«سير.. سير..سير» لصنع أفراح أخرى وأمجاد كبرى بعيدا عن حناجر الانتهازيين

جلال كندالي

مرة أخرى يخلق المغرب الحدث ، بعدما صنعه من قبل طيلة زمن المونديال بقطر، ومازال صداه يتردد في الإعلام العربي والدولي إلى الآن.
هاهو الحدث يكرر نفسه ثانية بصورة تليق ببلد ضارب بجذوره في عمق التاريخ، بعد الاستقبال الشعبي للأبطال القادمين من دولة قطر الشقيقة، حيث كتبوا التاريخ هناك.
الكل تتبع،كيف تهيأت الرباط وسلا ومعهما قلوب المغاربة جميعهم من طنجة إلى الكويرة، لتكون اللحظة في مستوى هذا الإنجاز الذي يرقى إلى مستوى الإعجاز،وهذه الملحمة الكبرى التي صنعتها الإرادة الجماعية والعبقرية المغربية،ليضفي عليها الاستقبال الرسمي الذي خصصه الملك محمد السادس للأسود فخر المغرب والعرب وقارتنا السمراء، لمسة خاصة بالصوت والصورة، لمسة ملكية لخصت كل شيء، وتضمنت رسائل متعددة الأبعاد، تكرس صورة ومكانة وعراقة هذا البلد بين الأمم والشعوب، منذ زمن بعيد، حيث كانت فيه الملكية والشعب جنبا إلى جنب، صنعوا فيها الأمجاد والملاحم والبطولات، كما يخبرنا بذلك التاريخ. الصورة التي تتبعها العالم من داخل القصر الملكي، حرص الملك رفقه ولي عهده وشقيقه، على تكريم أبطالنا واحدا واحدا ، في مشهد طغى عليه الحب والفرح المرسوم على قسمات الوجوه وفي نظرات العيون، جعلت بلادنا حاضرة مرة أخرى في العناوين الرئيسية والافتتاحيات للصحف الكبرى والقنوات العالمية، ومثار تحاليل وتعليقات الإعلاميين وغيرهم ممن أبهروا بهذا البلد الذي فرض احترامه وحبه على الجميع.
المشهد لم ينته هنا، بل انتقل من ملاعب قطر، حيث غزت صور لاعبينا مع أمهاتهم كل بقاع العالم، وأثار نقاشا واسعا حول هذا الجدار الذي احتمى به جنودنا في هذه المعركة الكروية، وكانت فعلا «مربوحة» وقد استمر ذلك وتكرس من خلال تكريم أمهات الأسود في مشهد يسلط الضوء على مكانة الأسرة والعائلة في القيم المغربية، والصورة التذكارية التي يتوسط فيها ملك البلاد رفقة ابنه وشقيقه مع أسود الأطلس وأمهاتهم في جو عائلي، دليل عملي على ذلك، ورأى الجميع، كيف كان يتبادل الملك أطراف الحديث مع الأمهات الملهمات، وفي ذلك تكريم لكل نساء المغرب، وهو الاستقبال أيصا الذي أبهر العالم، بعدما أبهر قبلا من طرف كتيبة وليد الركراكي الذين حققوا إنجازا غير مسبوق على أكثر من مستوى، سواء تعلق الأمر بمستوى العطاء المتوج بالانتصارات التي أطاحت بأقوى وأعتى المنتخبات وأخرجتها من المونديال، وكذلك على مستوى الرسائل المرتبطة بالقيم المغربية والعربية والإسلامية، التي مثلها أسود الأطلس وأمهاتهم والجمهور المغربي، هذا الأخير الذي أدهش الجميع بانضباطه وأغانيه وأهازيجة وشعاراته وترديده للنشيد الوطني الذي رفعه بصوت هادر، ورفع معه العلم المغربي جنبا إلى جنب مع العلم الفلسطيني.
ماحدث لن يكون بالتأكيد حدثا عابرا ،إنه حدث سيكون له مابعده، ليس على مستوى الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص، بل على مستوى كل المجالات الأخرى، وما علينا إلا أن نردد بصوت واحد شعار هذه المرحلة «سير سير سير» لصنع أفراح أخرى وأمجاد كبرى، بعيدا عن حناجر ممن تعودوا على استغلال الفرص وركوب الانتهازية، من أجل الاغتناء و تنفيذ استراتيجياتهم الفردية، لاينقصنا أي شيء من أجل تحقيق ذلك على أرض الواقع، وهي الأرض التي يجب أن يتم تنقيتها من الطفيليات حتى تزهر وتنبت نباتا طيبا، يكفي أن تكون هناك «النية» طبعا التي قصدها وليد الركراكي ذات ندوة صحفية، وليست النية السيئة التي فضحتها تذاكر مونديال قطر، ومنهم الكثيرون، وقد آن الآوان «باش يخويو التيران».

الكاتب : جلال كندالي - بتاريخ : 26/12/2022