ضد إضعاف واستهداف القوى الوطنية التقدمية واليسارية

بقلم: مصطفى المتوكل

طوال عقود الاستقلال وإلى اليوم تعرض الاتحاد الوطني / الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وقوى اليسار والقوى الوطنية التاريخية لمؤامرات ودسائس، وهيئت ضدهم معارك وحروب مباشرة وغير مباشرة وأخريات إعلامية وترويجية للأكاذيب والإشاعات للتأثير المرحلي على الرأي العام، لإلهاء وتشتيت الانتباه ولتهميش الاهتمام بالقضايا والبرامج الصادقة المدافعة عن مطالب ومطامح المواطنين والمواطنات ولتعطيل التغيير والإصلاح السياسي والمؤسساتي، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وإغراق المجتمع وسط مزابل الميوعة والابتذال والاستهتار والتضبيع والتضليل والتجهيل في جميع المجالات…
إن أقصى غايات من ينتجون ويروجون (للخشلاع* ) في الثقافة والفنون والإعلام ومواقع التواصل وفي الحياة العامة هو جعل الناس من جنس المروج له، فيصدق عليهم قوله تعالى: (قُلِ للَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (*) أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ للَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ..) سورة الرعد.
كما أن منهم من “ ينشط “ بعد استخلاص رشوته لإثارة الفتن والشكوك والصراعات بالترويج لمسلسلات نظريات المؤامرة والتآمر والمظلومية، والبعض الآخر يستقصد ويحاول عبثا الإساءة للعاملين الميدانيين بالقوى الوطنية والتقدمية والحقوقية لإفساح مجال لإظهار أسماء مصنوعة مأمورة ومطيعة مكلفة بمهام استمرار مناهضة كل ما هو متنور ومفيد، يلبسون لكل محطة لبوسها وصباغتها لإدارة معارك وهمية ضد القوى الوطنية الحية البناءة، لخدمة أجندات لامصلحة لها في التحديث والإصلاح والدمقرطة..
إن المؤلم في هذا التآمر هو أن يـيسر الوطنيون والتقدميون أمر هؤلاء بتعطيلهم لكل ما هو مشترك ودخولهم في خلافات وتناقضات ثانوية وتسطيحية في ما بينهم، هذا ما يجعلهم مختلفين مع أهدافهم ومبادئهم فينجم عن ذلك عدم الثقة وتأسيس أحكام متفائلة بحذر ويائسة عند جماهير من الذين يعقدون الأمل عليهم لبناء مغرب الغد المنشود..
فبناء الوطن والدفاع عن مصالحه ومواجهة أعداء العدالة والحرية والتنمية الحقيقية لايكون بقوات مشتتة ومجزأة قاعديا وقياديا يناقض بعضها بعضا، يبخسون أعمالهم، ويضيعون بوصلة النضال مما يتسبب في المزيد من التفرقة وتعميق تناقضاتهم وتباعدهم فيـيسرون مرور قرارات وسياسات جائرة تمس بالطبقات الكادحة وتضعف الحركة النقابية والعمل المدني و..
إن تلك المسارات العبثية متكررة لدرجة القرف والوساخة عبر التاريخ، يتمكن من يقف خلفها من التأثير في سير الأحداث بالعرقلة ونشر الفتن وتعميق التخلف، إن الرصد التاريخي وثقهم كخونة ومفسدين وتافهين سواء من تستر منهم خلف جبة «العلماء» أو رداء الثروة أو غطاء «السلطة»، كما وثق المزايدين بالمواقف المتطرفة والعدمية و،، كل هؤلاء حولوا المشهد السياسي والمجتمعي إلى فضاءات لنفايات (الخشلاع) والزبد الذي ينتجه وينشره الكذابون، والمنافقون، والجشعون الذين لا يراعون لا العرف ولا العقل ولا الشرع ولا القانون ولامصلحة الوطن والشعب، جاء في الأثر: (لا تمزح فيذهب بهاؤك، ولا تكذب فيذهب نورك، وإيّاك وخصلتين : الضّجر والكسل، فإنّك إن ضجرت لم تصبر على حقّ، وإن كسلت لم تؤدّ حقّا)
(*) الخشلاع في التفسير الدارج بالمغرب هو كل النباتات الجافة والميتة ومنها الشوكية التي تجرفها الوديان بعد تساقط الأمطار وتتسبب في الإضرار بمن يقطع الوادي، وتلوث ضفتيه وشواطئ البحر، ويطلق شعبيا على الذين يفسدون ويسيؤون للناس والمجتمع ولا يصلحون.

الكاتب : بقلم: مصطفى المتوكل - بتاريخ : 07/05/2021