سر سير سييير أيها المغرب إلى العلا

مصطفى العراقي

هو مونديال ليس كسابقيه، تنظيما وتنافسا وفرجة …ودروسا وحقائق ..
مونديال قطر 2022 بوأ المغرب مكانة عالمية ليس فقط في مسار المقابلات والانتصارات التي حققها فريقنا الوطني ..بل كذلك الحضور القوي لبلادنا بعواصم ومدن العالم بفعل ما أبدعته أقدام ورؤوس لاعبينا وبسالة حراس مرمى النخبة الوطنية. ولم يشهد التاريخ في ما أحتمل تواجدا لعلم دولة يرفرف في مسيرات وتجمعات بربوع القارات مثلما عليه الأمر مع علم المغرب.
وهذا الفرح العارم الذي تدفق مساء السبت الماضي بمدن وقرى الوطن لم نر مثله، على الأقل، منذ خمسين سنة الماضية في حدث المسيرة الخضراء .. الملايين من المواطنات والمواطنين ومن ضيوف المغرب جاليات ودبلوماسيين خرجوا احتفالا يوحدهم الانتصار والعبور إلى نصف النهاية وأياديهم تلوح بالراية الحمراء تتوسطها نجمة خماسية خضراء.
أيها المغرب سر، سير، سيير إلى النهائي وإلى تحقيق حلم الفوز بالكأس…بعد أن أطاحت بعتاة الكرة المستديرة.
أيها المغرب سر إلى مرحلة جديدة ليست كسابقتها ..فهذا الشعب الذي غمره الفرح بحاجة إلى سياسات جديدة تقلص من الفوارق وتكرس العدالة بمختلف أشكالها .. إلى اجتثاث مظاهر الفقر والهشاشة، إلى جودة التعليم والتطبيب والسكن والخدمة العمومية.
إلى وضع حد لهذا الجشع الذي يضع يده في جيوب الناس ويأخذ عرق جبينهم ..لهذا الفساد الذي تعرفه إدارات وقطاعات ..لهذا الظلم الذي يهين كرامة المواطنة والمواطن.
أيها المغرب، السبت الماضي وهو بالمناسبة ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، لنعتبره «حركة 20 فبراير جديدة» تتمخض عنها إصلاحات جذرية للمشهد السياسي بمؤسساته وآلياته وتشريعاته.
أيها المغرب. شعبك يستحق سعادة بلا ضفاف. تنمية مستدامة بلا فوارق وبلا ريع …
هو مونديال كشف كذلك عن نفاق دول ومقاولات ووسائل إعلام. وفضح ازدواجية خطاباتها وانتهازية سلوكياتها. ونسف استعلاءها المقيت وادعاءاتها بأن قيمها هي قيم تحضر وتطور..وشنت حملات مغرضة غلفتها ب»حقوق الإنسان» وكأن الإنسان الإفريقي والعربي والآسيوي… المتواجد بترابها تمنحه تخمة من الحقوق ..وجعلت من برامج في قنواتها وصفحات من جرائدها مناسبة لازدراء الآخر والتهكم على عاداته وتقاليده .. ومست بذلك المبدأ الذي يتمثل في كونية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة.
هو مونديال قطر الذي من نتائجه إرباك حسابات جارتنا الشرقية الجزائروإسقاط رهاناتها. فقد وصل بنظامها الحمق إلى درجة أنها منعت إعلامها العمومي الإعلان عن نتائج مباريات أسود الأطلس. بل جعلت كلمة «المغرب» محظورة في نشرات الأخبار. وهنا لا بد أن أشيد بقنوات خاصة أفاضت في الإشادة بالمنتخب الوطني ..
ها هو نظام المؤسسة العسكرية ينزل بكل قواته البوليسية ليمنع احتفالات الشعب الجزائري بفوز الفريق المغربي خشية أن يستعيد الشارع حراكه.
كان تبون وشنقريحة يراهنان على مشاركة الفريق الجزائري ونتأسف لعدم تأهله، ليجعلا من حضوره بالمونديال امتدادا لتوظيف كرة القدم في مواجهة الحراك الشعبي. ورأينا كيف تم استغلال تظاهرة كأس العرب ومقابلات الفئات الصغرى وتدوينات تويتر…
ومثلما سقطت ورقة كرة القدم سقطت من يده ورقة ادعائه أنه عقد قمة جمعت شمل العرب ..فانتصارات المنتخب المغربي وحدت الشعوب العربية في الفرح وفي تجديد التأكيد على الروابط التاريخية التي تجمع هذه الأمة المتواجدة بين المحيط والخليج.
وسقطت ورقة أراد توظيفها وكأنه الوصي على القضية الفلسطينية وأنه لا حق للفلسطيني أن يرفع علما سوى علم الجزائر ولا صورة سوى صورة تبون. ها هي فلسطين تصدح باسم المغرب وترفع راياته خفاقة وتبدع أغاني وأناشيد بمناسبة انتصاراته.
إنه مونديال قطر الذي أفرز حقائق وأنتج تحولات ورفع سقف أحلامنا، وأطاح برهانات ..وحلق فيه وفي العالم علم المغرب عاليا..
سر سير سيييير أيها الركراكي ووليداتو إلى المجد. سر أيها المغرب إلى العلا.
وليكن مغرب ما بعد المونديال مختلفا عما قبله، فهذا الشعب يستحق وطن الحقوق والحريات والكرامة.

الكاتب : مصطفى العراقي - بتاريخ : 14/12/2022