بالمباشر: اعطيو التيساع للرياضة!
عزيز بلبودالي
وكأنهم يريدون منا أن نبتعد عن الرياضة، عن كرة القدم بالخصوص. كل قراراتهم، أفعالهم، برمجتهم، تبريراتهم، مواقفهم، لا تعني إلا هذا: اعطيو التيساع للرياضة!
يبنون وينشئون ويفتتحون ملاعب يسمونها ملاعب للقرب ويقولون إنها من أجل تشجيع الشباب على الرياضة، ثم يعلقون على أبوابها: مرحبا لمن يدفع ..
يخلقون ويؤسسون جامعات رياضية، لا يهم أن يخلد فيها رؤساء لعقود دون أن يفسحوا المجال لعقليات أخرى بفكر جديد، ولا يهم أن تكتفي بعضها بالتنشيط فقط ويقتصر إشرافها على ستة أندية فقط وتتلقى مقابل « إشرافها» هذا ملايين الدراهم منحة وزارية في الوقت نفسه الذي لا تتوصل فيه جامعات بآلاف المنخرطين ومئات الأندية والعصب بمنحتها، تحت مبرر عدم رضا الوزير على الرئيس!
تقام البطولات، تصرف عليها الملايير، ويصرون على قتل الفرجة التي من أجلها تقام المنافسات…
يغلقون الملاعب، يطردون الجماهير، يبتدعون كل أسلوب ممكن به إبعاد الجمهور، يختارون كل أيام الأسبوع إلا يومي العطلة، يحددون ساعات الظهيرة وأوقات العمل والدراسة ليقولوا هاهي الكرة، وها هي المباريات، ولكنكم لن تشاهدوها.
يبدعون في خلق كل ما من شأنه أن يجعل النفور هو الطاغي في علاقتكم بالرياضة، يقررون ضد المنطق وضد القانون، يصرون على إفساد كل ما يمكن أن تمنحه الرياضة من جمال ومن متعة. لكننا لن نرضخ لكم، سنحب الرياضة، سنحافظ على علاقتنا بها، وستظل جميلة في أعيننا مهما حاولتم أن تزرعوا فينا النفور منها!
لن نكرهها، وكيف لنا أن نكرهها وأولادنا في الفريق الوطني منحونا شرف الوجود في مونديال روسيا مع الكبار؟
وكيف لنا أن نكرهها والوداد حلق بنا فوق كل إفريقيا ومنحنا لقب الأبطال؟
وكيف نكرهها والرجاء يصر على النجاح في عز أزمة الحاقدين عليه؟
وكيف نكرهها وجمعية سلا يطير بنا فوق سماوات كرة السلة الإفريقية ويهدينا اللقب القاري الأروع والأعظم؟
وكيف نكرهها وحاراتنا، ودروبنا، ومداشرنا تصر إلا على منحنا كل يوم أبطالا في الدراجات، الملاكمة، الجيدو، العدو الريفي وألعاب القوى؟
برمجوا كرتكم ومبارياتكم في الفجر أو في الظهر، يوم الاثنين أو الثلاثاء، سنواصل مشاهدة لاعبينا وسنواصل تشجيعهم..!
أغلقوا صنابير دعمكم عن كرة السلة، وسيظل منتخبنا عملاقا، وجمعية سلا بطلا!
أوقفوا برامج إعداد رياضيينا للأولمبياد، وزعوا أموال الهبة الملكية كما تشاؤون، وسيخرج من بين سطور المعاناة أبطال يرفعون علمنا كما فعل ذات أولمبياد سعيد عويطة ونوال المتوكل وباقي الأبطال.. !
فهمها جمهور الرجاء وهو يردد عبارة: «ما بغيتونا نقراو ما بغيتونا نخدموا».. كما ردد: « برمجوا مباريات الرجاء مع 12 أو مع الثالثة.. في الفجر أو في الصبح..في الرباط أو في أكادير.. سنحضر، ولن تجبرونا على الفراق عن الرجاء..»
هو السؤال الذي يطرح نفسه ونحن نسعى لاستعادة الحضور الجماهيري لملاعب الكرة، هل ببرمجة المباريات وسط الأسبوع، وفي عز النهار وأوقات الدراسة والعمل، ستعيدون ملء المدرجات؟ غير مفهوم بتاتا، وغير منطقي تماما، ما يحدث في برمجة مباريات البطولة وكأن هناك داخل الجامعة والعصبة الاحترافية من يتعمد وضع كل الصعوبات في وجه جمهور الكرة حتى يغيب عن الملاعب، وكأن هناك أياد خفية لا تريد لكرتنا أن تتطور، وأن تسير وفق ما نطمح له جميعا. نحن على مشارف بطولة أمم إفريقيا لمنتخبات اللاعبين المحليين «الشان»، وفي الوقت الذي يفترض أن نجتهد من أجل تشجيع الجمهور على الذهاب إلى الملاعب، وعلى إضفاء ذلك الدفء للمدرجات، نخلق، بسوء البرمجة، ذلك النفور أمام الجمهور.
قالها صديقي الذي عاش سنين وعقود في عوالم الرياضة: الرياضة الوطنية لن يستقيم حالها مادمنا غير قادرين على تحديد ماذا نريد منها.. هل نريد رياضة للترفيه؟ رياضة للمستوى العالي والعالمي؟ أم هل نتركها بدون هوية وبدون أهداف ونعيش على اليومي وعلى العشوائية في التعامل معها؟
متى نجحنا في تحديد ما نريده من الرياضة، سنكون رسمنا أولى خطوات النجاح رياضيا، اجتماعيا واقتصاديا.
أول أمس السبت، جرت مباراة «الكلاسيكو» بين ريال مدريد وبرشلونة في الساعة الثانية عشرة ظهرا، نعم، برمجت المباراة في عز الظهيرة، لكن مقابل كم من الأرباح تم جنيها والمباراة تنقل للعالم كله؟
في ملاعبنا، تجرى المباريات في عز الظهر وأيام العمل والدراسة وأمام مدرجات فارغة وحتى وهي منقولة مباشرة على أمواج التلفزة، تمر دون أن ينتبه لها أحد..
وتشتكون من انخفاض عائدات الإشهار وتراجع دعم المؤسسات الاقتصادية!