حالة الطوارئ الصحية بين التشريع المغربي والتشريع الفرنسي

ليس هناك اختلاف في كون القانون الوضعي المغربي له خلفية مستمدة من القانون الفرنسي على الخصوص من جهة ،ومن قوانين دول أخرى من جهة اخرى. وذلك لاعتبارات تحكمها علاقات المغرب مع فرنسا ذات الطابع القسري سابقا. والعلاقات ذات الطابع الارادي بعدما حصل المغرب على استقلاله.
لهذا فإن جل القوانين الجاري بها العمل في المغرب استفادت من تجريب تطبيق القوانين الفرنسية في جل المجالات. كما ان فرنسا جربت في المغرب قانونا لم تطبقه في بلادها.
وان هذه العلاقة ،، والتي يصفها البعض بالتبعية الفكرية ، لم تقتصر فقط على المجالات المرتبطة بالتشريع في القضايا الاقتصادية والمالية ، بل همت كذلك طريقة التفكير سواء على مستوى الجامعة او على المستوى القضائي. أي ان الفاعلين في المجال الجامعي كثيرا ما يرجعون في تفسيرهم او تقييمهم للقوانين المغربية بمقارنتها مع القوانين الفرنسية.
كما ان مجال القضاء لم يخل هو كذلك من الاستشهاد بالقوانين الفرنسية والمقررات القضائية الفرنسية وعلى رأسها المحاكم الإدارية والتجارية. بل نجد أحيانا مقتطفات من احكام صادرة عن القضاء الفرنسي ، أو آراء لبعض الفقهاء الفرنسين منقولة باللغة الفرنسية ومدمجة في حيثيات بعض الاحكام القضائية المغربية.
وفي تقديري إن هذا الامر لا يجب ان ينظر اليه كنقص بل يجب ان ينظر اليه كانفتاح للعقل المغربي على تجارب دول أخرى قصد الاستفادة منها لما فيه مصلحة المغرب والمغاربة، بدون أي مركب نقص.
في هذا الظرف غير المسبوق في تاريخ البشرية ، ليس بسبب نوعية الوباء لان العالم عرف امراضا اشذ فتكا بالبشرية مثل ما ” La grippe Espagnole “. وانما بسبب سرعة انتشاره عبر العالم بكامله.
هذا الوضع فرض على المغرب ظرفا استثنائيا ، و ليس حالة الاستثناء المنصوص عليها في الفصل 59 من الدستور، اوجب تدخل المشرع المغربي لسن قواعد قانونية يواكب بها ذلك الظرف الاستثنائي. وهو نفس الشيء الذي قامت به كذلك الدولة الفرنسية. وما يلفت النظر هو أن تشريع كل من البلدين تم نشره في جريدته الرسمية في نفس اليوم أي يوم 24/3/2020.
فكيف تعاملت الدولة المغربية مع حالة الطوارئ الصحية. وكيف تعاملت الدولة الفرنسية مع تلك الحالة؟
إن الجواب على ذلك التساؤل يمر وجوبا عبر الجواب على الاسئلة الفرعية التالية:
1 – ما هو الأساس الدستوري المعتمد من كل من التشريع المغربي والتشريع الفرنسي؟
2 – ما موقف التشريع المغربي والتشريع الفرنسي من مبدأ عدم رجعية القوانين؟
3 – كيف تعامل التشريع المغربي والتشريع الفرنسي مع حق المتهم في الحضور امام القاضي الذي سيحاكمه؟
بخصوص الأساس الدستوري.
للجواب على هذا السؤال الفرعي الأول يجب إجراء مقارنة بين ما ينص عليه الدستور المغربي ومقابلته مع ما ينص عليه الدستور الفرنسي بخصوص آلية تفويض سلطة التشريع من طرف البرلمان للحكومة.
ذلك انه بالرجوع الى الدستور المغربي نجد ان هذه الآلية منصوص عليها في الفصل 81 منه والذي ورد فيه ما يلي:
“يمكن للحكومة أن تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها “الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف “البرلمان، خلال دورته العادية الموالية.
