نزيف الضرر.
مناسبة هذا القول، ما لحق بمنتخبنا الوطني للمحليين، وهو يفقد في الأيام القليلة الماضية لاعبا أساسيا، سيشكل غيابه فراغا مهولا في خط هجومه، والسبب أنه انتقل للاحتراف، مما يسقط عنه –أوتوماتيكيا- صفة الانتماء لمنتخب المحليين. الأمر يتعلق بعبد الرحيم مقران، لاعب فريق شباب الريف الحسيمي، الذي انتقل إلى فريق «اتحاد كلباء» من القسم الوطني الثاني، بالإمارات العربية المتحدة على سبيل الإعارة، وذلك إلى نهاية الموسم الحالي .
الأمر غير مفهوم، ويحتاج إلى مناقشة موضوعية، لأنه يتعلق بمصير فريقنا الوطني المعول عليه في انتزاع لقب كأس افريقيا للمحليين، والتي يحتضنها المغرب قريبا،غير مفهوم، إذ كيف تسمح الجامعة بحرمان فريقنا الوطني من أهم آلياته البشرية، دون أن تتدخل ومن غير أن توفر الحماية لمكونات المنتخب الوطني، سيما أن المدرب الوطني جمال السلامي، كان طالب في عدة مناسبات بوقف « احتراف» عناصر منتخبه على الأقل إلى ما بعد نهاية بطولة الشان القادمة.
أكيد، من حق اللاعب أن يقرر ما يشاء، ومن حق فريقه أن يبيعه، أو أن يعيره، ويستفيد من ذلك، بما يمكن منح بعض الدفء لصندوقه، لكن من حق الوطن، ومن حق المنتخب والجمهور، أن تكون الأولوية لمصلحة الفريق الوطني. ثم ماذا كان سيمنع من التريث إلى ما بعد نهاية بطولة الشان بالنسبة للاعب موهوب مثل اللاعب عبدالرحيم مقران الذي، وللمفارقة الغريبة، كان قد رفض عرضا مُغريا من أحد أبرز الأندية المصرية قبل شهرين، ليقرر الموافقة الآن، للتوقيع في كشوفات فريق بالدرجة الثانية في الإمارات العربية المتحدة؟
بكل تأكيد، انتقال عبدالرحيم مقران للاحتراف في هذا الوقت بالذات، يشكل خسارة كبيرة للفريق الوطني للمحليين، الذي حرم قبل مقران من خدمات عدة لاعبين أساسيين، أبرزهم اللاعب محمد فوزير الذي لم ينتظر مسؤولو فريقه الأم الفتح الرباطي،على الأقل، مرور تلك المباراة الفاصلة، التي كانت جمعت بين فريقنا الوطني ونظيره المصري، ليرخصوا للاعبهم قبل موعد تلك المباراة بأسبوع، بالانتقال لفريق النصر السعودي، مما حرم جمال السلامي حينها من أحد أهم أعمدته المعول عليها. !
ومن قبل فوزير ومقران، حرم المنتخب الوطني من وليد آزارو، واللائحة طويلة.
أكيد ليس هناك عاقل سيكون ضد انتقال لاعبينا للاحتراف، لكن هي ضربة موجعة أن يحرم المنتخب الوطني من مجموعة من لاعبيه خاضوا برفقته الاستعدادات والتحضيرات، واستوعبوا طريقة اللعب وعقلية المدرب، ليضطر هذا الأخير إلى إعادة رسم تشكيلة الفريق الوطني مع ما يتطلب ذلك من وقت ومجهود إضافي.
قالها جمال السلامي، وكان على حق: «هناك ضرورة منع احتراف اللاعبين المحليين إلى نهاية «الشان» حتى لا أجد نفسي مضطرا للبحث عمن يعوض اللاعبين الذين يمنعهم الاحتراف من المشاركة في «الشان»..»!
الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 18/12/2017