بالمباشر … حان وقت زلزال الدارالبيضاء.. !
عزيز بلبودالي
حان وقت زلزال الدارالبيضاء.. !
ما حدث صباح يوم الأربعاء في الدارالبيضاء، وفي محيط المركب الرياضي محمد الخامس تحديدا، يستدعي فتح تحقيق لمحاسبة من تسبب في تلك الكارثة.
نعم، هي كارثة حقيقية، كيف لا ومواطنون يتعرضون للإهانة، للحكرة، للضرب والسليخ، ذنبهم الوحيد أنهم يحبون الرياضة، ويعشقون فريقا اسمه الوداد المقبل غدا على مباراة الحسم أمام العنيد الأهلي المصري من أجل كأس عصبة الأبطال.
ما حدث صباح يوم الأربعاء، يستدعي فرض معاقبة المسؤولين عن وقوع تلك الكارثة، ابتداء من الجامعة التي أخذت على عاتقها مسؤولية طرح وبيع تذاكر ولوج الملعب، وصولا إلى الأمن الوطني والقوات المساعدة لفشلهم في تنظيم العملية، بل إن منهم، وحسب قول بعض التقارير، من بدرت منه سلوكيات كانت من أسباب تلك الفوضى وتلك الكارثة. فالتحقيق يجب أن يطال مسؤولي ولاية الدارالبيضاء وكل المصالح التابعة لها والمعنية بالموضوع.
لنحترم توجه المغرب الأخير نحو تطبيق القانون ومضمون الدستور، ولنتتبع منهج ملك البلاد الذي لم يتردد في اتخاذ مجموعة من القرارات تهم إعفاء وزراء وكبار المسؤولين لإخلالهم بمسؤولياتهم، لنحقق ولنبحث ولا نتردد في معاقبة من تسبب في ذلك المشهد الذي أهين فيه المواطنون، ذلك المشهد الذي رسم للمغرب صورة من أسوأ صوره أمام العالم.
من يتحمل المسؤولية، هل هو الجمهور الذي ينتقل مضحيا بوقته وماله وسلامة جسده أيضا، لاقتناء تذكرة هي عربون محبة وتعلق بفريقه، ودليل على خصلة وفاء وعزم على تشجيع ومناصرة لاعبين هم في حاجة لدفء الجمهور؟ أم يتحملها مسؤولو الجامعة الذين استهتروا بما تقيدوا به من مسؤولية؟ أم تتحملها سلطات الدارالبيضاء في الولاية والأمن والقوات المساعدة، التي يسهل عليها في ما يبدو استعمال العصى و»الزرواطة» ويصعب عليها استعمال العقل في وضع ترتيبات وتدابير تنظم عملية اقتناء التذاكر؟ أم يتحمل المسؤولية سماسرة السوق السوداء الذين «يشتغلون» كما يبدو، في حرية تامة، وهم من ترصدهم الأنظار مع كل مناسبة مثل هذه ومع كل مباراة للوداد أو الرجاء أو المنتخب الوطني، دون أن نسمع عن توقيف أو اعتقال ولو واحد منهم؟ أم هل يتحملها مسؤولو الوداد، وقبله الرجاء، الذين ربما لم تخدم مصالحهم الإجراءات الجديدة في بيع التذاكر؟
أم تتحمل المسؤولية شركة «كازا إيفنت» التي تأكد منذ لحظة ميلادها أنها سبب الفوضى والكوارث السابقة؟
لقد استبشرنا عندما أعلنت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تحملها مسؤولية طرح وبيع تذاكر مباراة الوداد والأهلي المصري التي ستجرى غدا السبت بالمركب الرياضي محمد الخامس، خصوصا أن الجامعة سجلت نجاحا متميزا في تنظيم مباراة المنتخب الوطني الأخيرة التي كانت جمعته بالغابون، لكن وللأسف، خاب ظننا، وسقطت الجامعة ومن يدور في فلك عملية تنظيم هذه المباراة في المحظور.
هي صور تعبر عن لا إنسانية المسؤولين عن التنظيم، وهي صور تقلق في هذه الظرفية التي ينافس فيها المغرب أمريكا وكندا والمكسيك حول احتضان مونديال 2026. هي صور تؤكد أن الرياضة بقيمها وجمالها، من الممكن أن تتحول إلى كابوس وإلى مصدر أو سبب لتعذيب الناس، لإهانتهم، لسلخهم وجلدهم.. هي «الحكرة» في أوضح صورها.
ويسألونك عن سبب احتقان الناس، ويستغربون مما يحمله العديدون من حقد وغل…ويتعجبون كيف تتسع دائرة الطبقية المجتمعية وتنفر شرائحها من بعضها البعض… وواحد من الناس يعرض ظهره للسلخ والزرواطة من أجل تذكرة، وفي موعد المباراة وبتذكرته يتعرض مرة أخرى للضرب وللحكرة لكي يستطيع ولوج الملعب، وفي نفس اللحظة، تفتح الأبواب للسيارات الفخمة تلج الملعب..دون انتظار، دون ازدحام، دون التعرض للإهانة والضرب..ودون تذكرة ولوج المركب!
صفقنا جميعا، للزلزال الأخير وسعدنا بهذا التحول العميق في مغرب اليوم، حيث تربط المسؤولية بالمحاسبة.. وزراء حوسبوا وعوقبوا بسبب إخلالهم بمسؤولياتهم في تتبع مشاريع في الحسيمة وما ترتب عنه من احتقان للمواطنين وشعورهم بالإهانة. في الدارالبيضاء، مشاريع لم تنجز، منها مثلا الملعب الكبير للدارالبيضاء الذي وقعت بشأنه اتفاقيات الإنجاز أمام أنظار جلالة الملك سنة 2008، ولا ندري كيف تملص المسؤولون من المحاسبة.. !
في الدارالبيضاء تبهدل كرامة المواطنين بسبب رغبتهم في اقتناء تذكرة مباراة في كرة القدم، ننتظر زلزالا حقيقيا ومحاسبة المسؤولين المتسببين في ما حدث صباح الأربعاء الأخير!
ننتظر ذلك.. حان وقت زلزال الدارالبيضاء!
الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 03/11/2017