” يودع مشروع المرسوم بقانون لدى مكتب مجلس النواب، “وتناقشه بالتتابع اللجان المعنية في “كلا المجلسين، بغية التوصل داخل أجل ستة أيام، إلى قرار “مشترك بينهما في شأنه. وإذا لم “يحصل هذا الاتفاق، فإن القرار يرجع إلى اللجنة المعنية في “مجلس النواب.
وانه يتبين من ذلك الفصل انه يشترط لصحة تفويض سلطة التشريع من البرلمان للحكومة وجوب تحقق الشروط التالية:
1 – ان يتم التفويض فقط بين الدورتين ، وبالتالي لا تفويض لاختصاصات البرلمان للحكومة اثناء انعقاد دروات البرلمان.
2 – أن تحصل الحكومة على موافقة اللجان البرلمانية المعنية.
3 – أن تعرض الحكومة مرسوم بقانون على البرلمان في أول الدورة موالية لانعقاد للبرلمان قصد المصادقة عليه.
وهذه الشروط هي شروط دستورية. بمعنى أن الاخلال بها يمنع على الحكومة اتخاد أي اجراء يدخل في اختصاص البرلمان المنصوص عليه في الفصل 71 من الدستور.
وعندما نعود الى الدستور الفرنسي نجد ان نفس آلية تفويض سلطة التشريع من البرلمان للحكومة منصوص عليها في الفصل 38 منه إذ ينص ذلك الفصل على ما يلي:
ARTICLE 38. Constitution
Le Gouvernement peut, pour l’exécution de son programme, demander au Parlement l’autorisation de prendre par ordonnances, pendant un délai limité, des mesures qui sont normalement du domaine de la loi.
Les ordonnances sont prises en conseil des ministres après avis du Conseil d’État. Elles entrent en vigueur dès leur publication mais deviennent caduques si le projet de loi de ratification n’est pas déposé devant le Parlement avant la date fixée par la loi d’habilitation. Elles ne peuvent être ratifiées que de manière expresse.
A l’expiration du délai mentionné au premier alinéa du présent article, les ordonnances ne peuvent plus être modifiées que par la loi dans les matières qui sont du domaine législatif
وانه يتبين من ذلك الفصل:
1-ان الدستور الفرنسي يعطي للحكومة الفرنسية الحق في استصدار قانون، وليس مرسوم قانون كما هو الامر في المغرب، يرخص لها بممارسة التشريع محل البرلمان في أي وقت ،وليس فقط في الحالة التي يكون فيها البرلمان الفرنسي غير منعقد. علما ان زمن انعقاد دورات البرلمان المغربي يختلف عن زمن انعقاد دورة البرلمان الفرنسي.
2-انه بناء على ذلك القانون يمكن للحكومة الفرنسية أن تتخذ كل إجراء له طبيعة تشريعية أي اصدار قواعد قانونية، لكن بواسطة Les ordonnances أي ما يوازي في الدستور المغربي المراسيم.
3 – ان تلك (Les ordonnances) لا يشترط الفصل 38 من الدستور الفرنسي المصادقة عليها من قبل البرلمان في زمن معين. وانهما يشترط فقط وضعها في البرلمان قبل انتهاء المدة المحددة في القانون الذي فوض للحكومة التشريع محل البرلمان.
انظر البقية في صفحة «مواقف»..ليس هناك اختلاف في كون القانون الوضعي المغربي له خلفية مستمدة من القانون الفرنسي على الخصوص من جهة ،ومن قوانين دول أخرى من جهة اخرى. وذلك لاعتبارات تحكمها علاقات المغرب مع فرنسا ذات الطابع القسري سابقا. والعلاقات ذات الطابع الارادي بعدما حصل المغرب على استقلاله.
لهذا فإن جل القوانين الجاري بها العمل في المغرب استفادت من تجريب تطبيق القوانين الفرنسية في جل المجالات. كما ان فرنسا جربت في المغرب قانونا لم تطبقه في بلادها.
وان هذه العلاقة ،، والتي يصفها البعض بالتبعية الفكرية ، لم تقتصر فقط على المجالات المرتبطة بالتشريع في القضايا الاقتصادية والمالية ، بل همت كذلك طريقة التفكير سواء على مستوى الجامعة او على المستوى القضائي. أي ان الفاعلين في المجال الجامعي كثيرا ما يرجعون في تفسيرهم او تقييمهم للقوانين المغربية بمقارنتها مع القوانين الفرنسية.
