بالمباشر: حتى في الرياضة.. فشل العرب في أن يتحدوا !

عزيز بلبودالي
ليس في السياسة وحدها، ولا في الاقتصاد وحده، ولا في الوقوف جنبا إلى جنب بنفس التوجه ونفس القرار، فالعرب فشلوا أيضا في أن يتحدوا حتى والأمر يتعلق بالرياضة.
كم من اتحاد عربي تم تأسيسه لهذه الرياضة أو تلك؟ وكم من لجن عربية إقليمية أولمبية تم خلقها؟ وكم من ملتقيات وتظاهرات تم تنظيمها وحافظت على استمراريتها؟ إنها أسئلة تضع العرب أمام امتحان فشلوا فيه، كما فشلوا، وبشكل مريع، في أن يجعلوا من الرياضة الجسر الذي كان معولا عليه للنجاح في ما فشلت فيه السياسة وفشلت فيه مجالات أخرى.
من من كل الهيئات وكل الاتحادات العربية الرياضية التي تأسست على مفهوم الوحدة العربية، وعلى أسس التعاون الرياضي، ومساعدة البعض للبعض الآخر في تطوير الرياضة ورفع مستوياتها وتكوين أطرها ولم شمل رياضييها، من منهم نجح في تحقيق أهدافه؟ للأسف، تخلق الاتحادات العربية، تمنح أعلى المناصب حسب قوة البلد ماليا واقتصاديا، وبعيدا عن اعتماد الكفاءة كمقياس ومعيار. والنتيجة، أنه ولا أي اتحاد عربي لهذا النوع الرياضي أوذاك، تمكن من الوصول لترجمة الأهداف المسطرة إلى أرض الواقع، حيث تظل هذه الأهداف مجرد أفكار على ورق في رفوف مكاتب فخمة لا يفتحها ولا يلجها أصحابها إلا لماما.
بالأمس القريب، احتضنت مصر البطولة العربية لأندية كرة القدم، اعتبرها المتفائلون محطة يلتقي فيها «العرب» على هامش المباريات ونتائجها وترتيب الأندية واختيار نجوم اللقاءات وتعيين الحكام، على مائدة الحوار والنقاش حول سبل تطوير كرة القدم العربية، وتوحيد الجهود من أجل تنميتها ورفع مستوياتها، وخلق شراكات واتفاقيات تعاون وتبادل الخبرات والتجارب، والتوافق على أفكار موحدة تكون وسيلة للدفاع عن الكرة العربية في مقرات صنع القرار الكروي الدولي، لكن لم يحدث أي شيء من هذا القبيل، وبدا وكأن «صناع القرار الكروي العربي» فضلوا تمضية أوقات ممتعة في تلك الفنادق الجميلة المطلة على شواطئ الإسكندرية التي احتضنت مباريات البطولة، مكتفين بجدولة تلك المباريات التي شاهدنا وشاهد العالم كيف تطاحن فيها اللاعبون العرب في ما بينهم، حتى سال الدم وأهينت كرامة البعض وانتشرت صور عنفنا واضطراب سلوكنا أمام مرأى العالم أجمع، ونتذكر هنا ما حدث مثلا في تلك المباراة «غير الرياضية» التي جمعت في نهاية البطولة العربية إياها بين الترجي التونسي والفيصلي الأردني، وما شهدته من أحداث شغب لا تشرف العرب بتاتا.
في مصر دائما، وفي شرم الشيخ تحديدا، نظم الاتحاد العربي لسباق الدراجات خلال الشهر الماضي، ما وصفها بالبطولة العربية، واضطرت الاتحادات العربية، المجبرة على المشاركة لسبب أو لآخر، إلى الاعتماد على أقل عدد من أبطالها للمشاركة، بسبب غلاء تذاكر السفر أولا، وارتفاع أسعار الفنادق في شرم الشيخ ثانيا، وكذا لغياب التنافسية العالية التي سيستفيد منها أبطالها ثالثا، بالإضافة لغياب أي شكل من أشكال التحفيزات المالية من طرف الاتحاد العربي للعبة. ونتج عن ذلك أن البطولة قدمت مستويات تقنية ضعيفة جدا بل ومخجلة، ولم تقدم أو تضيف أي شيء للأبطال المشاركين، في الوقت الذي كان فيه مسؤولو الاتحاد وحدهم المستفيدين من قضاء أيام سياحية مجانية على شواطئ شرم الشيخ وخليج نعمة.
كل الاتحادات الرياضية العربية تسير على نفس ما سبق ذكره، وكل ما تنظمه من ملتقيات وتظاهرات لم يرتق يوما لمستوى صنع الأفكار والاستراتيجيات والمخططات الكفيلة بتطوير الرياضة العربية وإعلاء اسمها بين دول العالم.
هي اتحادات تبدو كبيرة ومهمة بأسماء رؤسائها ومكانتهم في مجتمعاتهم، لكنها ضعيفة وصغيرة جدا بعناوين فشلها وعدم قدرتها على أن تنال الاعتراف…
هي الحقيقة المرة، تتأسس الاتحادات العربية، لتظل مجرد ديكور ومكاتب لا تفتح أبوابها إلا مناسباتيا!
تتأسس وتولد الاتحادات العربية الرياضية دون أن تنتج أفكارا، ودون أن تضع تخطيطا، ودون أن تزرع نبتة لإنتاج أبطال!
حتى في أعلى هيأة كروية في العالم، وقف ممثل فلسطين وحيدا يدافع عن حق أبناء القدس العربية في ممارسة الرياضة مطالبا بوقف تعسف إسرائيل، ولا مسؤول عربي واحد في ذلك المجمع الرياضي رفع صوته متضامنا أو محتجا!
قدر العرب أن يخفقوا في ترجمة كلمة «وحدة» إلى أرض الواقع، وقدرهم أن يفشلوا في أن تكون الرياضة وسيلة لتحقيق التقارب بين شعوبهم، وقدرهم أن تواجه ملتقياتهم الرياضية الفشل.. وقدرهم ألا ينجحوا حتى في الحفاظ على استمرارية تظاهرات رياضية لا تتطلب سوى الإرادة الحقيقية والاقتناع بجدوى وقيمة أن يلتقي رياضيونا ليتنافسوا، ليفكروا، ليناقشوا وليتوحدوا!
الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 08/12/2017