جنوب إفريقيا: ساعي بريد الإرهاب والانفصال

نوفل البعمري

كانت رسالة عمر هلال لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة واضحة في كشف الدور الذي حوَّل دولة من حجم جنوب إفريقيا شكلت في بداية التسعينيات مثالاً للتحول والانتقال الديموقراطي، الذي قاده نيلسون مانديلا، إلى مجرد دولة برتبة «ساعي بريد» للجزائر ولتنظيم البوليساريو مكلفة بنقل رسائل لوقائع كاذبة غير حقيقية حول مؤتمر البوليساريو، الذي قاطعته جل التنظيمات الدولية الأوروبية متحولا لمجرد تجمع لعسكريين ومليشياتيين فوق التراب الجزائري. وهي الوقائع التي كشفتها نتائج المؤتمر/المسرحية الذي انتهى بإعادة تنصيب إبراهيم غالي، مغتصب النساء ومرتكب جرائم الاعتداء الجنسي والمتاجر بالمساعدات الإنسانية، على رأس هذا التنظيم!!!
جنوب إفريقيا، في رسالتها التي أرادت من خلالها تغليط الرأي العام الأممي، كشفت عن تحجيم دورها الذي انتهى إلى أن تقوم بدور الراعي لتنظيم ميت سياسيا، منخور تنظيمياً بعد الهزات التي تعرض لها بعودة قياداته التاريخية للمغرب، التي اختارت لعب أدوار سياسية ودبلوماسية بوطنها الأم، وما تبقى تحول لمعارضين سياسيين لتنظيم البوليساريو، هذا الوضع الذي أرادت جنوب إفريقيا التغطية عليه من خلال محاولة فاشلة لتبييض نتائج المؤتمر التي لم تحظ للآن بأي إجماع داخل المخيمات، ولا بدعم المجتمع الدولي – الأوروبي كما كان يحدث في السابق بسبب انهيار أسطورة البوليساريو «كحركة تحرر»، وتحولها لمجرد تنظيم تابع ذيلي لمن يدفع أكثر، واضعاً نفسه تحت تصرف أجندة العسكر الجزائري وفي خدمتها، وبات أداة استعملتها عدة أنظمة كمرتزقة في قمع ثورات شعوبها كما حدث في ليبيا، حتى عاش هذا التنظيم انحرافاً خطيراً جعله يتقاطع مع المنظمات الإرهابية التي تهدد السلم والأمن بالساحل وعموم إفريقيا.
عمر هلال في مضمون رسالته لم يكن ينزع عنها، فقط، ورقة التوت التي كان البوليساريو يختبئ وراءها للتغطية على ارتباطاته مع التنظيمات الجهادية التكفيرية، بل كان يوضح طبيعة الأدوار التي باتت تلعبها أنظمة كنظام جنوب إفريقيا الذي تحول من نظام تحرري إلى نظام ودولة، وكذا الحزب الحاكم، ينخرهم جميعاً الفساد ويطاردهم القضاء الجنوب إفريقي ويُحَاكم زعماؤه وقادته بتهم تتعلق بالارتشاء والفساد المالي واستغلال السلطة للاغتناء غير المشروع.
لقد كشفت رسالة عمر هلال تحول جنوب إفريقيا إلى دولة صغر دورها في القارة الإفريقية وداخل الأمم المتحدة حتى تحولت إلى «فاكتور» سياسي يلعب أدواراً صغيرة يزيف من خلالها الحقائق، تحركه في ذلك رغبة فاشلة نحو تغليط الرأي العام الدولي لتبني مواقف داعمة لهذا التنظيم الإرهابي، هذا الرأي العام سبق له من خلال مجلس الأمن أن استصدر قرارات حول نزاع الصحراء انتهت كلها إلى تبني مبادرة الحكم الذاتي، الإقرار بجدية ومصداقية المغرب في طي الملف، والإقرار بمسؤولية الدولة الجزائرية تجاه الملف.
إن ما يجب تأمله ليس ما أقدمت عليه جنوب إفريقيا لأن خطوتها هاته لم تكون هي الأولى، ولن تكون الأخيرة ما دامت قد اختارت الاصطفاف مع الإرهاب ولعب دور سُعاة البريد، بل كيف تنتهي دول إلى لعب أدوار صغيرة لا تليق بتاريخها؟ وكيف تتخلى دول عن القيم التي يُفترض أنها تتبناها لتقوم بدعم مليشيات وتنظيمات إرهابية؟
هي أسئلة تجد أجوبتها في خلفيات هذه التحركات المنطلقة من الرغبة في معاكسة باقي الدول على رأسها المغرب، والتي تعتبر أي صعود لها وله تهديدا وتقويضا لنفوذ هذه الدول المتحالفة مع الإرهاب، وفي طريق انحدارها للأسفل ولعب أدوار صغيرة تقوم بالدوس على القانون والأعراف الدوليين بشكل أصبح المنتظم الدولي يقف معه مستغرباً من هذه التصرفات، ومستهجناً هذه التحركات المعادية للمنطق والمحرضة على الإرهاب والانفصال!

الكاتب : نوفل البعمري - بتاريخ : 13/03/2023

التعليقات مغلقة.