بالمباشر: كوتشينغ مدرسي

عزيز بلبودالي

تؤكد كل التجارب وكل المحاولات السابقة، أنه يصعب تطبيق نظام رياضة ودراسة، وليست منظومتنا الرياضية الوطنية وحدها من فشلت بها مثل هذه التجارب، لكن هناك منظومات رياضية عالمية وفي بلدان تعتبر رائدة رياضيا، فشلت بدورها في إنزال هذا النظام إلى أرض الواقع.
على هذا الأساس، في المغرب، لكي تنجح رياضيا، يجب أن تضحي بالتحصيل الدراسي، طبعا هناك استثناءات، لكن لا حكم على الاستثناء كما يقال، وإن أردت النجاح في التحصيل الدراسي، خاصة في هذا العهد الذي تعددت فيه المقررات الدراسية وتكاثرت الشعب والمواد وأضحى التحصيل الدراسي يشكل معضلة للتلميذ والطالب وفرص التوفيق فيه تتطلب التركيز العالي والعالي جدا، يجب أن تتخلى عن مواهبك، رياضية كانت أو فنية أو موسيقية أو غيرها، فنادرا ما يتفوق الطفل والناشئ في الجمع بين الجانبين، وإن كان التوفيق بينهما بنجاح يعتبر ضرورة مفيدة جدا، فالدراسات والأبحاث العلمية تؤكد أن « الطلاب الذين يمارسون نشاطا بدنيا إضافيا ربما يزيد تركيزهم في الدراسة ويتحسن أداؤهم في مواد مثل القراءة والرياضيات… وحلل فريق باحث بيانات من 26 دراسة نشرت من قبل وشملت أكثر من عشرة آلاف طفل تتراوح أعمارهم بين أربعة أعوام و13 عاما. وقاست كل الدراسات السابقة تأثير مجموعة مختلفة من برامج النشاط البدني على الأداء الدراسي. وقال إيفان كافيرو ريدوندو من جامعة قشتالة-لا مانتشا في قونكة بإسبانيا، الذي شارك في إعداد هذه الدراسة، إن التدريبات تؤثر على المخ من خلال زيادة تدفق الدم إلى الدماغ، وهو ما يزيد من إمداد الأوكسجين والعناصر الغذائية ويشجع على تكوين الشعيرات الدموية ويزيد من الاتصال العصبي من خلال تشجيع الوصلات العصبية وتوافر الناقلات العصبية. وعلاوة على التفسيرات المتعلقة بالجهاز العصبي تشمل التدريبات عنصرا اجتماعيا مهما يعزز فوائدها للصحة النفسية».
وفي الوقت الذي تواجه فيه مدارس كثيرة صعوبة في تخصيص وقت لفترات الرياضة البدنية، وسط حملة لتحسين نتائج الامتحانات الدراسية من خلال تخصيص وقت أكبر للدراسة، تقدم النتائج أدلة جديدة على أن النشاط البدني أحد وسائل المساعدة في تحسين مستويات الطلاب. ويرى باحثون أنه عندما يحصل الأطفال على وقت خلال اليوم الدراسي لممارسة نشاط بدني فذلك يسهل عليهم التركيز على دروسهم وتحسين أدائهم في المدرسة..»
لابد من هذا المنطلق إذن، أن يكون للرياضة مساحة في البرنامج اليومي للطفل وللناشئ، وحتى يوفق هذا الطفل في الجمع بين ممارسة الرياضة والتحصيل الدراسي، تم خلق نظام دراسة ورياضة، إلا أنه للأسف لم يلق النجاح المطلوب، كما تؤكد ذلك عدة تجارب تمت في هذا الشأن.
ويجمع العديد من المتتبعين، أن أسوأ ما في نظام دراسة ورياضة، يرتبط أساسا بتلك العزلة المقلقة التي يجد فيها الطفل نفسه وهو يجبر على الابتعاد عن بيته الأسري ليرتمي في مركز مغلق بعيدا عن رعاية الأب أو الأم، مفتقدا لدفء الأسرة والإخوة، ومعرضا للتيه وعدم التركيز لا في الدراسة فحسب، لكن وفي الرياضة أيضا، ولتجاوز هذه النقطة السلبية، يتم حاليا الحديث عن نظام أطلق عليه «الكوتشينغ المدرسي»، ويتمثل هذا النموذج في الدفع بالطفل إلى التوفيق بين التحصيل الدراسي وممارسة الرياضة في نفس الوقت، دون أن يؤثر ذلك سلبيا على نفسيته أولا، ولا على تحصيله الدراسي أوممارسته للرياضة ثانيا، ويمنح هذا النظام حضورا دائما لولي الطفل في متابعته ومراقبة نتائجه الدراسية ومستواه الرياضي وكذا الاطلاع على سلوكياته داخل الفصل أو في ملعب التداريب، وذلك من خلال تقارير عن الطفل يعدها أطر رياضية وتربوية، يتضمنها تطبيق على الهاتف حيث يمنح لولي الأمر والأب رمزا سريا يمكنه من ولوج التطبيق والاطلاع على مختلف التقارير الخاصة بابنه.
الفكرة طبعا متميزة وقابلة للتنفيذ وفرص نجاحها ممكنة جدا، إذا توافرت لها الإمكانيات والشروط المفروضة. في هذا الإطار، تجب الإشارة هنا إلى أن محاولة اعتماد هذا النظام الجديد، «الكوتشينغ المدرسي»، قد انطلقت فعلا في المغرب من خلال أكاديمية كرة السلة بمدينة الحسيمة والتي تضم أكثر من 250 طفلا تتراوح أعمارهم ما بين خمس وست عشرة سنة، والحقيقة أن مسؤولي الأكاديمية يستحقون التنويه لكونهم كانوا سباقين لأخذ المبادرة التي نتمنى أن تنجح لما فيه مصلحة الناشئة دراسة ورياضة.

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 16/02/2018