بالمباشر … تكتيك «الانقلابات»

عزيز بلبودالي

لكل فريق في البطولة الوطنية لكرة القدم، جنرالاته وقادته من اللاعبين الذين يتزعمون ويتحكمون في كل شيء، حتى في اختيار المدرب ومساعديه والطبيب ومعاونيه، بل ويتدخلون حتى في تحديد قيمة المنحة والراتب لهذا اللاعب أوذاك. هم لاعبون، يكونون في معظم الأحيان من أبناء الفريق، نشأوا وسطه، وترعرعوا في محيطه، يعرفهم الجمهور، كما يعرفهم المسؤول، لا كلمة إلا كلمتهم، ولا قرار يتم اتخاذه دون استشارتهم. وغالبا هم من المخضرمين الكبار في السن.

في كل فريق، يوجد لاعب واحد على الأقل، ليس بالضرورة هو العميد، لكنه المخاطب الذي يلجأ إليه الرئيس والمسير لتمرير رسائل « إدارية» في صفوف اللاعبين. وكم من مدرب افتقد رضا المكتب المسير، فيتم «التحدث» في الأمر مع « جنرال» الفريق وتنطلق عملية تنفيذ سيناريو متفق عليه وتكون النهاية فيه، غالبا، تقديم المدرب لاستقالته مجبرا.
كنا نعتقد أن ظاهرة تحكم اللاعبين في رسم معالم الفريق تسييريا وتقنيا، قد اندثرت مع ظهور مؤسسة المنخرط في منتصف التسعينيات، لكننا سنكون مجانبين للصواب بهذا الاعتقاد، فهناك فرق ما زال اللاعبون يديرون شؤونها كما يشاؤون.
قبل منتصف التسعينيات، كان القانون يمنح للاعب الحق في حضور الجموع العامة ومناقشة التقريرين الأدبي والمالي، والتصويت على انتخاب الرئيس وأعضاء المكتب المسير، بل إن مكونات الجمع لم تكن تتعدى غير اللاعبين، كما كان مسموحا لهم أن يفرضوا عقد جمع عام استثنائي للإطاحة بالرئيس في أي وقت من الموسم الرياضي، وتاريخ الكرة المغربية يشهد على حدوث « انقلابات» قادها مجموعة من اللاعبين لفائدة صعود أسماء أخرى تتولى التسيير. ورغم ظهور قانون المنخرط، وتراجع اللاعبين خلف الستار في مهمة تحديد الخارطة التسييرية للفريق، ظل بعضهم يمتلك القوة في صنع القرار، وكم من فريق اضطر إلى تغيير مدربه أو ضغط على مسيريه ودفعهم للاستقالة أو ،على الأقل، لعقد جمع استثنائي، لأن مجموعة من لاعبيه اعتمدوا أساليب للوصول إلى ذلك، بل منهم من يختار» إنزال يديه» في مباراة رسمية دون أن يبذل أي مجهود ويكون الاستسلام للهزيمة، ويتكرر الأمر وتتوالى النتائج السلبية إلى أن ينتفض الجمهور والمنخرطون والأنصار مطالبين برأس المدرب أوالمسير.
بعض اللاعبين، ولحسن الحظ أن عددهم ليس كبيرا، أصبحوا في بطولتنا الوطنية يتقنون تكتيكات الانقلابات أكثر من إتقانهم لتكتيك اللعب، ومنهم من، وبعد أن يصبح إشراكه كلاعب في المباراة أمرا غير ممكن لتقدمه في السن مثلا أوإصابته بكسر ينهي مساره، تجده لا يتزعزع ويبقى لصيقا بفريقه في الطاقم التقني مثلا أو في أي مهمة تجعله يحافظ على قربه من الفريق ومن اللاعبين.
في بطولتنا لهذا الموسم، لم تمر سوى إحدى عشرة دورة، كم من مدرب سمح في « رزقه « وقدم استقالته مغلفة بعبارة «توصل الطرفان إلى اتفاق ودي»؟
كم من مدرب راح ضحية لاعبيه، أو جبروت «نجم» الفريق الأول؟ وهناك حالة شهدها فريق كبير هذا الموسم، ذهب فيها المدرب ضحية قراره بعدم إشراك أحد اللاعبين رسميا في المباريات، فكان أن استغنى عن المدرب ومنح اللاعب شارة العمادة والرسمية منذ ذلك الحين؟
هي ظاهرة بدأت، للأسف، تتسع في بطولتنا، ومن المفروض أن تتم دراستها ومناقشة أسبابها وتداعياتها، إذ يقول متتبعون إن اللاعبين يشكلون « نقابة» ضد مدربهم، ويتعمدون تلقي الهزائم، وبمجرد رحيل المدرب، ينتفضون في تحقيق الانتصارات. وكم من فريق غير مدربه في الفترة الأخيرة وعاد إلى تحقيق أفضل النتائج.
لحسن حظ كرتنا أن عدد جنرالات الكرة من اللاعبين، ليس بالذي يمكن أن يخيف، لكنه مع ذلك يبقى كافيا لكي يخلق الحدث في أي فريق.

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 15/12/2017