كما ان مجال القضاء لم يخل هو كذلك من الاستشهاد بالقوانين الفرنسية والمقررات القضائية الفرنسية وعلى رأسها المحاكم الإدارية والتجارية. بل نجد أحيانا مقتطفات من احكام صادرة عن القضاء الفرنسي ، أو آراء لبعض الفقهاء الفرنسين منقولة باللغة الفرنسية ومدمجة في حيثيات بعض الاحكام القضائية المغربية.
وفي تقديري إن هذا الامر لا يجب ان ينظر اليه كنقص بل يجب ان ينظر اليه كانفتاح للعقل المغربي على تجارب دول أخرى قصد الاستفادة منها لما فيه مصلحة المغرب والمغاربة، بدون أي مركب نقص.
في هذا الظرف غير المسبوق في تاريخ البشرية ، ليس بسبب نوعية الوباء لان العالم عرف امراضا اشذ فتكا بالبشرية مثل ما ” La grippe Espagnole “. وانما بسبب سرعة انتشاره عبر العالم بكامله.
هذا الوضع فرض على المغرب ظرفا استثنائيا ، و ليس حالة الاستثناء المنصوص عليها في الفصل 59 من الدستور، اوجب تدخل المشرع المغربي لسن قواعد قانونية يواكب بها ذلك الظرف الاستثنائي. وهو نفس الشيء الذي قامت به كذلك الدولة الفرنسية. وما يلفت النظر هو أن تشريع كل من البلدين تم نشره في جريدته الرسمية في نفس اليوم أي يوم 24/3/2020.
فكيف تعاملت الدولة المغربية مع حالة الطوارئ الصحية. وكيف تعاملت الدولة الفرنسية مع تلك الحالة؟
إن الجواب على ذلك التساؤل يمر وجوبا عبر الجواب على الاسئلة الفرعية التالية:
1 – ما هو الأساس الدستوري المعتمد من كل من التشريع المغربي والتشريع الفرنسي؟
2 – ما موقف التشريع المغربي والتشريع الفرنسي من مبدأ عدم رجعية القوانين؟
3 – كيف تعامل التشريع المغربي والتشريع الفرنسي مع حق المتهم في الحضور امام القاضي الذي سيحاكمه؟
بخصوص الأساس الدستوري.
للجواب على هذا السؤال الفرعي الأول يجب إجراء مقارنة بين ما ينص عليه الدستور المغربي ومقابلته مع ما ينص عليه الدستور الفرنسي بخصوص آلية تفويض سلطة التشريع من طرف البرلمان للحكومة.
ذلك انه بالرجوع الى الدستور المغربي نجد ان هذه الآلية منصوص عليها في الفصل 81 منه والذي ورد فيه ما يلي:
“يمكن للحكومة أن تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها “الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف “البرلمان، خلال دورته العادية الموالية.
” يودع مشروع المرسوم بقانون لدى مكتب مجلس النواب، “وتناقشه بالتتابع اللجان المعنية في “كلا المجلسين، بغية التوصل داخل أجل ستة أيام، إلى قرار “مشترك بينهما في شأنه. وإذا لم “يحصل هذا الاتفاق، فإن القرار يرجع إلى اللجنة المعنية في “مجلس النواب.
وانه يتبين من ذلك الفصل انه يشترط لصحة تفويض سلطة التشريع من البرلمان للحكومة وجوب تحقق الشروط التالية:
1 – ان يتم التفويض فقط بين الدورتين ، وبالتالي لا تفويض لاختصاصات البرلمان للحكومة اثناء انعقاد دروات البرلمان.
2 – أن تحصل الحكومة على موافقة اللجان البرلمانية المعنية.
3 – أن تعرض الحكومة مرسوم بقانون على البرلمان في أول الدورة موالية لانعقاد للبرلمان قصد المصادقة عليه.
وهذه الشروط هي شروط دستورية. بمعنى أن الاخلال بها يمنع على الحكومة اتخاد أي اجراء يدخل في اختصاص البرلمان المنصوص عليه في الفصل 71 من الدستور.
