شطحات وهذيان منابر … في صحافة جارتنا الجزائر
مصطفى العراقي
بعض المنابر الإعلامية الجزائرية ورقيةً وإلكترونية ،وسعت من حيز هذيانها تُجاه المغرب .. وفتحت المزيد من صفحاتها هذه الأيام لتحولها إلى ساحة وغى رملية مشبعة بالأوهام وبالأكاذيب، يقودها «خبراء استراتيجيون» و«أساتذة جامعيون» و«صحافيون» … ارتدوا بِذلات عسكرية تشبه ما ارتداه بطل فيلم «الزعيم»، وأطلقوا العنان إلى «دباباتهم»/أقلامهم لتنتج ادعاءات أحيانا مثيرة للضحك .
تقول هذه «الفيالق» التي تأتمر بأوامر المؤسسة العسكرية الجزائرية ،إن المغرب خرق اتفاق وقف إطلاق النار، وأسقطه وكأنه -ودون سبب أو مبرر- دفع بالقوات المسلحة الملكية إلى معبر الكركرات.وكأن هذه المنطقة بين بلادنا وجارتنا الجنوبية موريتانيا، كانت آمنة تنساب فيها -وكما كان الشأن منذ عقود- حركة تنقل البضائع والأشخاص .
هذه المنابر الجزائرية، تصمت صمتا مطلقا على شطحات ميليشيات البوليساريو،المتمثلة في دفعها عناصرها لإقامة حواجزَ ومتاريسَ بالمعبر، وإرهاب السائقين العابرين، واتخاذهم رهائن هم وشاحناتهم وسياراتهم وسلعهم .. ونشرها لمركبات عسكرية على مشارف المعبر ..
المغرب لم يطلق ولو رصاصة واحدة، وهو يعيد الوضع الميداني وتحت مراقبة قوات المينورسو؛ إلى ما كان عليه من قبلُ .. قبلَ شهر . والمغرب لم يتخطَّ الجدار الأمني ليمارس استفزازا، وينطق سِبابا وشتْما … كما فعلت ميليشيات البوليساريو التي ما فتئت عناصرها القيادية تلوّح بالحرب خاصة بعد الاحتقان الذي يتوسع يوما بعد يوم بمخيمات تندوف..
تنشر هذه المنابر وعلى لسان «خبرائها الاستراتيجيين» أن «المغرب اختار ظرفية تنشغل فيها الجزائر بمرض رئيسها …». وتتناسى أن بلادها عاشت فترة فراغ رئاسي لأكثر من ست سنوات، كان فيها الرئيس السابق مريضا مُقعدا ميّتا سريريا … بل كانت ومازالت تعيش على إيقاع أزمة سياسية عميقة وجهُها البارز: الحراك الشعبي المستمر منذ فبراير 2019 . وما عبرت عنه نسبة المشاركة المتدنية جدا في الاستفتاء على الدستور قبل أسبوعين…
المضحك في تحاليل هؤلاء «الخبراء» أن «التراجع العسكري للمغرب بالأراضي الصحراوية في الساعات والأيام الماضية تكتيكي . ينتظر منه أن تطال قوات الجانب الصحراوي صحراء وزنزرت التي يستقر بها اليهود المغاربة، وبالتالي إيجاد طريقة لحمايتهم». هذه الفقرة مأخوذة حرفيا من تحليل لأستاذ للعلوم السياسية بجامعة معسكر الجزائرية .. ونعتقد أن هذه الصحراء، وهذا التراجع التكتيكي، لا يوجد إلا في هذيان هذا «الاستاذ الجامعي»!
في هذه الصحافة الجزائرية، ثمة من أطلق «صرخة» اهتزت لها أوراق الصحيفة، التي نقلت التصريحات، والتي تقول إن الجزائر مهددة، وأن «هناك لعبة التطويق الاستراتيجي للجزائر». وتناست هذه المنابر أن نظام بلادها السياسي، هو الذي اختار التطويق الذاتي، بإصراره على استمرار إغلاق الحدود مع المغرب منذ 1994.
وأن «اختيار المغرب لهذه اللحظة، يحيل على حصوله على ضوء أخضرَ من جهات دولية معينة لا تحب الخير للمنطقة ككل…». وكأن القوات المسلحة الملكية استفاقت صباح 13 نونبر الجاري وكان معبر الكركرات هادئا خاليا من أي مظاهر استفزازية، فقررت أن تقيم حواجزَ وتقوم بإجراءات …
من لا يحب الخير للمنطقة؟؟؟ هل غاب عن هذه الصحافة، أن جنرالات الجزائر قرروا إغلاق الحدود مع المغرب منذ 1994. في خطوة تُحْرم الشعبين المغربي والجزائري والبلدين معا، من التواصل والتنقل ..ومن يقف حجرعثرة في وجه اتحاد المغرب الكبير؟؟ بل من اصطنع هذا النزاع المفتعل منذ بداية عقد سبعينيات القرن الماضي ويحتضن فوق ترابه ميليشيات مسلحة تستهدف المغرب ووحدته الترابية؟؟ أليس هي روح الهيمنة الإقليمية التي تسكن المؤسسة العسكرية، التي تحكم قبضتها على الجزائر منذ استقلالها سنة 1962؟؟
إلى هذه المنابر التي تكتب من محبرة العسكر الذي يحجب حقائق التاريخ بغربال الإشاعات والأباطيل..إليهم نقول وكما قال جلالة الملك: «المغرب في صحرائه. والصحراء في مغربها. والقوات المسلحة الملكية وتساندها وحدة الشعب المغربي، كانت وستبقى الصخرة التي تتحطم عليها أطماع الذين يسعون نحو إضعاف بلادنا» ..
الكاتب : مصطفى العراقي - بتاريخ : 18/11/2020