تطور العلاقات الاقتصادية بين المغرب ودول القارة الإفريقية : تأكيد على أهمية التعاون القطبي جنوب – جنوب
ادريس العاشري
إذا كانت التحولات الاقتصادية والتكنولوجية تفرض على دول العالم التكتل على شكل أقطاب قوية لضمان الاستقرار الأمني والتنمية الاقتصادية لشعوبها، فإن القارة الإفريقية معنية بالأمر أكثر من قبل، خصوصا في الآونة الأخيرة التي نعيش فيها تبعات أزمة» كوفيد 19 «، التي بعثرت كل الحسابات والتوقعات الماكرو اقتصادية وأجبرت عمالقة الاقتصاد العالمي على إعادة النظر في التموقع الجيو سياسي والاقتصادي.
واقع يجعل دول القارة الإفريقية أمام خيار واحد بعيدا عن كل الصراعات السياسية والحسابات الضيقة لمواجهة التحديات العالمية، وذلك بتوطيد العلاقات الاقتصادية في ما بينها معتمدة على الطاقات البشرية والموارد الطبيعية المستهدفة من طرف الدول العظمى التي تبحث عن منفذ لاستغلالها.
وعيا بأهمية الطاقات والكفاءات البشرية والخيرات الطبيعية للدول الإفريقية فقد جند المغرب كل مكوناته الدبلوماسية تنفيذا للتوجهات الملكية السامية لخلق مناخ اقتصادي يهدف إلى تكتل دول القارة الإفريقية وجعلها قوة اقتصادية، خصوصا وأن المغرب يعتبر من بين الدول الرائدة في العالم التي انخرطت بشكل إيجابي في التحولات العالمية.
الموقع الاستراتيجي للمغرب ومكانته الديبلوماسية جعلته يلعب دورا أساسيا في تطوير العلاقات الاقتصادية بين دول القارة الإفريقية في إطار ممنهج بهدف سياسة رابح- رابح، بين جنوب -جنوب.
هذه المهمة نجدها تتجسد في عدد الزيارات الملكية للدول الإفريقية نتج عنها تطوير المبادلات التجارية والدبلوماسية التي كانت شبه منعدمة، وذلك بتمركز مجموعة من المؤسسات المغربية من القطاع المالي، الصناعي والخدمات في دول القارة الإفريقية.
كل هذه المبادرات من المغرب أدت إلى تطوير علاقاته الاقتصادية مع دول القارة الإفريقية، والتي نجدها تتجسد في الأرقام الصادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية وتحديث الإدارة، فقد انتقلت الاستثمارات المغربية في القارة الإفريقية، من 907 مليون درهم عام 2007، إلى 5.4 مليار درهم عام 2019 ، تتكون بشكل أساسي، من استثمارات مباشرة في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، وتمثل نسبة 47 في المائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المغربية.
موقع المغرب الاستراتيجي واستقراره الأمني، الاقتصادي والاجتماعي، جعلته يعتبر كبوابة رئيسية بين دول القارة الإفريقية ودول العالم التي تبحث عن أسواق جد رابحة.
للتصدي للأزمة العالمية ومواجهة التكتلات السياسية والاقتصادية يفرض الواقع على دول القارة الإفريقية العمل على وضع استراتيجية موحدة وتوطيد العلاقات الاقتصادية في ما بينها، خصوصا وأن لقاء آلاسكا بين أمريكا والصين أكد على تعزيز تحالفاتهما المتمثلة في: واشنطن مع حلفائها الأوروبيين والآسيويين، وبكين مع إيران وكوريا الشمالية.
كل هذه التحالفات تجعلنا نتساءل عن مصير العالم ما بعد «كوفيد 19 «، خصوصا بعد الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين ؟؟
الكاتب : ادريس العاشري - بتاريخ : 10/04/2021