وعندما نعود الى الدستور الفرنسي نجد ان نفس آلية تفويض سلطة التشريع من البرلمان للحكومة منصوص عليها في الفصل 38 منه إذ ينص ذلك الفصل على ما يلي:
ARTICLE 38. Constitution
Le Gouvernement peut, pour l’exécution de son programme, demander au Parlement l’autorisation de prendre par ordonnances, pendant un délai limité, des mesures qui sont normalement du domaine de la loi.
Les ordonnances sont prises en conseil des ministres après avis du Conseil d’État. Elles entrent en vigueur dès leur publication mais deviennent caduques si le projet de loi de ratification n’est pas déposé devant le Parlement avant la date fixée par la loi d’habilitation. Elles ne peuvent être ratifiées que de manière expresse.
A l’expiration du délai mentionné au premier alinéa du présent article, les ordonnances ne peuvent plus être modifiées que par la loi dans les matières qui sont du domaine législatif
وانه يتبين من ذلك الفصل:
1-ان الدستور الفرنسي يعطي للحكومة الفرنسية الحق في استصدار قانون، وليس مرسوم قانون كما هو الامر في المغرب، يرخص لها بممارسة التشريع محل البرلمان في أي وقت ،وليس فقط في الحالة التي يكون فيها البرلمان الفرنسي غير منعقد. علما ان زمن انعقاد دورات البرلمان المغربي يختلف عن زمن انعقاد دورة البرلمان الفرنسي.
2-انه بناء على ذلك القانون يمكن للحكومة الفرنسية أن تتخذ كل إجراء له طبيعة تشريعية أي اصدار قواعد قانونية، لكن بواسطة Les ordonnances أي ما يوازي في الدستور المغربي المراسيم.
3 – ان تلك (Les ordonnances) لا يشترط الفصل 38 من الدستور الفرنسي المصادقة عليها من قبل البرلمان في زمن معين. وانهما يشترط فقط وضعها في البرلمان قبل انتهاء المدة المحددة في القانون الذي فوض للحكومة التشريع محل البرلمان.
وإنه انطلاقا من هذه المقتضيات الدستورية فإن الحكومة المغربية استعملت الفصل 81 من الدستور والحكومة الفرنسية استعملت الفصل 38 من الدستور. وبادرت كل منهما على حدة إلى إصدار قواعد قانونية هي دستوريا من اختصاص البرلمان:
الأولى: أي الحكومة المغربية بواسطة مرسوم بقانون رقم 2.20.292 الصادر بتاريخ 23/3/2020 والمنشور الجريدة الرسمية بتاريخ 24/3/2020 تحت رقم 2867 مكرر.
والثانية: أي الحكومة الفرنسية بواسطة قانون رقم 2020.290 الصادر في 23/3/2020 والمنشور في الجريدة الرسمية الفرنسية في 24/3/2020 تحت رقم 0072.
فما هو مضمون كلا النصين التشريعين ؟
بخصوص المرسوم بقانون 2.20.292 المغربي
عندما نعود إلى مرسوم بقانون رقم 2.20.292 الذي أصبح يؤطر قانونا حالة الطوارئ الصحية في المغرب نجده أسند للحكومة صلاحية تدبير حالة الطوارئ الصحية ومكنها من ممارسة اختصاصات تعود في الأصل للبرلمان، كالمنع من التنقل بكل حرية مثلا، وذلك بمقتضى المادة الثالثة منه والتي تنص على ما يلي:
«على الرغم من جميع الاحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، تقوم الحكومة، خلال فترة «إعلان حالة الطوارئ، باتخاذ جميع التدابير اللازمة التي تقتضيها هذه الحالة، وذلك بموجب «مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية، أو بواسطة مناشير وبلاغات، من أجل التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية للمرض، وتعبئة جميع الوسائل المتاحة لحماية حياة الاشخاص «وضمان سلامتهم.
«لا تحول التدابير المتخذة المذكورة دون ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية، وتأمين «الخدمات التي تقدمها للمرتفقين.
كما تنص المادة الخامسة من نفس المرسوم بقانون على ما يلي:
«يجوز للحكومة، إذا اقتضت الضرورة القصوى ذلك، أن تتخذ، بصفة استثنائية، أي إجراء ذي «طابع اقتصادي أو مالي أو اجتماعي أو بيئي يكتسي صبغة الاستعجال، والذي من شأنه «الاسهام، بكيفية مباشرة، في مواجهة الآثار السلبية المترتبة على إعلان حالة الطوارئ الصحية «المذكورة.
