بالمباشر : الكرة النسوية.. مشاكل بالجملة!

عزيز بلبودالي

هل ستنجح مناظرة مراكش حول كرة القدم النسوية الإفريقية التي انطلقت أشغالها أمس، في طرح المشاكل الحقيقية للكرة النسوية وإيجاد الحلول لها؟
إنه السؤال الذي يصعب الجواب عنه، في الوقت الذي تتعدد فيه المشاكل والعقبات والإكراهات التي تواجهها الكرة النسوية هنا في المغرب، قبل الحديث عنها في إفريقيا كلها. نعلم في هذا السياق، أن هناك مشاكل تحول دون أن تنهض كرة البنات في بلدنا، ودون أن تتطور، بالرغم من وجود محاولات انطلقت منذ عقود لكنها باءت بالفشل، فالمشاكل أعمق بكثير من تلك المرتبطة بما هو تقني وفني، لأن الأمر يتعلق بثقافة عامة لا تزال فيها البنت أوالفتاة تواجه موانع وحواجز كثيرة لولوج عالم الرياضة، خاصة تلك المحسوبة، في اعتقاد الكثيرين، في خانة الذكور. أضف إلى ذلك، وجود ممارسات خطيرة تتعرض لها لاعبة كرة القدم من طرف معدومي الضمير، الذين يحولون كثيرا من اللاعبات إلى مجرد «سلعة جنسية»، وكثير من حالات التحرش الجنسي والاعتداء تكون ضحيتها الفتاة دون أن تستطيع غالبية الضحايا الحديث عنها أو الكشف عن مرتكبيها.
وكم صدمني، في هذا الإطار، حديث لرئيس فريق مغربي رفض طبعا الكشف عن هويته، بين فيه كيف تستباح براءة بعض اللاعبات، وكيف يمارس عليهن الضغط والترهيب والإغراءات بمختلف أشكالها، حتى تقعن في المحظور، إذ أوضح محدثي أن أشياء يخجل المرء من الحديث عنها، تقع في كثير من الفرق النسوية الوطنية، خصوصا في تنقلات الفرق أو في الدور التي تقيم فيها اللاعبات المستقدمات من مدن أخرى، حيث لا يتورع بعض المسؤولين في اقتحام تلك المنازل، في غياب تام لاحترام خصوصيات اللاعبات، وأوضح نفس المتحدث أنه قطع على نفسه عهدا بأن لا يلجأ إلى التعاقد أو إلى استقدام لاعبات من مدن أخرى لكي لا يضطر لإسكانهن في منازل بعيدا عن مراقبة وحماية أسرهن.
طبعا، ليس المجال كله فاسدا، هناك أندية تحترم بالتأكيد قيم الرياضة، وتقدر لاعبة الكرة، إلا أن ممارسات مثل تلك التي كشف عنها المسؤول إياه، تبقى وصمة عار يجب على مسؤولي الجامعة أن تنتبه إليها وتعمل على عدم وقوعها مستقبلا. لنعترف أن كرة القدم النسوية يلزمها عمل كبير لتحقق النهوض المنشود، والبداية من تكوين المسيرات والمدربات، وهنا أستحضر تلك الصورة التي عايناها ونحن نحضر اجتماعا ترأسه فوزي لقجع مع الإدارة التقنية الوطنية بسلا، الشهر الماضي، حيث لم تكن من بين أكثر من خمسين إطارا تقنيا سوى واحدة فقط من المدربات.
إلى جانب ذلك، هناك غياب كلي للفئات الصغرى في الفرق النسوية، ونادرا ما يهتم فريق نسوي بخلق فئاته الصغرى وتأطير الصغيرات وتحضيرهن للمستقبل، ومشكلة غالبية الفرق أنه مع تقدم سن اللاعبات واضطرار بعضهن للاعتزال، إما بسبب التقدم في السن أو من أجل التحصيل الدراسي أولأسباب أخرى كالزواج والولادة، يجد الفريق نفسه أمام فراغ في خطوطه ويضطر معه إلى الاعتماد على جلب لاعبات من فرق ومدن أخرى. على أن أبرز مشكل يواجه تطور الكرة النسوية يبقى، بكل تأكيد، ضعف بل وانعدام الإمكانيات المالية والتي تشكل أكبر العراقيل أمام أي تطور منشود للكرة النسوية. في هذا الإطار، نتذكر جميعا كيف كاد فريق ينتمي لمدينة لها موقع هام في الخريطة الاقتصادية والرياضية الوطنية، أن يقدم اعتذارا عاما عن منافسات كأس العرش والبطولة الوطنية بعدما عجز رئيسه عن توفير مصاريف تنقل الفريق لمدينة لا تبعد كثيرا عن المدينة التي يمثلها، لولا تدخل « محسنين» ساعدوا الفريق على تجاوز محنته في ظل غياب وعدم تحرك مسؤولي السلطات المحلية والمنتخبة لنفس المدينة.
هي مشاكل عويصة تواجهها كرة القدم النسوية، ولا نعلم هل بمقدور مناظرة مراكش البحث فيها بعمق وبموضوعية أم أن المناظرة لن تكون سوى محطة للبحث عن الأضواء وعن إشعاع جديد؟!

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 06/03/2018