بالمباشر .. ملاعبنا كطرقاتنا… تغيير الاتجاه.. طريق مقطوعة

عزيز بلبودالي

لم أنجح يوما في فهم كيف تستعصي عملية إصلاح زنقة أعتمدها ممرا لتنقلاتي بشكل يومي تقريبا،ما أن أستبشر بفتحها بعد إعلان نهاية الأشغال فيها،حتى أصطدم في اليوم الموالي ب”بلاكة” تنبهني إلى ضرورة تغيير الاتجاه فالطريق مقطوعة.
غاليا تبدأ العملية من أجل إعادة تركيب قنوات الصرف الصحي أصابها التلف بفعل تقادمها، أو من أجل ترميم الحفر التي ما أن يتم إغلاقها حتى تعود لتفتتح معلنة تمسكها بالحياة، أو من أجل تثبيت أسلاك الهاتف أو غيرها من الأسلاك والأنابيب حتى ليخيل للمرء أن الأرض ترقد فوق سوق للمتلاشيات الحديدية.
أبحث عن فهم ما يجري،فإما أن القائمين على صفقات إصلاح طرقاتنا، تنقصهم الكفاءة ويفتقدون للمهارة والحرفية، وهذا مستبعد وإلا كيف لنفس المقاولات أن تحظى بالثقة باستمرار وتمنح لها الصفقات لنفس المشاريع؟وإما أن العملية ينخرها الغش فتكون النتائج كما نعاينها دائما.
وليس سرا ما تعرفه عمليات فتح أظرفة الصفقات، نقرأ ونتابع كثيرا ملفات تشكك في نزاهة هذه الصفقة أو غيرها، في هذه المدينة أو غيرها، في هذه الجماعة الحضرية أو القروية أو غيرها.بل هناك أحكام قضائية صدرت بعقوبات حبسية في حق منتخبين أو مسؤولين في مختلف مصالح السلطة تورطوا وضبطوا متلبسين بالفساد وبتلقي رشاوي في التأشير على صفقات لم يلتزم القائمون عليها باحترام بنود دفاتر تحملاتها. على هذا المنوال، ستستمر طرقاتنا وأزقة مدننا متعطلة الحركة،ما أن تفتح لتدب فيها الحياة حتى تتوقف الدماء في شرايينها وتغلق أمام مستعمليها.
طرقاتنا وما تعيشه من عدم الاستقرار على مستوى حالتها، وما تختزله من مظاهر وعناوين تثير التساؤل وتفرض البحث والتحقيق في طريقة ابتلاعها ميزانيات بأرقام كبيرة دون أن تستقيم أوضاعها، تشترك مع ملاعبنا الكروية في نقط عديدة.
أكيد،الأمر يثير كثير من الحيرة والاندهاش، إلى درجة يثير الشكوك في كثير من حالات ملاعبنا. إليكم مثلا المركب الرياضي محمد الخامس بالدارالبيضاء، الذي ما أن يفتح أبوابه لمباريات الكرة وللجماهير الرياضية، حتى يعود ليغلقها بداعي حاجته لأشغال إصلاح جديدة. إليكم مثلا حالة ملعب الأمير مولاي عبدالله بالرباط العاصمة، ملايير صرفت على ترميمه، وملايين الدراهم ابتلعتها أرضيته وعشبه،و مايزال للأسف،يحتاج لعمليات أخرى ليستعيد توازنه، ومايزال يحتاج لصفقات أخرى بملايين جديدة من الدراهم ليصبح لائقا وصالحا لاحتضان المباريات. في بركان،واد زم، سيدي قاسم،المحمدية،تطوان ، الحي المحمدي، البرنوصي، وغيرها من المدن التي وجدت فرقها نفسها مضطرة للرحيل بحثا عن ملاعب أخرى في مدن أخرى.. بل ها هي الأخبار القادمة من مدينة الجديدة تقول أن ملعب العبدي فيها الذي خضع للإصلاحات مؤخرا وأقيمت بمناسبة افتتاحه الاحتفالات والأعراس خلال الأسبوع الأخير، بدأت علامات «الاعوجاج» تظهر على سطحه.
في بلدان أخرى غير بعيدة، مصر،الجزائر وتونس مثلا، تنشأ وتبنى ملاعب تصمد وتعيش لعقود طويلة ومديدة، وعندنا،تنشأ الملاعب وتبنى ليحكم عليها بالسجن المؤبد في دائرة مشاريع وصفقات الإصلاحات المتتالية والمتكررة.
ارحموا طرقاتنا.. ارحموا ملاعبنا

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 14/09/2017