سيدي حسن السوسي كما عرفته… 5/2
عبد السلام الرجواني
دام تواجدنا، انا وحسن، بالرباط سنة واحدة، كانت حافلة بالعطاء النضالي الصادق، والمحبة الطافحة بالامل. نذر حسن وقته وتفكيره لمهمة الإعداد للمؤتمر الوطني السادس بعد رفع الحظر، ضمن لجنة التنسيق الوطنية التي كان من بين أعضائها عيوش والاطلسي، وادريس لشكر والجداوي، العلوي وبناصر، وهي اللجنة التي يعود لها الفضل في إدارة الحوار بين مكونات الحركة الطلابية وتحقيق التوافق حول برنامج مرحلي، بدعم من بعض اعضاء اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني 15، أمثال أحلافي وامغار والشافعي من خارج السجن، وعبد الواحد بلكبير نائب رئيس المنظمة والمعتقل آنذاك بسجن مكناس.
صحبة هؤلاء طاف حسن مختلف المؤسسات الجامعية المغربية والمعاهد والمدارس العليا، وساهم في تاطير عشرات التجمعات الحاشدة في إطار التعبئة للمؤتمر المقبل. وأبان الرجل الفيلسوف عن مهارة في الخطابة دون صخب، وقدرة على الحجاج والاقناع، وصلابة في الدفاع عن مواقف فصيل الطلبة الديمقراطيين، كما ابان في نفس الوقت عن حنكة في تدبير الخلافات داخل الحركة الطلابية من منطلق المبادئ المؤسسة للاتحاد الوطني لطلبة المغرب: الوحدة والديمقراطية والتقدمية والجماهيرية.وهي المبادئ التي تمسك بها حسن عبر كل تجربته في قيادة الحركة الطلابية المغربية في فترة اعادة البناء رغم كل الصعوبات. دافع ضد الهيمنة وضد العدمية والانتهازية اليمينية واليسراوية، وقاوم بحجة المنطق والتاريخ الاتجاه اللاوطني داخل اوط م وعمل ما بوسعه بتوجيه من قيادة 23 مارس على ترسيخ الوحدة النضالية الفصائل الوطنية الديمقراطية، وباختصار كان له دور متميز في خلق شروط انعقاد المؤتمر الوطني 16.
بعد كل تجمع جماهيري، وبعد كل اجتماع تنسيقي، يعود حسن ومعه الرفيق محسن، الى القيادة المحلية لمنظمة 23 مارس، للاخبار والتشاور وبلورة المواقف التي يجب اتخاذها ازاء تطورات الساحة الطلابية. وكان حسن دقيقا في سرد المعطيات وتحليل المواقف، وواقعيا في تقدير موازين القوى، ومنصتا جيدا لآراء الرفاق. في لقاءاتنا تلك بشقة حسان، كانت تستمر لقاءاتنا طويلا، وقد اذهلني حسن بصبره وقدرته على التحمل وإصراره على اكمال جدول الأعمال.
بين الفينة والأخرى كنت اسرق حسن من لجة اوطم لنرتاد معا، اوصحبة غسان حانة « ليل نهار» لننعم بلحظات استرخاء قلما يجود زماننا بها… ورغم كل محاولات ممازحة حسن كان هو حريصا على الا يتعدى الحدود… ان ضحك، ضحك باقتصاد، وان حكى نكتة، اختار النكتة الدالة، وان…. وان… فعل ذلك بمقدار.
في هذه الأجواء عشنا تجربة الرباط رفقة محسن والاطلسي واحمد بنعزوز وآخرين… وفيها ايضا تعرف حسن على حبيبتي وزوجتي فاطمة التي ارتاحت للرجل، وصارا صديقين عزيزين. والحق يقال ان حسن كان محبوبا عند كل الرفيقات، التالية وحورية ونزيهة وغيرهن، لدماثة اخلاقه وطيبوبته وتلقائيته… وفي هذه الأجواء تم التحضير للمؤتمر الخامس عشر الذي كان حسن عضوا بلجنته التنفيذية. للاسف غادرت الرباط ذاك الصيف الى سوس حيث عينت أستاذا للفلسفة ولم أحظى بحضور المؤتمر….
الكاتب : عبد السلام الرجواني - بتاريخ : 05/11/2020