بالمباشر: من أجل رد الاعتبار للرياضة المدرسية

عزيز بلبودالي
بلغة الإحصائيات، تعتبر الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية الأكبر مساحة بالمقارنة مع باقي الجامعات الرياضية الأخرى، إن على مستوى عدد المنخرطين، حيث يعتبر الممدرسون والتلاميذ في كل المؤسسات التعليمية منخرطين، أو على مستوى الانتشار عبر كل مناطق المغرب، أو على مستوى الاستقرار المسجل في المداخيل المالية والإيرادات السنوية المستحصلة من مساهمات انخراط التلاميذ المتمثلة في مبلغ 10 دراهم لكل تلميذ. كما تتميز هذه الجامعة بكونها لا تحتاج، كباقي الجامعات، إلى عقد جموع عامة تقدم خلالها التقارير سواء الأدبية أو المالية، ولا جموع عامة انتخابية، فوزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي يعتبر، فور تعيينه واستوزاره، رئيسا للجامعة، ويستمر في منصب الرئيس إلى أن يغادر الوزارة.
جامعة بهذا الحجم، بكل مؤهلاتها البشرية والبنيوية، من المفروض أن يكون نتاجها الرياضي كبيرا وفي مستوى المساحة التي تحتلها، ومن المفروض كذلك أن يكون حضورها قويا وأنشطتها متعددة ومنتخباتها وفرقها ومنخرطوها في منصات التتويج، قاريا وعالميا. لكن للأسف، لا تقدم هذه الجامعة، خصوصا في السنوات الأخيرة، ما يثير الاطمئنان على نجاعة عملها، إذ وبخلاف ما ننتظره منها، نسجل تراجعا مقلقا على مستوى النتائج الرياضية المحققة قاريا وعالميا، كما نسجل، وهو أمر خطير جدا، تراجعا ملحوظا في بنياتها الرياضية التحتية، وذلك بعد أن أصبحت مساحات الملاعب داخل المؤسسات التعليمية تتقلص، بل توجه بعض المسؤولين إلى إعدام عدد من الملاعب في كثير من المؤسسات دون الحديث عن انعدامها أصلا في المناطق القروية أو في بعض المدن الصغيرة.
أكيد، لم تنجح الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية منذ عقود من الزمن، في منح الرياضة موقعا استراتيجيا في المنظومة التعليمية، حيث ظلت دوما مجالا ترفيهيا بل وهامشيا وغير ملزم وغير ذي قيمة حقيقية.
في هذا الإطار، انتظرنا أن يرد الاعتبار للرياضة داخل مدرستنا العمومية بعد إعلان برنامج الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015-2030، خاصة بعد أن تضمن نفس البرنامج- المخطط، إشارات واضحة مرتبطة بالرياضة والتربية البدنية، وتدقيقا ما أشارت إليه الدعامة الثانية عشرة المتعلقة ب» إنعاش الأنشطة الرياضية والتربية البدنية المدرسية والجامعية والأنشطة الموازية»، حيث مرت اليوم ثلاث سنوات على انطلاق البرنامج دون أن نلامس تطورا إيجابيا في محيط الرياضة المدرسية، مع أن البرنامج، وكما سلف ذكره في محور الدعامة الثانية عشرة، يتطرق إلى نقط وعناوين تبعث على التفاؤل، حيث تنص هذه الدعامة على أن:
« التربية البدنية والرياضية والأنشطة المدرسية الموازية تعد مجالا حيويا وإلزاميا في التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، وتشتمل على دراسات وأنشطة تسهم في النمو الجسمي والنفسي والتفتح الثقافي والفكري للمتعلم.
تتوخى الرياضة البدنية إكساب المتعلم مهارات بدنية مصحوبة بالمعارف المرتبطة بها، قصد تعويده على الاهتمام بصحته، وبجودة الحياة، وجعله قادرا على التكيف مع بيئات مختلفة طوال حياته، وسعيا إلى تحقيق هذه الغايات بكيفية شاملة وممنهجة بأسلاك التربية والتكوين كافة، يعاد النظر في وضعية هذه المادة وفي برامجها وطرق تدريسها ونوعية أنشطتها وذلك على الشكل التالي: تحظى التربية البدنية والرياضية بنفس القيمة والاهتمام الممنوحين للمواد الدراسية الأخرى، وتحدد حصص تدريسها بكامل العناية على أساس تخصيص جزء منها للدروس النظرية التي تمكن التلميذ من اكتساب المفاهيم الأساسية المرتبطة بالمجالات المعرفية لهذا الميدان..والسهر على إحداث مركبات للرياضة على الصعيد الجهوي تستعمل من لدن المؤسسات التعليمية، بما في ذلك الجامعة، وجمعيات الشباب…».
هي إذن عناوين والتزامات تثير التفاؤل في رياضة مدرسية متوازنة ومنتجة، بشرط أن تلتزم الجامعة المسؤولة بترجمة هذه الأحلام إلى أرض الواقع، وهو أمر لا يمكن التنبؤ بحصوله بدون الانفتاح على الفعاليات الرياضية الأخرى كالجامعات الرياضية مثلا، عبر توقيع وتفعيل شراكات تعاون، وهنا يطرح التساؤل حول اتفاقية الشراكة مع اللجنة الوطنية الأولمبية والتي وقعت منذ ما يزيد عن عقد من الزمن دون أن نلمس تفعيلا واضحا لها، خاصة تلك الأهداف التي حملتها وكان من أبرزها، رعاية المسار الرياضي للطاقات الواعدة والعمل على تطوير قدراتها وتحسين إنجازاتها الرياضية، إحداث ثانويات التفوق في مجال الرياضة المدرسية، إحداث جائزة لأحسن البحوث المتعلقة بالحركة الاولمبية في الأوساط الجامعية، توسيع قاعدة الممارسة الرياضية والاهتمام بالفئات الصغرى.
هي الرياضة حاضرة إذن في برنامج الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015-2030، وحاضرة في مجموعة من اتفاقيات الشراكة مع جهات أخرى، كما هي حاضرة في ذهن التلاميذ وفي وجدانهم، وشروط النهوض بها متوفرة لدى الجامعة، خاصة مع التوفر على إمكانيات مالية ضخمة، ما ينقص هو الاقتناع بقيمة الرياضة، وأن يكون فكر رئيس ومسيري جامعة الرياضة المدرسية فكرا رياضيا بامتياز..
الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 01/03/2018