وأنه يتبين من صياغة المادة الثالثة والمادة الخامسة أن المرسوم بقانون رخص للسلطة التنفيذية أن تمارس اختصاصات السلطة التشريعية بإصدار تدابير بطابع قانوني ملزم لجميع المغاربة. بينما لا يظهر من تلك الصياغة أنها تتوجه إلى السلطة القضائية وذلك، في رأي، تطبيقا لمبدأ استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية.
لكن وحتى لا يبقى هناك فراغ يجعل قطاع العدالة بجميع مكوناته وظروف اشتغاله، معرضا لتبعات انتشار الوباء، فإن مشرع المرسوم بقانون، وإن لم يسند للحكومة تدبير هذا القطاع إلا أنه تدخل هو، أي مرسوم القانون. وسن قواعد قانونية تتعلق بحماية قطاع العدالة كذلك من هذا الوباء.
فالمرسوم بقانون لم يتوجه إلى القضاء مباشرة بل توجه إلى أهم آليات اشتغاله وهي الآجال جميعها إذ نصت المادة السادسة منه على ما يلي:
«يوقف سريان مفعول جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية «الجاري بها العمل خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها، ويستأنف احتسابها» ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ المذكورة.
«تستثنى من أحكام الفقرة الاولى أعلاه آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا «الاشخاص المتابعين في حالة اعتقال، وكذا مدد الوضع تحت الحراسة النظرية والاعتقال» الاحتياطي.
وأنه يتبين من مواد المرسوم بقانون أنه مكن الحكومة المغربية:
1 – من أن يصبح لها الحق في اتخاذ كل التدابير حتى تلك التي ترجع لاختصاص البرلمان , أي تدخل في مجال القانون، وذلك بواسطة مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية، أو بواسطة مناشير وبلاغات. والتي في الوضع العادي يجب أن تصدر بواسطة قوانين.
2 – تمديد سلطتها في اتخاذ أي إجراء له طابع اقتصادي أو مالي أو اجتماعي أو بيئي يكتسي صبغة الاستعجال، والذي من شأنه الاسهام، بكيفية مباشرة، في مواجهة الآثار السلبية المترتبة على إعلان حالة الطوارئ الصحية المذكورة. وهو ما يعني أن من حق الحكومة اليوم أن تقوم بواسطة مرسوم بالتدخل في التعاقد البنكي بخصوص الفوائد مثلا أو التزامات الأطراف بتغيير كيفية وآجال تنفيذها.
3 – إن المرسوم بقانون وإن استحضر استقلال السلطة القضائية، إلا أنه نص على وقف كل الآجال التشريعية والتنظيمية علما أن الآجال المقصودة في المادة الخامسة هي كل أنواع الآجال، باستثناء ما نصت علية الفقرة الأخير من نفس المادة، المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية سواء كانت آجال إسقاط أو آجال تقادم أي:
– آجال إقامة الدعوى، أي آجال التقادم المنصوص عليها في كل القوانين وعلى رأسها ظهير الالتزامات والعقود وغيرها من القوانين في جميع المجالات.
– أجل تبليغ المقال للمدعى عليه المنصوص عليه في الفصل 40 من قانون المسطرة المدنية الذي تنطلق به إجراءات الدعوى وبالتالي تنطلق به جلسات المحكمة. وهو ما يؤدي إلى منع المحكمة من الاستمرار في عقد الجلسة ما دامت المادة الخامسة أوقفت سريان اجل تبليغ المقال للمدعى عليه.
– أجل الطعن في الأحكام وأجل تبليغ المستشار المقرر بالملف من قبل الرئيس الأول وأجل تبليغ المستأنف عليه بالمقال الاستئنافي للمستأنف عليه. المنصوص عليها في الفصل 329 من قانون المسطرة المدنية، باعتبارها آجال تشريعية. وهو ما سيؤدي إلى وقف الجلسات أمام محكمة الاستئناف.
– أجل تبليغ بعض الإنذارات ذات الطبيعة القانونية.
