بالمباشر … الشيخ السريع..وأشياء أخرى

عزيز بلبودالي

يبلغ مكي الرحلي من العمر  76 سنة..وسريع واد زم له 91 سنة من الوجود.

يتعلق الأمر، بالنسبة للأول، بشيخ محب للركض والجري، وقد نجح الأسبوع الماضي، حسب تقارير إعلامية، في الجري ل25 ساعة متواصلة وبدون انقطاع… فيما الثاني معروف كفريق و يعد من أقدم الفرق تأسيسا، غير أنه انتظر 91 سنة لكي يتمكن من الالتحاق بالقسم الأول في البطولة الاحترافية..هما شيخان مسنان، متشبثان بالأمل ومتمسكان بتلك الرغبة الجامحة في السير قدما، مقتنعان بأنه لا شيء مستحيل مادام في العمر بقية.
مكي الرحلي، الذي سعدت وأنا أستمع لصوته عن طريق ميكرفون الزميل الصديق محمد أبو السهل نهاية الأسبوع الماضي، يركض بدون تعب طيلة أيام الأسبوع، دون ملل ودون نفور، بل وفي غياب شروط الحياة المريحة.. ظل يجري و يركض إلى أن أثار انتباه رجل أعمال مشهور في العاصمة الاقتصادية، مولع بالرياضة ومخلص في تنظيم السباقات بالمدينة، فأرفقه بمؤسسته الاقتصادية دون أن ينتظر منه تقديم أية إضافة للمؤسسة، لكن فقط لمساعدته، وبطريقة غير مباشرة، على ضمان، على الأقل، أدنى شروط الحياة والاستقرار المعيشي. خاض مكي الرحلي قرابة عام بالكامل، كما يقول، في التداريب وفي الاستعداد لتحقيق الإنجاز، ثم حل الموعد، وأمام اندهاش الجميع، بمن فيهم مشغله ومجموعة من الإعلاميين والرياضيين، نجح في الرهان، وركض بدون توقف أو انقطاع، ل25 ساعة.
أكيد، لم يكن ليتحقق لمكي الرحلي ما أنجزه من أمر يعتبر خارقا للعادة وهو في سن 76 من عمره لولا إرادته وعزيمته وحبه للرياضة وعشقه لها، ولولا الدعم الذي لقيه من المحيطين به وفي مقدمتهم رجل الأعمال الرياضي الذي احتضنه. وأكيد، لولا العزيمة والإرادة، لما حقق سريع واد زم ما يحققه اليوم.
في نفس المدينة، العاصمة الاقتصادية، وغير بعيد عن مكي الرحلي ومحيطه، هناك في المدينة القديمة، وتحديدا في المركب الرياضي محمد الخامس، مشجع ودادي كفيف، إرادته وعزيمته كانت وراء دخوله «مغامرة» محاولة ولوج المركب الرياضي محمد الخامس، لكنه تعرض يوم مباراة الوداد واتحاد العاصمة الجزائري لصدمة مؤلمة جعلته يرفع صوته محتجا ليصرخ في وجه شركة «كازا إفنت» عبر رسالة أريد أن أشرك الجميع في الاطلاع على مضمونها، كما توصلت بها من زميلي وصديقي الإعلامي محمد شروق الذي وكما يعلم الجميع، بإرادته وعزيمته تغلب على مرض السرطان:
« تعرضت أنا (مروان) وصديقي للمنع من ولوج أرضية الملعب من الباب المخصص لنا كذوي احتياجات خاصة، وهو الباب المعروف بباب الوقاية المدنية، وهو الذي اعتدنا الدخول منه في المباريات السابقة بسبب أنهم تلقوا التعليمات بعدم السماح بالدخول إلا لمن يتوفر على كرسي متحرك، على اعتبار أصحاب الكراسي المتحركة ذوي احتياجات خاصة والمكفوفين وضعاف البصر ليسوا كذلك… بقينا نبحث عن مسؤول نتحاور معه، سمح لنا أحدهم بالولوج، لكن شخصا آخر رفض رفضا قاطعا فأقفلوا الباب في وجهنا ولم يفتح إلا عند دخول مسؤول أو رجال القوات المساعدة، علما أن شخصين مدنيين دخلا من ذلك الباب المخصص لذوي الاحتياجات الخاصة …فبقينا قرب الباب طيلة المباراة ننتظر الفرج لكننا نسينا الموضوع بنهاية المباراة، وما أنسانا حسرتنا تلك هو فوز الوداد وتأهلها، لأن الوداد ملك للجميع والحضور في المباريات حق لنا لا يجب أن نحرم منه، وكذا لا يجب أن نحرم من مجانية الولوج للمرافق العمومية، هذا حسب الدستور والاتفاقيات الدولية، وما وقع لنا في هاته المقابلة لا نتمنى أن يتكرر في المقابلة النهائية…».
هي فعلا رسالة تقول كل شيء، مؤلمة صحيح، لكنها، ونتمنى ذلك، رسالة ناطقة واضحة، ومن المفروض أن ينتبه إلى مضمونها المسؤولون عن ملاعبنا ومركباتنا الرياضية.
من حق ذوي الاحتياجات الخاصة كيف ما كانت نوعية تلك الاحتياجات، أن تفتح أمامهم ممرات الولوج للملاعب، ومن حقهم علينا أن نمنحهم الأسبقية والمجانية في حضور المباريات كما يحصل في كل ملاعب العالم، فهل هم هناك في أوربا أو أمريكا أوآسيا، أكثر إنسانية منا ؟
المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء، والأمر يتعلق به في رسالة المواطن صاحب الرسالة، فتح أبوابه بعد عمليات الإصلاح التي كلفت الملايير، صحيح أنه يضم في حلته الجديدة ولوجيات لذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنها وبحسب شهادات الجميع، ولوجيات رديئة بل وتشكل خطورة على مستعمليها.
صدق من قال: هم الأسوياء الذين يوصفون بذوي الاحتياجات الخاصة، وهم المرضى المحتاجون للعلاج من يضعون ذوي الاحتياجات الخاصة في الدرجات السفلى من المواطنة.

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 25/10/2017