سيدي إفني الجريحة

بديعة الراضي
يوم الخميس 21 دجنبر من السنة الحالية، ستجرى الانتخابات الجزئية بإقليم سيدي إفني، والتي يتنافس فيها حزبان من الأغلبية الحكومية، وكيفما كانت النتيجة – التي سيعلن عنها في الساعات المقبلة- التي خاض فيها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالإقليم، حملة نظيفة، عمل فيها مرشحنا على تقديم برنامجه، الذي وجد فيه الإنصات الكبير من ساكنة مختلف الجماعات والدواوير، فإن التاريخ سيسجل مجموعة من الخروقات أقدمت عليها السلطات المحلية، في مشهد موثق لبعض رجالاتها من شيوخ ومقدمين ومكلفين، هؤلاء الذين دونت أسماؤهم في مراسلات رفعها مرشح الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية محمد بلفقيه، على وجه السرعة، إلى السيد عامل جلالة الملك على الإقليم، بعدما ظل هاتفه يرن دون جواب، واكتفت سكرتاريته برد دون معنى، وكذلك أقسامه وإدارته التي انتصبت كإقامته المطلة على البحر الجزيرة، في مشهد معزول لمدينة محاصرة بالفعل والقوة.
وظلت الرسالة عالقة فوق مكتب السيد عامل الإقليم، دون أدنى تحرك للحد من الخروقات الخطيرة التي تحدث فوق تراب، أدى العامل القسم أمام جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، لحمايته وتطبيق القانون به، وفقا للدستور وقوانينه المصاحبة، وتحقيق الأمن والاستقرار، في منطقة تغلي بما في الكلمة من معنى، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، مما يستدعي الدقة والحذر، والحرص على التدبير الشفاف والنزيه، والابتعاد عن كل ما يمكن أن يحرك أي نعرة قبلية أو حزبية، من شأنها أن تعرض استقرار المنطقة إلى هزة، لا قدر الله، تتداخل فيها المطالب الاجتماعية بالإحساس ب»الحكرة» والتحيز لحساسية سياسية ضد أخرى.
إن اضطرار قيادة الاتحاد الاشتراكي لمراسلة وزير الداخلية في موضوع الخروقات، التي تمت مراسلة السيد عامل إقليم سيدي افني بشأنها من طرف مرشح الحزب، وظلت عالقة بدون جواب أو تحرك، وكذلك البيان الصادر عن عضوين من مؤسسة الجماعات المنتخبة، يضع العامل في موقع مساءلة من طرف الرأي العام المحلي والوطني، كما أن مطالبة قيادة الاتحاد الاشتراكي وزير الداخلية بالتدخل بما يراه مناسبا، كفيل بإرسال لجنة لتقصي الحقائق حول ما حدث بالفعل، في وقت نريد فيه بناء نموذج تنموي جديد بالمغرب، يرتكز على مأسسة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ونفعل فيه المبدأ الدستوري في المسؤولية والمحاسبة، مغرب نتوق فيه إلى الضرب بيد من حديد على كل من خولت له نفسه أن يستعمل، بشكل أو بآخر، مواقع القرار الإداري أو السياسي، أو أن يمارس «الحكرة» على مواطنين بالضغط على مدبري شؤونهم الجماعاتية المنتخبة، بأساليب جعلتنا اليوم في مأزق كبير، كمغرب متطلع إلى آفاق مغايرة، نلتمس الخروج من تداعياته السلبية على مؤسساتنا الاستراتيجية، التي يوجد على عاتقها التوجه إلى التفكير في مفهوم النموذج التنموي الجديد الذي جاء على لسان أعلى سلطة في بلادنا.
لا شك أن ما حدث في حملات الانتخابات الجزئية في سيدي إفني، هو موضوع مراسلات لعامل الإقليم ولوزارة الداخلية، كما هو موضوع بيانات الإدانة والشجب والرفض الشديد لمختلف الممارسات غير المشروعة والتي تنهجها مختلف الجهات المتدخلة في الاستحقاقات الانتخابية الجزئية، بيانات كان أقواها ما جهر به عضوان من مؤسسة “أعضاء مجالس الجماعات الترابية” عن الضغط والاستمالة وجل الأنواع الحاطة بهيبة وقدسية المؤسسة والتي مارستها هذه الجهات.
بل إن تقدم العضوين المذكورين بنداء يحذر» الساكنة، من منطق المسؤولية، من هذا التوجه الذي سيؤثر على واقع المشاركة السياسية مستقبلا، وخاصة تدبير الشأن المحلي والرفض القاطع لأية عملية استغلال غير مشروعة لأعضاء المجالس الجماعية، كما اعتبرا الواقعة ابتزازا لمؤسسة المجلس الجماعي، وتهديدا لمؤسسات الدولة وللبناء الديموقراطي، لكفيل بفتح تحقيق في الموضوع، وجعل مناسبة الانتخابات الجزئية في الإقليم، بوابة لبناء فضاء مغاير بقول الحقيقة كل الحقيقة لشعبنا التواق للبناء الجديد.
إن زمن الصمت قد ولى، ومن لم يلتقط الإشارات التي قادت عمالا وقيادا وبشوات إلى مجالس تأديبية وعزل، وربما إلى محاكمة، فعليه أن يعلم أن الكل مسؤول في بناء المغرب الذي نريد ، مغرب القوانين وتقوية المؤسسات بتنظيفها أولا، وليس في ذلك شخص أكبر من إرادة القانون ودولة الحق، بالعدل والمساواة بين كافة المواطنين والمواطنات.
الكاتب : بديعة الراضي - بتاريخ : 19/12/2017