وان هذه المادة أتت لتشكل السند القانوني لقرار الرئيس المنتدب للسلطة التشريعية الذي علقت به جلسات المحاكم بطريقة استباقية، مثله مثل القرارات الاستباقية الأخرى التي اتخذت قبل صدور المرسوم بقانون كقرار إغلاق المجال الجوي المغربي.
بخصوص اختلاف التعامل
مع مبدأ عدم رجعية القوانين

من المبادئ العامة المقدسة في كل التشريعات الحديثة هو منع أي حكومة من أجل أن تسن أي قانون جديد لكي يطبق على الأوضاع السابقة لنشره. وهو ما يعرف لدى الجميع بمبدأ عدم رجعية القانون.
وأن الغرض من ذلك المبدأ هو الحيلولة دون أن تقوم أي حكومة جديدة بالمس بحقوق الأفراد التي اكتسبت في ظل حكومة سابقة أو تصدر هذه الحكومة الجديدة قوانين عقابية على أفعال ارتكبت في الماضي أي قبل صدور القانون الجديد. مع استحضار الاستثناءات المعروفة.
فالمرسوم المغربي رقم 2.20.293 الذي أعلن حالة الطوارئ والذي صدر في 24/3/2020 لم ينص على أنه سيطبق بأثر رجعي على التدابير التي اتخذت بصفة استباقية وبحكمة كبيرة نتج عنها تحقيق حماية كبيرة للمغاربة من الإصابة بهذا الوباء.
لكن مشرع المرسوم المذكور سكتت عن تحديد تاريخ بداية حالة الطوارئ وترك للجهة المؤهلة لتفسير القانون وهي القضاء إمكانية الاجتهاد لتحديد ذلك التاريخ حسب حالة المعروضة عليه. من أجل معالجة التدابير التي اتخذت لمواجهة الوباء قبل صدور المرسوم بقانون. وبالفعل تدخل القضاء عندما أتيحت له الفرصة، فأصدرت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط قرارا تاريخيا في 26/3/2020 في الملف الاستئنافي عدد 422/7202/2020 اعتبرت فيه ان حالة الطوارئ بدأت بإغلاق المجال الجوي واصفة ذلك القرار بالسيادي. علما أن ذلك الإغلاق تم في تاريخين 10و 15 مارس 2020. أي قبل تاريخ نشر المرسوم بقانون في 24/3/2020.
وإن قرار محكمة الاستئناف الإدارية فتح نقاشا مثمرا حول وصف القرار الاستئنافي لقرار إغلاق المجال الجوي ب «السيادي» معتمدين على مواقف للقضاء الفرنسي وعلى تشريعاته.
والمهم هو أن المرسوم لم يذهب إلى حد النص صراحة على تطبيق مقتضياته بأثر رجعي.
وعندما نعود إلى التشريع الفرنسي، أي قانون 2020.290 المشار إليه أعلاه لنرى كيف تعامل مع مبدأ عدم رجعية القانون، نجده تناوله في الفقرة الأولى من الفصل 11 من ذلك القانون والتي ورد فيه ما يلي:
I. – Dans les conditions prévues à l’article 38 de la Constitution, le Gouvernement est autorisé à prendre par ordonnances, dans un délai de trois mois à compter de la publication de la présente loi, toute mesure, pouvant entrer en vigueur, si nécessaire, à compter du 12 mars 2020, relevant du domaine de la loi et, le cas échéant, à les étendre et à les adapter aux collectivités mentionnées à l’article 72-3 de la Constitution :
هو نفس المقتضى الذي ستؤكده L’ordonnance رقم 2020.303 الصادرة بتاريخ 25/3/2020 تنفيذا للقانون 2020.290 والمتعلقة بالمسطرة الجنائية والتي نص الفصل الثالث منها على ما يلي:
Les délais de prescription de l’action publique et de prescription de la peine sont suspendus à compter du 12 mars 2020 jusqu’au terme prévu à l’article
مع أن القانون الفرنسي رقم 2020.290 نشر في 24/3/2020 أي بعد 12/3/2020. مما يعني أن القانون الفرنسي نص صراحة على تطبيقه بأثر رجعي. وأنه يتبين من كل ذلك، مدى الاختلاف بين المشرع المغربي الذي لم ينص على تطبيق مرسوم القانون بأثر رجعي. بينما المشرع الفرنسي نص على تطبيق قانونه بأثر رجعي بكل وضوح مرتين.
