بالمباشر … رحيلو.. من 2009 إلى 2017!

عزيز بلبودالي

لم يتغير في ملامحه، ولا في وقفته وجسده، شعيرات شيب هي وحدها التي اقتحمت مظهره، وعلت رأسه. بنفس الملامح، وبنفس اللكنة، عربية- فرنسية، وبنفس الرغبة والعزم، وبنفس الطموح، التقيته يوم الجمعة الأخير، كما كنت التقيته في أحد أيام شهر يوليوز 2009. خالد رحيلو، البطل العالمي الذي اختار الرجوع للمغرب، بلده الأم، في تلك السنة نفسها، بهدف قيادة الملاكمة الوطنية نحو عوالم الاحتراف. قالها في 2009: « لقائي بجلالة الملك، ووقوفي على ما يوليه جلالته للرياضة المغربية من اهتمام، شجعني على اتخاذ قرار الاستقرار بالمغرب، والإسهام في تطوير الملاكمة…»

في 2017، وخلال ندوة تقديم أمسية الملاكمة الاحترافية التي احتضنتها مدينة الجديدة، مساء السبت الأخير، كرر خالد رحيلو نفس الكلام، أعاد تذكيرنا بطموحه في الإسهام في تطوير الملاكمة المغربية، لكنه هذه المرة، وبعد مرور قرابة ثماني سنوات، أدرك أن المهمة لا تحتاج فقط للعزيمة والإرادة، مؤكدا بصفته رئيسا للمجموعة الوطنية للملاكمة الاحترافية بأنه غير مقتنع بما تحقق على مستوى الملاكمة الاحترافية، رغم العمل الجاد والتضحية لتسهيل انتقال الملاكمين المغاربة إلى عالم الاحتراف.
رحيلو يعترف أن برنامج انتقال الملاكمة المغربية للاحتراف واجه عدة صعوبات، ولم يخف أن أمورا عدة عرقلت مساعيه وهو على رأس المجموعة الوطنية للملاكمة الاحترافية، لتحقيق الأهداف. طبعا، نعلم أن المجموعة التي سهر على تأسيسها لم تكن أبدا محل ترحيب من لدن الجامعة، فالأمر كان يبدو لحظة التأسيس كما لو أن جسما غريبا غير مرغوب فيه اقتحم بيت الملاكمة بدون أن تتهيأ أسرة الملاكمة لاستقباله، بل ولم يكن كل أفرادها موافقين على أن تنبعث من ضلع الجامعة هيئة مستقلة لا حكم لهم عليها ولا على طريقة تدبيرها.
ولأنه بطل كبير، ولأنه حظي بتشجيع ملكي، انطلق في مشروعه بالرغم من وجود كل العراقيل، فلا أحد استطاع طرح موضوع رئاسته للمجموعة للنقاش، ونجح في رفع التحدي أمام جامعة يرأسها رجل قوي. وفي تلك السنوات من 2009 إلى اليوم، نجحت المجموعة الوطنية في تنظيم أكثر من 100 مباراة احترافية من المستوى العالمي العالي، وظهر ملاكمون مغاربة ولجوا عالم الاحتراف بامتياز، بالرغم من معاناتهم مع قلة المباريات التي من المفروض أن يشاركوا فيها، إذ لا يتعدى ما يلعبونه أكثر من ثلاث إلى أربع نزالات في السنة، وهو رقم ضعيف جدا، وطبعا، الخصاص المالي كان السبب الرئيسي في ذلك.
المال، نعم، هو ما يحتاج له نجاح مشروع المجموعة الوطنية للملاكمة الاحترافية، وسبعون مليون سنتيم دعما سنويا لا يمكنها أن تفي بالغرض، والغريب، أنه نفس المبلغ الذي تتوصل به المجموعة منذ ميلادها سنة 2009، ولم يتغير الرقم ولو لفلس واحد إضافي. المتغير الوحيد الذي طرأ في هذا الجانب هو أن الوزارة وبعد أن كانت تحول مبلغ الدعم لحساب المجموعة مباشرة، أضحت تضعه في حساب الجامعة التي اختارت أن تحتفظ به في صناديقها وتفرج عنه لفائدة المجموعة الوطنية عبر دفعات وأجزاء مع ما يرافق العملية من تعقيدات و»سير حتى تجي»، والرئيس لم يوقع على الشيك، والرئيس غائب ولا نعرف متى يعود….
في ظل تلك الجهود لتثبيت أسس وقواعد الملاكمة الاحترافية مع ما صاحبها من معاناة، يظهر في الساحة عبد الإله رحيلو، الملاكم السابق، والذي سبق له أن أشرف على الإدارة التقنية لجامعة الملاكمة، مقدما دعمه لمشروع يقوده شقيقه، والجميل أنه أسس شركة تشرف على تنظيم نزالات في الملاكمة الاحترافية بفرنسا، وبمعيته أبطال مغاربة سابقون انضموا إلى طاقمه، وأضحت شركته تدعم المجموعة الوطنية للملاكمة الاحترافية من المال الذي تجنيه أرباحا في أوروبا.
السؤال اليوم الذي يفرض نفسه، والذي ربما سيطرح في الجمع العام للجامعة، والذي لا يزال موعد عقده مبنيا على المجهول، هو كيف ترى الجامعة علاقتها بالمجموعة الوطنية للملاكمة الاحترافية؟ وكيف العمل لتطوير الملاكمة الاحترافية والرفع من مستوى ملاكمينا، علما أن الأولمبياد القادم سيسمح بمشاركة الملاكمين المحترفين!
في 2009، سألت خالد رحيلو: الاحتراف؟ أجاب:
نعم، ولم لا؟ صحيح أن هناك صعوبات كثيرة لتحقيق المراد، لكن بفضل العزيمة والاجتهاد يمكن أن يتحول الصعب إلى ممكن. وكمثال على صعوبة الأمر، أستحضر هنا رياضة كرة القدم، ورغم ما تتمتع به من شعبية، ومن شروط ومقومات، فإنها لاتزال تبحث عن طريقها لولوج نظام الاحتراف، فبالأحرى رياضات أخرى تعاني الخصاص والفقر، بنيويا وماليا وهيكليا. ورغم ذلك، في الملاكمة، قطعنا أشواطا مهمة.. أنا متفائل بالمستقبل..
في 2017، سألت خالد رحيلو: الاحتراف؟ أجاب:
« توجد، في الحقيقة، صعوبات كثيرة لتسهيل انتقال الملاكمين المغاربة إلى عالم الاحتراف» ! !

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 13/12/2017