مما يتيح فرصة للتقييم والتأويل والتفسير.
بخصوص اختلاف التعامل مع حق المتهم في الحضور في الجلسة

من غير المتنازع فيه أن من أهم شروط المحاكمة العادلة هو حق المتهم غير القابل للتصرف في الحضور أمام القاضي الذي سيحاكمه وسيصدر حكمه الذي قد يمس بحريته الفردية التي هي من أكثر الحريات قداسة. وهو ما أجمعت عليه كل الاتفاقيات الدولية ذات الصلة. بل إن لله سبحانه وتعالى قال في كتابه الحكيم بأن محاسبته لعباده ستتم بحضورهم، إذ ورد في سورة النحل الآية 111 ما يلي:
يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
فالمتهم من حقه أن ينظر إلى عيني القاضي الذي سيحاكمه، من حقه أن يبكي أمامه إن أراد, من حقه أن يبوح له بأسرار أو كلمات لم يقلها لأي أحد.
كما من واجب ومن حق القاضي أن ينظر إلى عيني المتهم الذي سيحاكمه ويراقب حركاته وسكناته أمامه قبل أن يصدر حكمه عليه. وهو الحكم الذي يتحمل القاضي وحده مسؤوليته الدينية والأخلاقية والقانونية.
فكيف عالج المرسوم بقانون رقم 2.20.292 المغربي حق المتهم في الحضور أمام القاضي الذي يحاكمه. وكيف عالجت نفس الحق L’Ordonnance رقم 2020.303 المتعلقة بملاءمة المسطرة الجنائية الفرنسية مع حالة الطوارئ الفرنسية.
فبخصوص المرسوم بقانون 2.20.292 المغربي فإنه لم يتدخل في سلطة المحكمة في إحضار المتهم أو عدم إحضاره. أي لم يتدخل في تسيير الجلسة التي يرجع الاختصاص فيها لرئيسها. ولم يتدخل في علاقة رئيس المحكمة مع المتهم الذي سيحاكمه.
بل تناول المحاكمة الجنائية من جانب حماية مصالح المتهم بأن لم يوقف سيريان أجل الوضع في الحراسة النظرية ولا أجل الاعتقال الاحتياطي ولا أجل الطعن بالاستئناف في الاحكام الجنحية. إذ تنص الفقرة الثانية من المادة السادسة على ما يلي:
«تستثنى من أحكام الفقرة الاولى أعلاه(أي القرة التي تتكلم على وقف الآجال) آجال الطعن «بالاستئناف الخاصة بقضايا الاشخاص المتابعين في حالة اعتقال، وكذا مدد الوضع تحت الحراسة النظرية الاعتقال الاحتياطي
وأن هذه الفقرة تعني:
1 – أن الشرطة القضائية يجب عليها أن لا تحتفظ بالأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية أكثر من المدة القانونية الجاري بها العمل قبل الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية.
2 – أن قاضي التحقيق والمحكمة يجب عليهما أن لا تحتفظا بالمتهم أكثر من المدة القانونية للاعتقال الاحتياطي الجاري به العمل قبل الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية.
3 – أن على المحاكم الجنحية ألا تتوقف عن البت في القضايا المعروضة أمامها أثناء فترة الطوارئ الصحية. وأن تستمر في عملها بصفة عادية.
بينما عندما نعود إلى التشريع الفرنسي نجده مدد في فترة الحراسة النظرية وفترة الاعتقال الاحتياطي أثناء فترة الطوارئ الصحية. إذ ينص الفصل 16 L’Ordonnance رقم 2020.303 على مايلي:
En matière correctionnelle, les délais maximums de détention provisoire ou d›assignation à résidence sous surveillance électronique, prévus par les dispositions du code de procédure pénale, qu’il s’agisse des détentions au cours de l’instruction ou des détentions pour l’audiencement devant les juridictions de jugement des affaires concernant des personnes renvoyées à l’issue de l’instruction, sont prolongés plein droit de deux mois lorsque la peine d’emprisonnement ……….
لكن المهم في المادة 5 من المرسوم بقانون أنها لم تنص على السماح للقاضي بأن يحاكم أي متهم في غيبته وأن يمنع من الحضور إلى الجلسة التي تعرض فيها قضيته.
ومن المفيد الإشارة إلى أن عدة جلسات تتعلق بالمعتقلين عقدت وتمت محاكمة المتهمين فيها عن طريق استعمال وسائط الاتصال عن بعد من داخل السجون.
وبغض النظر عن الملاحظات التي أثيرت بخصوص كيفية تدبير المحاكمة عن بعد، والتي ليس اليوم وقت تقييمها. إلا أنه من الواجب الإشارة إلى أن المعلومات التي تصل من المحامين الذين حضروا تلك المحاكمات تبين أن السادة القضاة كانون يخيرون المتهم ومحاميه هل يقبل بأن تجرى محاكمته بدون نقله من السجن وهل هو مستعد للجواب عن أسئلة المحكمة عبر وسائط الاتصال عن بعد أم لا.
وأنه عندما يتمسك المتهم أو محاميه بضرورة حضور المتهم شخصيا أمام المحكمة، فان هذه الأخيرة تؤخر الملف لجلسة أخرى في انتظار رفع حالة الطوارئ الصحية. وبطبيعة الحال تبت في طلب السراح إن قدم لها. لكن عندما نعود إلى التشريع الفرنسي نجده ذهب إلى العكس من ذلك، أي مكن المحكمة التي تبت في القضايا الجنحية، باستثناء القضايا الجنائية، من محاكمة متهم معتقل بدون إلزامها بإحضاره من السجن، بل وبدون أخذ رأيه في ذلك. وهو ما يتبين من الفصل 5 من L’Ordonnanceرقم 2020.303 والذي ورد فيه ما يلي:
Par dérogation à l’article 706-71 du code de procédure pénale, il peut être recouru à un moyen de télécommunication audiovisuelle devant l’ensemble des juridictions pénales, autres que les juridictions criminelles, sans qu’il soit nécessaire de recueillir l’accord des parties.
En cas d’impossibilité technique ou matérielle de recourir à un tel moyen, le juge peut décider d’utiliser tout autre moyen de communication électronique, y compris téléphonique, permettant de s’assurer de la qualité de la transmission, de l’identité des personnes et de garantir la confidentialité des échanges entre les parties et leurs avocats. Le juge s’assure à tout instant du bon déroulement des débats et le greffe dresse le procès-verbal des opérations effectuées………….
وهكذا نرى الفرق بين تعامل التشريع المغربي وبين تعامل التشريع الفرنسي بخصوص حق المتهم في الحضور في الجلسة التي سيحاكم فيها.
لكن ما يجب الإشارة له كذلك هو أن ما يختلف فيه التشريع الفرنسي عن التشريع المغربي. هو أن الحكومة الفرنسية أصدرت 51 Ordonnancesغطت كل الحالات، بما فيها وقف أداء واجبات الكراء وفواتير الماء والكهرباء، إذ ينص الفصل 11 من قانون 2020.290 المشار اليه أعلاه على ما يلي:
f) Adaptant les règles de passation, de délais de paiement, d’exécution et de résiliation, notamment celles relatives aux pénalités contractuelles, prévues par le code de la commande publique ainsi que les stipulations des contrats publics ayant un tel objet
g) Permettant de reporter intégralement ou d’étaler le paiement des loyers, des factures d’eau, de gaz et d’électricité afférents aux locaux professionnels et commerciaux et de renoncer aux pénalités financières et aux suspensions, interruptions ou réductions de fournitures susceptibles d’être appliquées en cas de non-paiement de ces factures, au bénéfice des microentreprises, au sens du décret n° 2008-1354 du 18……….
لكن في تقديري فإن التشريع المغربي عندما نص في المادة 5 من المرسوم بقانون على وقف الآجال بصفة عامة، وبدون أن يحدد نوعا معينا من تلك الآجال، يؤدى ذلك إلى خضوع كل الديون وغيرها من الاستحقاقات المرتبطة بأجل إلى ما تنص عليه المادة 5 من وقف سريان الآجال. مع كل ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية.